إحياء - (283) سُنَّة عدم القراءة مع الإمام

منذ 2015-04-06

من السُّنَّة أن يستمع المأموم إلى قراءة الإمام في الصلوات الجهرية؛ كصلاة الصبح، والمغرب، والعشاء، والجمعة، والعيدين، ولا يُسَنُّ للمأموم أن يقرأ مع الإمام..

من السُّنَّة أن يستمع المأموم إلى قراءة الإمام في الصلوات الجهرية؛ كصلاة الصبح، والمغرب، والعشاء، والجمعة، والعيدين، ولا يُسَنُّ للمأموم أن يقرأ -ولو بصوت منخفض- مع الإمام؛ لأن هذا من ناحيةٍ قد يُؤَدِّي إلى اضطراب الإمام، ومن ناحية أخرى قد يصرف ذهن المأموم عن الخشوع في الصلاة؛ بل قد يصرف بقية المأمومين عن سماع الإمام..

لذا فإن السُّنَّة النبوية هي صمت المأموم أثناء قراءة القرآن، وذلك مع كامل الإنصات له؛ وقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه" "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالقِرَاءَةِ»، فَقَالَ: «هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟». فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ القُرْآنَ؟». قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ القِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".

وبالإضافة إلى ذلك يُسَنُّ للمأموم في الصلوات السِّرِّيَّة؛ أي الظهر والعصر، ألا يرفع صوته بالقراءة؛ فقد روى مسلم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ -أَوِ الْعَصْرِ- فَقَالَ: أَيُّكُمْ قَرَأَ خَلْفِي بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟». فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا». أي: نازعنيها، وعليه فإن السُّنَّة أن يستمع المأموم إلى الإمام في الصلوات الجهرية، وأن يجعل قراءته خافتة تمامًا في أثناء الصلوات السِّرِّيَّة فلا يسمعه أحد.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

تنبيه:

قد سئلت اللجنة الدائمة عن هذا الموضوع فأجابت:
الصحيح من أقوال أهل العلم وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة على المنفرد والإمام والمأموم في الصلاة الجهرية والسرية لصحة الأدلة الدالة على ذلك وخصوصها، وأما قول الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204] فعام، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا» عام في الفاتحة وغيرها، فيخصصان بحديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، جمعًا بين الأدلة الثابتة، وأما حديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» فضعيف، ولا يصح ما يقال من أن تأمين المأمومين على قراءة الإمام الفاتحة يقوم مقام قراءتهم الفاتحة، ولا ينبغي أن تجعلوا خلاف العلماء في هذه القضية وسيلة إلى البغضاء والتفرق والتدابر، وإنما عليكم بمزيد من الدراسة والاطّلاع والتباحث العلمي..

وإذا كان بعضكم يقلّد عالمًا يقول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية، وآخرون يقلدون عالماً يقول بوجوب الإنصات للإمام في الجهرية والاكتفاء بقراءة الإمام للفاتحة فلا بأس بذلك، ولا داعي أن يشنِّع هؤلاء على هؤلاء ولا أن يتباغضوا لأجل هذا، وعليهم أن تتسع صدورهم للخلاف بين أهل العلم، وتتسع أذهانهم لأسباب الخلاف بين العلماء، واسألوا الله الهداية لما اختلف فيه من الحق إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

المقال السابق
(282) سُنَّة التحفيز بالجنة والنار
المقال التالي
(284) سُنَّة ختام قيام الليل