إعصار ساندي يعصف بالمفاهيم

منذ 2015-01-21

وفي هذا السياق تأتي قضية الدعاء على الكفار وليسوا أي كفار بل أعظم الكفار حربا على الإسلام والمسلمين ألا وهم الكفرة الأمريكان فتصدم بكتابات التعاطف معهم ولم يبق إلا أن يطالبوننا بالدعاء لهم ليرأف الله بهم حتى يستمروا في قتل المسلمين واضطهادهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

في سنوات مضت كان جهد الدعاة الأكبر منصباً على معالجة مشكلات سلوكية وفي السنوات الأخيرة حدثت مشكلة كبرى هي الانحراف في المفاهيم الشرعية البدهية التي يقرأها المسلم في كتاب ربه ثم يعتقد خلافها وكأنه لم يقرأها.

وعلى رأس تلك الانحرافات الانحراف في عقيدة البراء من الكفار والتي تكشفها الأحداث والحوادث والأعاصير.

وليت أن هذا التحريف يصدر من منحرفين فقط بل تجد من يتصدر له وهو محسوب على العلم وأهله تمييعا للدين ومجاراة للمنافقين والكافرين.

ووصل الحال بالبعض إلى زعم إيمان الكفار بحجة أنهم أهل كتاب والجزم بدخولهم الجنة، ضاربا عرض الحائط بآيات وأحاديث تنص بكل وضوح على كفرهم بل والحكم بالإيمان حتى لفرعون في تكذيب صريح للقرآن الكريم.

وفي هذا السياق تأتي قضية الدعاء على الكفار وليسوا أي كفار بل أعظم الكفار حربا على الإسلام والمسلمين ألا وهم الكفرة الأمريكان فتصدم بكتابات التعاطف معهم ولم يبق إلا أن يطالبوننا بالدعاء لهم ليرأف الله بهم حتى يستمروا في قتل المسلمين واضطهادهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ألا فلنتدبر هذه الآيات:

( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس)

( وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر)

( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون)

( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا)

( وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون)

( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد)

( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)

( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)

ولا أدري كيف يقرأ هؤلاء تلك الآيات أم كيف يفهمون قول الله - عز وجل - حكاية عن نبيه موسى على فرعون وملأه: ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم)

فبماذا ستؤول هذه الدعوة؟ أولم تقتل أمريكا وتجرم أكثر من فرعون؟

وقد أشار د. ناصر العمر لملحظ جميل في الاستشهاد على مشروعية الفرح بمصاب أمريكا حين قال: " ولم لا نفرح بما أصاب أمريكا من هذا الإعصار؟ ألم يشرع لنا صيام ذلك اليوم الذي استجيبت فيه دعوة موسى على فرعون شكراً لله؟ " أ. هـ.

وفي الحديث: (( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف)) هكذا دعا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على قريش رغم أنه كان يعيش هو والمسلمون معهم في مكة؟ !!

فهل كان -صلى الله عليه وسلم- يدعو على نفسه وعلى المسلمين؟ عندما دعا على قريش وهو بينهم.

فليس من يدعو على أمريكا يقصد مسلميها قطعا بل تراه يدعو لهم بالنجاة.

وإنما قصد الكثير ممن يدعو على أمريكا هو كسر شوكتها واقتصادها وقوتها التي تقتلنا بها لا قتل شعبها رغم أن هذا الشعب هو من انتخب كبار مجرميها وقتلتها.

وإذا كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- قد حذرنا من هلاك المجتمع وفيه الصالحين إذا كثر الخبث أفلا يكون ذلك أيضا تحذير للمسلمين من الهلاك بالعيش وسط الكافرين؟

ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: (( اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق))؟

ألم يكن من دعاء عمر الذي أمرنا نبينا باتباع سنته: اللهم العن كفرة أهل الكتاب؛ الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أوليائك. اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين"

وفي الموطأ عن سعيد يقول: "أدركنا القوم يعني الصَّحابة - وهم يدعون على عُمُوم الكُفَّار"

وهذا نبي الله نوح يدعو ربه: ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا )

فهل كان نوح مخطئاً بدعائه على عموم كفار الأرض بالهلاك صغيرهم وكبيرهم؟

( ولا يظلم ربك أحدا)

ألم يدعو نبينا -صلى الله عليه وسلم- بأن ينقل الله حمى المدينة التي أمرضت أصحابه بعد الهجرة إلى الجحفة التي كان يسكنها اليهود؟ رغم أنهم غير محاربين للمسلمين بعد، ولم يظهروا العداوة له -صلى الله عليه وسلم-؟

ثم تجد من يستدل بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالهداية للكفار على عدم الدعاء عليهم وهذا خطأ من وجهين:

منع أمر مشروع بحجه أمر مشروع آخر غير مفرق لعدم التضاد بينهما ومشروعيتهما كلاهما وغير مراع لموضع كل منهما، والوجه الثاني مساواة الكافر المعتدي كأمريكا بعموم الكفار.

وفي هذا نجد ابن حجر يقول: كان -صلى الله عليه وسلم- تارة يدعو عليهم وتارة يدعو لهم، فالحالة الأولى: حيث تشتد شوكتهم ويكثر أذاهم والحالة الثانية: حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تألفهم".

فمن أي الفريقين أمريكا وقد قتلت مليونين مسلم في العراق وأفغانستان وساعدت يهود في اضطهاد وطرد عشرة ملايين فلسطيني من أرضهم وسجنت المئات من المجاهدين والدعاة والعلماء مابين غوانتنامو وسجونها الداخلية، وسخرت بنبينا -صلى الله عليه وسلم- ولازالت تقتل بطائراتها بلا طيار المسلمين بباكستان واليمن، والآن تمنع العون المادي والمسلح عن المضطهدين في سوريا، وقد قارب قتلاهم من الأربعين ألفا ثم هي تسعى الآن لخطف ثمرة جهادهم بفرض عملائها وفوق ذلك تدعم أنظمة ظالمة تضطهد شعوبها العربية والمسلمة فهل بعد ذلك تريدون منعنا من سلاحنا الفتاك (الدعاء) أن ندافع به عن أنفسنا؟

ألهذا الحد وصل بكم الذل والخنوع؟ أو تريدون إلباس ضعفكم لبوس الدين والدعوة؟ أولا تعلمون أن لكل مقام مقالا؟

أولا تعلمون أن مجلس الخوف الذي طالما استخدم في ظلم المسلمين ومنع العون عنهم عبر فيتوه الإجرامي قد أذاقه الله لباس الخوف في نيويورك هو وأممه المتحدة ضد المسلمين.

نيويورك عاصمة العالم وسوقه الرأسمالي والعالمي الأكبر "وول ستريت" أصبحت صورتها لأول وهلة كبغداد بعد دمارها

عجباً لمن يقرأ في القرآن عقاب الله لقوم عاد بالريح التي أهلكت صغارهم وكبارهم، رجالهم ونسائهم وقوم نوح (كبارهم وصغارهم) بالغرق وفرعون وجنده بالغرق ثم لا يتدبر تلك الآيات ولا يتعظ بها ولا يطبقها في واقعه عندما تقع الكوارث كما وقعت على عاد وقوم نوح وقوم لوط عندما تقع على أمريكا عدو المسلمين الأكبر وقاتلة المليونين مسلم!!

كيف سيكون موقف المشفقين على أمريكا من الإعصار لو كانوا زمن النبوة وقتله لكل بالغ من بني قريضة؟

بل وما موقفهم من إبادة الله لقوم نوح وعاد وثمود عن بكرة أبيهم صغارا وكبارا؟ !!

مشكلة أن ترى كتابا يخلطون بين رحمة الضعفاء فيكبرون صورتها ويتعامون عن الضرر الأكبر على اقتصاد أمريكا وإضعافها بهذه الكوارث التي هي من جند الله يرسلها على من يشاء.

نسعد بعقاب الله لأمريكا ونفرح بهذا الإعصار الأعنف في تاريخها ونحن نراها تخسر عشرات المليارات (50 مليار) فيضعف اقتصادها ويقصر عدوانها شيئا ما، وما عند الله أكبر ودماء المليونين لن تذهب هدرا.

ونتطلع مع ضعف المسلمين عن رد عدوانها بالمثل، أن يهلكها الله بعذاب من عنده بكوارث طبيعية يستجيب فيه لدعوات المسلمين فيها ويكف عنا عدوانها وظلمها ويقتص لنا منها خير قصاص.

( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين)

وبعون الله سيصيب أمريكا ما أصاب من طغى من الأمم قبلها حتى نتلو في شأنها قول الله - عز وجل -: ( فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد)

اللهم اشدد وطئتك على أمريكا بالزلازل والبراكين والريح والأعاصير حتى نرى ذلها ودمارها بجند الله الذي لا يغلب وقوته التي لا تقهر - عز وجل -.


إبراهيم التركي