أدب بلا أدب!
وقد ابتلينا ببعض الكتاب والنقاد والأدباء والشعراء الذين ارتضعوا مناهجهم من أثداء أعدائهم، وأصبحوا كالإسفنجة القذرة التي امتصَّت أنتان الكفرة الفجرة، فجاءوا بها ليعصروا ما فيها فينا.
امتطى بعض من كتب ظهر الأدب ليسيء الأدب مع الله العظيم، ودينه القويم! فاعتلى مركب الأدب بعد أن وهبه الله موهبة الكلمة الجميلة، والتعبير المؤثّر، والحرف المعبِّر، والتصوير اللطيف، فسخَّر قلمه في نشر الرذائل وقتل الفضائل، وأصبح كحاطب ليل، يجمع في شعره ونثره ما طاب وخاب، وما هو جميل وأصيل وما هو رذيل ودخيل، وربما ارتقى مرتقًى جِدُّ وعِر، فألقى بنفسه منه في أتون سقر، لجرأته على الله فيما يُكتَب ويصوَّر، ويدبّج ويحرَّر.
يا شاعرًا بسُقُوطِهِ لم يَشعُرِ *** ما كُنتَ أوَّلَ طامعٍ لم يظفرِ
وكم قرأنا لمن يصف الله تعالى بأوصاف مرذولة لا تليق بالمخلوق على هوانه فكيف بالخالق العظيم سبحانه مع علو شأنه؟! ولو تتبعنا السقطات في الطعن في الذات الإلهية لجمعنا فيها مجلدات من أدباء عديمي الأدب سيئي المذهب.
والمصيبة الرهيبة أن بعض الناس أصيب بلوثة في عقله وثلمة في دينه، فأصبح يشير للشاعر الفاجر بأنه أبدع وبرع، وأجاد وأفاد، فينتفخ كالدمامل، ويربو كالأورام، ويكبر في نفوس المرضى كالأوهام!
ومن أراد الشهرة في البلاد وذكر اسمه في كل ناد، فإنما هي قصيدة شعرية أو مقطوعة نثرية أو قصَّة شهوانية يملأها بألفاظ كفرية، وسخافات جاهلية، وتعبيرات سفلية، وسيدلف بعدها من بوابة الشهرة ليجد على ناحيتيها من يصفِّق له في مرح، ويعانقه في فرح، ويسميه بالمبدع! ويسميه بفريد العصر ووحيد المصر! والله المستعان على زمان ارتقى فيه الأصاغر فوق المنابر!
زمانٌ رأينا فيه كُلَّ العجائبِ *** وأصبحتِ الأذنابُ فوقَ الذَّوائبِ
وقد ابتلينا ببعض الكتاب والنقاد والأدباء والشعراء الذين ارتضعوا مناهجهم من أثداء أعدائهم، وأصبحوا كالإسفنجة القذرة التي امتصَّت أنتان الكفرة الفجرة، فجاءوا بها ليعصروا ما فيها فينا.
وتولَّى بعضهم كِبَرَ نشر المدارس الأدبية التي بان عوارها بين أهلها، واتضح زيفها لمن قال بها، وانكفأ عليها يرددها كالببغاء البلهاء، يناضل عنها، ويجادل دونها، وهو لا يدري عما يجري، وأنه أصبح أداة نشر الداء بأيدي الأعداء.
فيا مُوقدًا نارًا لغيركَ ضوؤُها *** ويا حاطبًا في غير حبلك تحطبُ
وكم من عدوٍّ لنفسه وهو لا يشعر! وزاد الطين بلَّة والمطعون عِلَّة، وجود ثُلَّة من الشعراء الشهوانيين الذين لا همَّ لهم إلا الحب والهيام والعشق والغرام، فراجت أشعارهم عند سقط المتاع من الهمل الرعاع من قساة القلوب وضعاف العقول. ونظرة منك في القصائد على صفحات الجرائد تدرك ما أعنيه وأرمي إليه، والحر تكفيه الإشارة.
مصائبُ شتَّى جمِّعَت في مصيبةٍ *** ولم يكفها حتَّى قَضَتها مصائبُ
(ملحوظة: يراجع كتابي: (أقلام تقطر سمًّا))
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
مدير فرع لجنة العفو واصلاح ذات البين - بجدة .
- التصنيف: