التغييرات السعودية وقصف الأذرع الإعلامية
الآن؛ وفجأة ومرة واحدة صار كل قرار يتخذه الملك سلمان في ترتيب نظام حكمه واختيار فريق عمله إنما هو تعصب للعرق السديري، وإقصاء للطرف الآخر في الأسرة الحاكمة!
المحاولات الخبيثة والحثيثة لإيجاد وخلق معركة واحتراب داخلي داخل الأسرة الحاكمة بالمملكة السعودية للصراع على السلطة، وشحن طرف منها ضد آخر في محاولة بائسة ويائسة لاستنساخ نموذج الدولة العميقة المعادي لنظام الحكم الجديد تحت قيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز تجري على قدم وساق من قوى إقليمية ودولية، باتت ترى أن نظام الحكم الجديد في المملكة العربية السعودية ليس فقط مخالفاً لتوجهاتها القمعية والإستعمارية، بل مضاداً لسفينتها السياسية، التي لا تمخُر إلا في بحار الدماء، ولا تتزود إلا بأشلاء وجثث الأبرياء.
رغم علم ومعرفة المهتمين بالشأن العام بموقف الملك سلمان بن عبدالعزيز الرافض وغير المؤيد لما جرى وحدث من مجازر ومحارق وإعدامات لأنصار الرئيس محمد مرسي في مصر بدعم من النظام السابق حين كان وليًا للعهد، غير أننا لم نسمع يومها من أذرع التضليل الإعلامي العالمي وكتائب الفتنة وبث الشقاق شيئاً في حينه عن خلاف في وجهات النظر، أو حتى إظهار لتململ العرق السديري مما حدث.
الآن؛ وفجأة ومرة واحدة صار كل قرار يتخذه الملك سلمان في ترتيب نظام حكمه واختيار فريق عمله إنما هو تعصب للعرق السديري، وإقصاء للطرف الآخر في الأسرة الحاكمة!
حين جاء وزير الداخلية المصري الجديد اللواء مجدي عبد الغفار أطاح بجميع رجال الوزير السابق له فور استلامه لعمله، وجاء بفريق عمل خاص به، وهي سنة جرت عليها العادة في مثل هذه المجالات، والشاهد في ذلك؛ أن من حق وزير الداخلية في بلد الأذرع الإعلامية أن يغير طاقم العمل كله، لكن ليس من حق ملك مملكة تقود المنطقة العربية الآن دون منافس لها أن يغير جميع طاقم العمل، وأن هذا التغيير إذا حدث فإنما هو إقصاء وتعصب لعرق على آخر في الأسرة الحاكمة!
استلم الملك سلمان حكم المملكة العربية السعودية وهي محاطة بأعدائها والمتربصين بها إحاطة السوار بالمعصم، وربما لم يكن بينها وبين الخروج من خريطة التاريخ إلا خطوة واحدة كانت متبقية لأعدائها الذين كشفوا بوضوح وجلاء عن نواياهم بعد أن باغتتهم (عاصفة الحزم) التي لم تكن واردة في خلد أحد منهم، بصرف النظر عن الاختلاف في نسبة النجاح العسكري الذي حققته.
أي أن التهديد الذي كان يهدد المملكة السعودية حين استلم حكمها الملك سلمان لم يكن تهديدًا لأمنها واستقرارها من قبل جماعات مسلحة تستهدفها من الداخل أوالخارج، بقدر ما كان تهديدًا وجوديًا لكيان المملكة ترابًا وشعبًا وحكمًا، وقد كان من عظيم الأسافى أن كثيرًا من العالم الإسلامي قد وصل إلى درجة من النقمة والكراهية للنظام الحاكم في المملكة ما يجعله يتقبل بتشفي غير منطقي مثل هذا التهديد مادام لا يمس المقدسات الخاصة بالحرمين الشريفين، وهذا ما كان سيحرص عليه الأعداء، ولا يمسّون الحرمين بسوء، ليظهروا أن معركتهم مع آل سعود وليس مع أهل السنة من المسلمين.
كان هذا هو الوضع في ظل ما اختاره النظام السابق لنفسه من خيارات واختيارات وتحالفات، كان على رأسها التحالف مع على عبد الله صالح وميليشياته المسلحة، ودولة الإمارات، والتناغم والتعايش الوقتي مع الحوثيين، وتبريد الجبهة بعض الشئ مع بشار الأسد، والاكتفاء بمشاغلته بالمقاومين هناك والنظر إليهم كمرتزقة ستفتح لمن يتبقى منهم على قيد الحياة أبواب الزنازين في السجون فور انتهاء دورهم، في إعادة لسيناريو الحرب الأفغانية للعائدين من سوريا، وليس النظر إليهم كشباب غيور استجابوا ودافعوا عن شرف وعرض وأرض أمتهم وملتهم.
حين ترفع يافطات عليها سب وشتم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في عاصمة عربية كبرى كم امتلأت خزائنها ومخازنها من (الرز) السعودي في الوقت الذي يقاتل فيه الملك السعودي ورجاله على الجبهة منتبهين ومتيقظين لطعنات الخلف والنيران الصديقة، فلا غرابة أن يلعب الشيطان برؤوس حملة هذه اليافطات وحُماتها وأن يطلقوا الأذرع الإعلامية والكتائب المدجّنة لتتولى محاولة إشعال فتنة بين أبناء الرحم الواحد وبث عوامل الشقاق والإحتراب المتمثل في القصف الموجه للأذرع الإعلامية بعد التغييرات الأخيرة بالمملكة السعودية.
حسن الخليفة عثمان
كاتب إسلامي
- التصنيف: