الأمية في أمة "اقرأ"
فنحن يجب علينا أن نقرأ، وأن نفهم ما نقرأ لأن المقصود من القراءة الفهم، وأن نعرف ماذا نقرأ، وكيف نقرأ بالطريقة المثلى، وأن ننتفع به ونطبقه في حياتنا..
ينقل الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه (فصول في التفكير الموضوعي) عن الدكتور زغلول النجار في كتابه (قضية التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي) أن: "نسبة الأمية بين المسلمين البالغين تتراوح بين 50% و 80%، بمتوسط يقرب من 58%، بينما هي في دول الشمال المتقدمة، أي دول العالم الأول، أقل من 2%، ولا يزيد متوسطها في دول العالم الثالث عن 45%، أي أقل بـ13% منها بين المسلمين! ومن مؤشرات الخطر أن نسبة طلاب المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة أعوام وتسعة عشر عامًا لا تزيد على 37% من مجموع تعداد السكان في العالم الإسلامي المعاصر، بينما تزيد على 75% في دول العالم الأول، وتقارب 48% في دول العالم الثالث، أي بزيادة قدرها 11% عن العالم الإسلامي!
هذا من الناحية الشكلية المحضة، فإذا تجاوزنا ذلك إلى البحث في أحوال من نسميهم (مثقفين)، وجدنا مأساة المضمون تتكامل مع مأساة الشكل، إذ إن إنتاجية هؤلاء المثقفين وقدرتهم على رفع سقف المعرفة في بلادهم تقترب من الصفر، مما يجعل هجرة النابغين والناشطين ضربة لازب، إذا ما أرادوا أن يرتقوا بعلومهم وثقافتهم... وأسباب هذا الخلل كثيرة، من أهمها ضعف مناهج التفكير المتبعة في حل المشكلات ومعالجة الأزمات...".
وأنا كلما فكرت أن أول كلمة من الوحي الأخير نزلت على النبي الأمي الذي لا يعرف القراءة هي كلمة {اقْرَأْ} [العلق من الآية:1] ازداد عجبي، وتنامت دهشتي.. {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق من الآية:1] لا باسم شيءٍ آخر، فالقراءة موجهة لنفعين مترابطين لا ينفكان: نفع الدنيا الفانية ونفع الآخرة الباقية... ويتكرر الأمر: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق:3]، ولم يقل: الأعلم، مع أن القراءة مرتبطة بالعلم، وكأن في ذلك إشارة إلى أن القراءة في سبيل العلم، والعلم سبيل الكرامة قل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر من الآية:9].
فنحن يجب علينا:
1- أن نقرأ.
2- وأن نفهم ما نقرأ لأن المقصود من القراءة الفهم.
3- وأن نعرف ماذا نقرأ.
4- وكيف نقرأ بالطريقة المثلى.
5- وأن ننتفع به ونطبقه في حياتنا، إذ ما فائدة علم نظري لا أثر له في حياة الإنسان: «
» (مسلم، رقم: [2722]).يا أمة (اقرأ): اقرئي لتتعلمي، ولتعملي، وإلا أحاط بك الجهل، فأذلَّكِ أعداؤك وأعداء الله، والقرآنُ يقول: {وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون من الآية:8] فكيف تكون العزة للجاهلين؟!.
أحمد البراء الأميري
دكتوراة في الدراسات الإسلامية من جامعة الإمام محمد بن سعود.
- التصنيف:
- المصدر: