تغريدات مختصرة عن كتاب (السعادة الأبدية) لخالد الغنامي
هذه تغريدات مختصرة عن كتاب (السعادة الأبدية بين الدين والفلسفة) لخالد الغنامي، من باب التواصي بالحق والخير.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه تغريدات مختصرة عن كتاب (السعادة الأبدية بين الدين والفلسفة) لخالد الغنامي من باب التواصي بالحق والخير.
والحقيقة أن العنوان لم يجذبني لكثرة من كتب في السعادة بقلم المتاجرة وليس بقلم السعيد نفسه لكني اشتريته لما رأيت ذكره بين طلاب العلم والثقافة. فما استتم بي وإياه مجلسي حتى أخذ بمجامع نفسي،وصرت أقرأه قراءة المشفق من تناهيه، وهذه الحالة تعرض لي مع ندرة من الكتب، وهو منها، بلا مجاملة.
ومع أن موضوع السعادة كثرت فيه المتاجرة بالتأليف والدورات والبرامج، حتى من أكثر الناس شقاء وأبعدهم عن السعادة، حتى زهد كثير من الناس في كتبها. ولكن عنوان هذا الكتاب اسم وافق مسماه،وقد عالج المؤلف هذا الموضوع بطريقة بديعة رائقة، فقد جعله على قسمين: فالقسم الأول استطاع المؤلف = أن يلخص فيه أهم وأشهر النظريات الفلسفية في التاريخ المدون ،والحاضر المشهود ولخص فيه وهذب أهم آراء الفلاسفة الذين عنتهم هذه القضية. وقد عجبت من قدرة المؤلف على هذا التهذيب البديع، ومن قرأ في الكتب الفلسفية، أدرك ميزة ما لخصه المؤلف في كتابه، فقد اختصر عليك مئات الصفحات = من عسير الكلام ودقائقه، وقدم لك في صفحتين أو ثلاث غالباً معالم كل فلسفة حول نظرية السعادة وفلسفتها وجنّبك متاهات الفلاسفة وترهات الفلسفة، وهذا والله من عجيب ما رأيت، هذه القدرة الفائقة عند المؤلف على هذا التقريب والتهذيب، مع الوفاء بالمضمون، والفهم لمقاصدهم المتشعبة غالباً وقد استغرق هذا القسم قرابة ثلث الكتاب ولعل بعضهم يقول: وما الحاجة لذكر هذه النظريات الفلسفية التي غالب من كتبها من أشقياء الدنيا!؟
فأقول: إن هذ زمن قد فتن فيه كثير من شبابه ومثقفيه بأزمة التفلسف والسعي خلف نظرياتهم، والتشبع بكلامهم ولو بلا فهم ولاوعي فلا يمكن تجاهل ذلك.
ثانياً: لا يعرف قدر الحق من لم يعرف جحيم الضلال، فإذا طالعت ما وقع فيه القوم من جحيم الحيرة والتيه، وهم أذكياء الدنيا، ثم تقارن ذلك = بما من الله به عليك وعلى عوام أهل الإسلام، زاد شكرك لنعمة الله عليك، كما تشكره إذا رأيت أهل الأمراض والأدواء وقد متعك الله بصحتك وعافيتك.
ثالثاً: لا أظنك تظفر بمثل هذا التقريب والتهذيب لأشهر النظريات الفلسفية، فهي والله غنيمة لمن يريد أن يطالع البون الشاسع بين سعادة الوحي = وشقاء البشر في أعلى ما وصلت إليه عقولهم التي لم تستنر بنور الله ولم تهدي بهديه وإن جزاء من متعة الشطر الثاني من الكتاب،هو شكرك لله على = حين اطلعت في شطر الكتاب الأول على شقاء كبار الأذكياء والفلاسفة والحكماء والأطباء، فتزداد غبطتك بما منّ الله به عليك وعلى أهل الإيمان. ولو أن المؤلف كتب موسوعة فلسفية، هذب فيها قضايا الفلسفة بمثل هذه الطريق لكانت من كبريات المشاريع الثقافية المعاصرة، فما رأيت من فعل ذلك.
أما الشطر الثاني من الكتاب،فهو إن صح التعبير، تلخيص لفلسفة السعادة عند أهل الإيمان، ممن تنور بنور الوحي واهتدى بهداه تأصيلاً وتطبيقاً.
وقد كانت فصول الكتاب عموماً مختصرة بين الصفحتين والثلاث والأربع غالباً مما يجعل القارئ يحيط بالفكرة ويستوعبها ولا يتشتت بسبب طول الموضوع.
ومهما كتبت لك فليس يغني عن ورود الكتاب والوقوف على ما فيه من بديع المعاني وستجد فصولاً تستوقفك وربما كررتها مرات لا لصعوبتها بل لروعتها وستجد فصولاً كأنما أتت على كثير مما في نفسك، فهذبته ورتبته، وأشرقت فيه بأيات كنت تعجز عن ربطها بتلك المعاني فتعيش مع الكتاب بشغف عجيب.
وستجد فصولاً تود لو قدمتها لأهلك أو لطلابك أو لأصحابك، لبديع ما فيها من تجربة أو مهارة تختصر عليك كثيراً من العناء والمشقة بأسلوب قريب.
وقد عشت مع هذا الكتاب ساعات هي من أمتع الساعات، فكم أطربني وأعجبني ولفت انتباهي لأمور ما كنت ألتفت إليها بالقدر الكافي، مع عظيم أثرها عليّ. كنت أود أن أذكر بعض الوقفات والأمثلة، لكني وجدت ذلك يستلزم نسخ غالب ما في الكتاب ولن يغني عن أصله ولو فعلت فآثرت الإحالة إلى الأصل الوافر.
ولو لم يكن فيه إلا فصل (العقل/العدو) وفصل (الحزن) لكفاه فكيف وما من فصل إلا فيه ما يدعوك له ويناديك إليه حتى ما تخرج من فصل إلا مشتاقاً. وإن كان لي من حق في أخذ شيء على هذا الكتاب الماتع، فهو الفصل المتعلق بالقدر فمع حسنه، لكني أشعر بقصوره عن بقية الفصول في أسلوبه ومضمونه.
وقد كان بإمكان المؤلف وقد رزقه الله هذا الأسلوب الذي هو من السهل الممتنع، أن يصوغ هذا الفصل بعمق أكثر وفلسفة أعمق، مع وضوحه المعتاد خصوصاً مع تعلق كثير من شبهات الأشقياء بهذ الباب العظيم، وهو كذلك، كما ذكر المؤلف سبب لسعادة المؤمنين واستقرار نفوسهم وبعدهم عن الحيرة والقلق.
وأود أن أقول: إن من ميزات هذا الكتاب، أنه كتب إهداء، بلا تحفظ، فيمكن أن تهديه للمثقف وللعالم ولطالب العلم وللمحافظ وللمفرط، وللكافر وللمسلم. وما أجمل أن تقدمه جائزة تحفيزية لبعض طلابك أو هدية وصلة لبعض قرابتك أو لصديق فهو مما يمكن أن يفيد منه كل أحد لسهولة أسلوبه وغزارة فوائده.
هذه بعض التغريدات اليسيرة، تجولاً في رحاب هذا الكتاب الرائع لمؤلفه المبدع خالد الغنامي وأستميحه عذراً على ذلك،فقلمي دون ذلك بكثير لكنما العلم رحم بين أهله، ونصحي لإخواني ومحبتي للخير لهم دعتني لأن أنصحهم بما أنصح به نفسي.
هذا والله أعلم
حمود بن علي العمري
- التصنيف:
- المصدر: