الشيخ ناصر العمر يتحدث عن الفقيد : أيقظ الله به أمة في حياته وفي وفاته
أنا أعتقد أنها هي هي، وأن الأسلوب هو الأسلوب، والطريقة هي الطريقة، وليست هي المرة الأولى التي يقتلون فيها من المجاهدين في فلسطين وفي كل يوم نسمع خبراً، كل ما في الأمر اختلاف الأشخاص وثانياً أيضاً هم حاولوا قتل الشيخ أحمد - رحمه الله - أكثر من مرة ولم يفلحوا في ذلك، فأعتقد أن هذه سياستهم وهذا دأبهم وليس هناك جديد فيما أرى في هذا الأمر.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: فقد أجرى موقع (المسلم) هذا اللقاء مع فضيلة الشيخ ناصر العمر حول الجريمة الأخيرة التي أضافها العدو الصهيوني إلى سجل جرائمه، وهي اغتيال الشيخ/ أحمد ياسين، هذا وقد أثيرت حول الجريمة تساؤلات عدة، آثر موقع (المسلم) أن يستنار برأي أهل العلم والدعوة فيها فكان هذا اللقاء.
ما تعليقكم على الحدث؟ وكيف ترون مستقبل الجهاد الفلسطيني بعده؟
بالنسبة للسؤال الأول أقول: إن الحدث أكبر من أي تعليق، ومثل هذه الأحداث معبرة عن نفسها لا يستطيع الإنسان أن يعبر عن أكثر ما يُرى على وجه الحقيقة.
أما عن مستقبل الجهاد الفلسطيني فالجهاد الفلسطيني المشار إليه هو الجهاد الصحيح الذي يقوم إليه المجاهدون في فلسطين في حماس والجهاد وغيرها من المنظمات الجهادية الحقيقية، وأقول: إن الأمة عانت زمناً طويلاً من دعاوى الجهاد في فلسطين حتى قيض الله لها مَن يجاهد جهاداً حقيقياً تبعاً لأسلافهم الذين واجهوا اليهود مواجهة حقيقة في أوقات وسنوات ماضية ، ولكن الخيانات العربية والتآمر الدولي أثر على مسيرة الجهاد مدة من الزمن وجاءت ألاعيب أرادت أن تحول القضية عن مسارها الصحيح ، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فعادت الأمة للجهاد واقتنعت أنه لا مخرج ولا حل لقضية فلسطين ولا عودة للأرض المغتصبة إلا بالجهاد الحقيقي، فلذلك أقول: إن مستقبل الجهاد مستقبل مشرق، والجهاد لا يرتبط بأفراد بل إن مثل هذا الحدث مما يدعم الجهاد الحقيقي.
كيف ترون الدوافع الإسرائيلية لمثل هذا العدوان، والذي كان يعد خطاً أحمر لا يجرؤ عليه العدو من قبل؟
أخي الكريم ليس لدى اليهود شيء اسمه خط أحمر أبداً الذي يقرأ تاريخ اليهود منذ أرسل الله _جل وعلا_ إليهم موسى _عليه السلام_ يدرك أنه لا يوجد في تاريخهم شيء اسمه خط أحمر، هم يقولون لله جل وعلا – تعالى الله عما يقولون - : "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ" (المائدة: من الآية64)، ويقولون: "إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ" (آل عمران: من الآية181)، وآذوا موسى _عليه السلام_ أذىً عجيباً وهو من بني جلدتهم، وقد أرسله الله _جل وعلا_ لإنقاذهم حساً ومعنى، إنقاذهم من الضلالة، وإنقاذهم من فرعون الذي كان يسومهم سوء العذاب، ومع ذلك انظر ماذا فعلوا مع موسى؟ مرة يقولون: "اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ" (الأعراف: من الآية138) بعد انتقامهم من فرعون مباشرة انظر كيف يشكرون النعمة، فكذلك في آخر المسار يقولون لموسى _عليه السلام_ وهو يدعوهم إلى الجهاد والدخول إلى الأرض المقدسة: "فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" (المائدة: من الآية24) فلا يوجد في تاريخ اليهود إلا الخيانات والغدر، فالقول: إن هناك خطاً أحمر يقف عنده اليهود هذا وهم بهذه العقلية يجب أن يتعامل مع اليهود أن طبيعتهم نقض العهود "أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ" (البقرة: من الآية100) هكذا سيرتهم متكررة أبداً، كلما وقع عهد وقع النقض، فهذه سيرتهم.
ولهذا فإنني أدعو إلى دراسة سيرة اليهود دراسة متأنية، وقد أشرت إليها في كتاب (العهد والميثاق في القرآن الكريم)، وبينت ووقفت مع عهود وعلاقة اليهود وطبيعة اليهود في علاقتهم بالله وعلاقتهم بأنبيائهم؛ يقتلون الأنبياء، وقصتهم مع النبي _صلى الله عليه وسلم_ مع هجرهم المتفرق كل هذا يؤيد ذلك، الذي ينظر إلى تاريخ بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة في آخر المطاف يرى حقيقة ذلك.
أما الدافع الإسرائيلي فهي الدوافع المعروفة التي يسعون إليها على مدار التاريخ ولا تحتاج إلى دليل.
وهل يصح في هذا شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
هل يمثل العدوان على الشيخ بداية لمرحلة جديدة وخطاً سياسياً مختلفاً يتبناه العدو الآن في مقابل الانتفاضة؟
أنا أعتقد أنها هي هي، وأن الأسلوب هو الأسلوب، والطريقة هي الطريقة، وليست هي المرة الأولى التي يقتلون فيها من المجاهدين في فلسطين وفي كل يوم نسمع خبراً، كل ما في الأمر اختلاف الأشخاص وثانياً أيضاً هم حاولوا قتل الشيخ أحمد - رحمه الله - أكثر من مرة ولم يفلحوا في ذلك، فأعتقد أن هذه سياستهم وهذا دأبهم وليس هناك جديد فيما أرى في هذا الأمر.
ما نصيحتكم وتوجيهكم للمجاهدين وللمقاومين في فلسطين خاصة بعد هذا الحادث؟
نصيحتي لهم أن يتقوا الله _جل وعلا_، وأن يعلموا أن إعادة فلسطين لا تكون إلا بالجهاد الحقيقي كما هو واقع منهم _جزاهم الله خيراً_، ولكني أدعوهم إلى أن يأخذوا من الحدث قوة دافعة لا قوة قاهرة، أن يجعلوا من الحدث من قتل الشيخ أحمد - رحمه الله - قوة دافعة للجهاد لا قوة مانعة وعائقة ومخذلة، ثم أيضاً ليعلموا أن الطريق طويل ولكن في النهاية النتيجة واضحة وظاهرة وهي الانتصار الباهر _بإذن الله_ فأدعوهم إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة والصدق مع الله وأن يكون الغرض من الجهاد هو إعلاء كلمة الله، ودفع الظالمين، وليس أي مطلب آخر، مثل ما يعلنه القوميون أو يعلنه ما يسمون بالوطنين من أهداف أرضية .
أحياناً قد تختلط على بعض المجاهدين هذه المعاني فإخلاص النية لله _جل وعلا_، من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله هذه، هي الحقيقة لا بد أن يكون القتال لإعلاء كلمة الله _جل وعلا_ أن تكون خالصة لله _جل وعلا_ فبهذا سينال النصر العاجل والآجل _بإذن الله_ أما ما عدا ذلك فهي من معوقات الجهاد التي يجب أن نكون بعيدين عنها في هذه الحقيقة، فأسأل الله أن يوفقهم، وأن يسدد رميهم وسهامهم ورأيهم، وأن يثبت أقدامهم، وأن يوحد كلمتهم، وأن يجمع صفوفهم، وأن يتخذوا قيادة تخلف هذا القائد العجيب، القائد الفذ القائد أحمد ياسين - رحمه الله - وفلسطين _والحمد لله_ تذخر بعدد من الرجال ممن رباهم أحمد ياسين وتربوا على هذه الدعوة المباركة ووهبوا أنفسهم لله _جل وعلا_، فأسأل الله لهم الثبات والتوفيق والسداد والعون.
هل تتوقعون أن يكون للحادث إفرازات وتأثيرات سياسية عربياً وإقليمياً ودولياً؟ وما حجم هذه التأثيرات؟
أبداً، لم أكن في يوم من الأيام أنظر إلى القضايا الدولية أن لها تأثيراً حقيقياً فيما يتعلق بقضية فلسطين، أقول: لا أرى لها أي تأثير إيجابي، بل إن التأثيرات السياسية والدولية والإقليمية والعالمية كلها هذه السياسات معارضة للقضية، وهي التي تواطأت جميعاً دون استثناء، تواطؤوا على خيانة القضية الفلسطينية، وعلى خيانة المسلمين، سواء قلنا: إقليمياً أو دولياً أو عربياً، ومن أول من ساهم في الخيانات هم كثير من حكام العرب.
فلذلك فلا أرى أي إفرازات إيجابية من هذا الجانب، وإنما ستكون وسائل احتواء، قد تكون هناك حركات شكلية زائفة لامتصاص الغضب، للاحتواء، فرقعات إعلامية، أما حقائق فلا . وأرجو أن أكون مخطئاً في ذلك، ولكن هذه هي الحقيقة قد يبادر العرب او كثير منهم ويتحرك تحركاً فعلاً لحماية دولة اسرئيل لو قدر أن اليهود كانوا في خطر ، قد نستغرب هذه الكلمة أقول نعم تبعاً لأسيادهم الأمريكان والبريطانيين الذين زرعوا وحموا هذه الدولة اليهودية في قلب الأمة، فإذا وجدت أمريكا أي خطر يتهدد إسرائيل يتهدد اليهود يحركون أحجارهم في المنطقة من أجل المحافظة على اليهود هذه هي الحقيقة التي لا تقبل الجدل، فلذلك لست متفائلاً فيما يتعلق بهذا.
ولهذا فإنني أرى ألا نعول على ما يتعلق بالسياسة الدولية والإقليمية والعربية إطلاقاً في قضية فلسطين، لكن هذا لا يعني أن القائمين على الجهاد في فلسطين في حماس أو الجهاد أو غيره ألا يراعوا الواقع الدولي، بل عليهم أن يراعوا السياسة الدولية والإقليمية حتى لا يصطدموا مباشرة في أطراف عدة، فليس من مصلحتهم أن يكثروا الأعداء، وأن يعددوا الأعداء، وإنما عليهم برؤية متزنة التعامل مع السياسة الدولية بما يكف ويدفع شرهم؛ ليتفرغوا أكثر لعدوهم المباشر.
ومما يؤكد فقط هذه الحقيقة ما تناقلته وسائل الإعلام أن باكستان امتنعت عن إدانة العملية، كثير من اليهود أدانوا العملية في أنحاء العالم، يهود؛ لأنهم رأوا أنها ستضر مصلحة إسرائيل، بينما نجد أن باكستان التي تعد من أكبر الدول الإسلامية تمتنع عن الإدانة فإن صح الخبر فهذا لا شك يؤكد أن هذه الدول ليست إلا ألعوبة في يد أمريكا وغيرها من القوى المهيمنة، فعلينا ألاّ نعول عليها في أي تأثير إيجابي، وإنما الواجب علينا أن نكف شرها، وأن نتعامل معها بالأساليب الشرعية لكف شرها والتخفيف من آثارها، وألا ندخل في مواجهات مع عدة أطراف وما عدا ذاك فلا.
كيف ترون شخصية الشيخ أحمد ياسين – رحمه الله -، وما الذي ميزه عن غيره من زعماء الجهاد الفلسطيني؟
حقيقة كل زعيم من زعماء الجهاد الفلسطيني له نصيبه من البطولة والشجاعة، بل إن بعضهم لا نعرفه لكن الله يعرفه، القسام له ميزاته، الحاج محمد أمين الحسيني - رحم الله الجميع - له مميزاته، وكلٌّ يمارس دوراً مهماً في وقت من الأوقات، لكن الذي ميّز أحمد ياسين عدة نقاط أختصرها فيما يلي:
- أن الرجل أصيب بالإعاقة في طفولته، ومع ذلك لم تمنعه هذه الإعاقة مع شدتها وهي شلل رباعي بأن يكون لا أقول فقط مجاهداً بل زعيماً كبيراً من زعماء الجهاد.
- الثبات في شخصية أحمد ياسين فإنه على مر حياته عانى من الآلام الإعاقة الجسدية، وما واجهه من مشكلات وطرد ونفي خارج بلده، ومن سجن وتعذيب وإيذاء وأمراض متعددة، هذا لم يمنعه أبداً أن يضطرد مع مسيرة الجهاد، بل أن يتقدم في كل مرحلة من مراحل العمر التي يتصور أن يتراجع فيها كثير من الناس فإذا هو يتقدم ويكون دائماً في المقدمة . ميزة الشيخ أحمد ياسين أنه منذ برز نجمه وعرف أنه الرقم (1) في قضية فلسطين، لم يزاحمه أحد على هده المكانة لا رئيس دولة فلسطين ولا غيره من زعماء حتى الجهاد لم يستطيعوا أن يزاحموا أحمد ياسين على منزلته .
- أيضاً أمر آخر هو أن هذا الرجل مقعد ومصاب بأمراض، ثقل في السمع، أمراض في المعدة، وضعف في العينين ، أقول: كل ذلك لم يمنعه أن يكون مجاهداً صابراً محتسباً، في قضية آمن بها واقتنع بها ثم إنه أيضاً جاهد من داخل فلسطين وهذه نقطة مهمة، ولهذا أنبه الدعاة والعلماء والمجاهدين أن الجهاد والدعوة والعمل من داخل الأرض التي يدعو فيها الإنسان أقوى من الدعوة من خارجها، الدعوة من الخارج لا أقول ليس لها تأثير ولكن التأثير ضعيف إنما الدعوة دائماً من الداخل هي المؤثرة؛ لأنك تواجه الحدث، فالداعية الذي قد يخرج من بلده قد يكون تأثيره لدعوته محدوداً، موسى _عليه السلام_ لما هرب من فرعون هرب لما أرادوا قتله، ولكن عندما أراد الله - سبحانه وتعالى - واقتضت حكمته أن يرسله أرسله فجاء من الداخل ودخل مع فرعون مباشرة حتى قضى الله بينه وبينه، محمد _صلى الله عليه وسلم_ نعم بدأ يدعو من داخل مكة، حتى أذن الله له بالهجرة بعد ثلاثة عشر عاماً، فذهب إلى المدينة لما وجد له أرضاً خصبة يدعو فيها ثم رجع فاتحاً إلى مكة، فمراعاة هذا الجانب في الدعوات أمر مهم جداً، نعم يشرع للإنسان أن يخرج أحياناً من بلده إذا هُدد بالقتل أو غير ذلك، أو اقتضت مصلحة الدعوة وهي حالات نعدها حالات استثناء، فأحمد ياسين يقاتل من الداخل وإلى آخر لحظة من حياته وهو كذلك.
- أيضاً من ميزات أحمد ياسين لمن يقرأ سيرته لآخر لحظة هو التزامه السلوك في أخلاقه، في معاملاته، في عبادته، يكفي - دليلاً على ذلك - أنه صلى الفجر وهو المقعد الذي يحتاج ليصلي الفجر في المسجد إلى إعداد وتهيئة ، يعجز عنها حتى الأصحاء أو كثير منهم، حتى الخيرين قد لا يصلون الفجر في المسجد، بل هناك من لا يصلي الفجر في وقتها، هذا يصلي الفجر في المسجد لذلك نسال الله أن تكتب له هذه الخاتمة الطيبة.
- ما عُرف عن أحمد ياسين أيضاً من مخالطته للناس، وهذه ميزة أيضاً تميز أحمد ياسين، رجل بسيط يعيش في وسط الأحياء البسيطة، كان يستطيع أن يعيش في القصور، وأن يكون معه الحرس والجنود وغير ذلك، أبداً انظر إلى صوره التي تنشر منذ سنوات يعيش بين الناس ببساطة متناهية بتواضع عجيب جداً، يقضي مشاكلهم يحل ما بينهم يصلح بين ذواتهم، رجل حقيقة تجتمع فيه العظمة وقوة الشخصية وصفاء الذهن بمعناه الحقيقي، وهكذا يجب أن يكون الزعيم، الزعيم الحقيقي هو سلطان القلوب لا سلطان الأجسام، سلاطين الأجسام يقودونها بالقوة، وهذا لا، قوة التأثير، قوة الإقناع، قوة المحبة، هذه هي السلطة الحقيقية، ولذلك فإنني أيضاً أذكر إخوتي من العلماء والدعاة وغيرهم إلى أن يرتبطوا مع الناس، وأن يرى الناس فيهم القدوة الحقيقية في عبادتهم، في أخلاقهم، في سلوكهم، في تواضعهم، في مخالطتهم للناس، وعدم الاستئثار بامتيازات مهما كانت، بسهولة الوصول إليهم. من السهل جداً أن يقال للناس: إن أحمد ياسين مهدد فيحيط به الحرس والجنود ويعزل عن الناس ويقتنع الناس بذلك، ولكنه لم يفعل دلك أبداً حتى الصلاة يصلي مع عموم الناس يتحرك مع عموم الناس يلتقي معهم في لقاءاتهم ومؤتمراتهم ودعواتهم ومناسباتهم كل هذا يدل على عظمة وقوة هذه الشخصية العجيبة فهو لا شك زعيم متميز ولهذا فإنني أتوقع أن يكون لقتله تأثير إيجابي والموت الحقيقي هو عدم التأثير.
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
الشيخ أحمد ياسين أيقظ الله به أمة في حياته وفي وفاته، ونرجو له الشهادة والحياة الأبدية "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (آل عمران:169) هذا ما نرجوه للشيخ أحمد ولغيره من المجاهدين، فأقول: إن حياته كانت عجباً ومؤثرة، وكذلك كانت وفاته وهكذا يكون المجاهدون، واختار الله له هذه الموتة على يد عدوه، وهذه أمنية كان يتمناها الشيخ أحمد - رحمه الله - فهنيئاً بتحقق هذه الأمنية العظيمة، وكم لها من تأثير في صفوف الناس كم سيسمى كثير من الأطفال من المواليد باسم أحمد ياسين، ستقام منظمات باسم أحمد ياسين، ستقام كتائب باسم أحمد ياسين ستبقى سيرته نبراساً للقاعدين من الأصحاء في أجسامهم ولكنهم قاعدون في قلوبهم وهممهم.
إن التأمل في حياته وفي سيرته يدفع الأمة إلى الأمام إلى الجد إلى المثابرة إلى الصبر.
- وأخيراً إن من يسمع ويرى جهاد أحمد ياسين يوقن أنه لا عذر لأحد، إذا كان هذا الرجل المشلول المقعد المريض يغدو المطلوب الأول في أخطر قضية تواجهها الأمة وهي قضية فلسطين فما عذر هؤلاء الأصحاء؟ وهذا يبين أيضاً أن هذا الدين دين عجيب وهذه الأمة أمة عجيبة من أراد أن يقوم بواجبه فيها لا عذر له مهما كانت حاله وصحته ما دام يملك العقل فعلاً العقل المتقد الحي ، ما عدا ذلك حتى لو لم يتحرك فيه إلا رأسه، حتى لو لم يتحرك رأسه ما دام عقله حياً ويقظاً ومعافى فإنه يستطيع أن يقود الأمة وليس أن يكون مجرد فرد هذه أيضاً تحتاج إلى وقفات تربوية فلا نامت أعين الجبناء.
أسأل الله له الرحمة وأن يلهم أهله وذويه وإخواننا في فلسطين والمسلمين أجمعين الصبر والسلوان، وأن يعوض الأمة عنه خيراً، وأن يعين إخوانه المجاهدين في فلسطين على السير على هذا المنهج في الجهاد، وأن يثبت أقدامهم وآراءهم وسهامهم، وأن يجعلهم مباركين أينما كانوا، وأن يعيننا على إحياء الجهاد في الأمة هذه الفريضة التي يريد البعض أن يقف نداً لها باسم الإرهاب وبأسماء يطلقها العدو، فنقول: لا يصح إلا الصحيح ولن يعود لهذه الأمة مجدها وعزتها وسؤددها إلا بالجهاد في سبيل الله الجهاد الحقيقي في مواجهة أعداء الله في ميادينه الحقيقية، في فلسطين في العراق في الشيشان في أفغانستان وهذا ما نؤمله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ناصر بن سليمان العمر
أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا
- التصنيف:
- المصدر: