فضيحة تبادل الزوجات وفشل القانون
منذ 2008-11-05
هذا حكم الله الحق البين الواضح الرادع لجريمة الزنا، وشتان بين نور حكم الله وما جاءت به ظلمات القوانين الوضعية، التي سهلت على الناس الفجور، وهونت من شأن جريمة الزنا بعقاب وقيود ما أنزل الله بها من سلطان.
في خبر مثير نشرته كل وسائل الإعلام المصرية يوم 25 أكتوبر، أعلن فيه عن القبض على مجموعة يتبادلون الأزواج والزوجات فيما بينهم، وقد اعترفوا أمام النيابة بواقعة الزنا بمحض اختيارهم، وأنهم كانوا يتبادلون الأزواج والزوجات، وأنهم أنشأوا موقعًا على الإنترنت خصيصًا لهذا الغرض، وكانت المفاجأة أن الذي أعانهم على إنشاء موقعهم الجنسي المنحرف يهودي كردي من شمال العراق، وهكذا اليهود وراء كل فساد في الأرض.
الخبر يدل على قمة الانهيار والانحطاط الأخلاقي، وعمق الهاوية التي سقط فيها الكثيرون، وهو نذير شر لحالة الفساد الأخلاقي التي انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية، حتى وصلت أن يقدم الرجل زوجته إلى رجل آخر، ويتبادل معه زوجته التي كان ينبغي عليه الحفاظ على عرضها وشرفها، وكل ذلك الفساد بسبب تسهيل المعاصي، الذي قامت به فضائيات الخنا والرذيلة ومواقع الإنترنت الجنسية، تحت يافطة كاذبة تحمل عنوان واهم كاذب اسمه الحرية.
وما حدث ذلك الانحطاط إلا بسبب البعد عن الدين والإيمان، وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، حيث أن القوانين الوضعية قاصرة عن علاج هذا الخلل والفساد الأخلاقي، بل ومشلولة تمامًا عن مواجهته؛ حيث وضعها بشر لا يستطيعون الإحاطة بالنفس الإنسانية ونوازعها، وكيفية ردعها ودفعها إلى الاستقامة وحفظ النظام العام.
وبما أن جريمة الزنا جريمة لا تهدد فقط الأفراد بل تهدد المجتمع بأسره؛ فقد جاءت آيات القرآن الكريم تحذر من الاقتراب من الزنا، وذلك في قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [سورة النور: 30]، وقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [سورة الإسراء: 3]، حتى جاء الحق بحكمه الحق في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النور: 2].
هذا حكم الله الحق البين الواضح الرادع لجريمة الزنا، وشتان بين نور حكم الله وما جاءت به ظلمات القوانين الوضعية، التي سهلت على الناس الفجور، وهونت من شأن جريمة الزنا بعقاب وقيود ما أنزل الله بها من سلطان.
والمتأمل لقانون العقوبات المصري؛ يجد كم التساهل الكبير في العقاب، وهو من أكبر عوامل انتشار جريمة الزنا، فقد جاء في مواد قانون العقوبات المصري ما يلي: "ويقاس عليه معظم القوانين المعمول به في الدول الإسلامية عدا السعودية":
فنجد مثلًا مادة 269 مكرر: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر كل من وجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق، بإشارات أو أقوال، فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه في الجريمة الأولى؛ فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تجاوز خمسين جنيهًا، ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة".
مادة 273: "لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها، إلا أنه إذا زنى الزوج في المسكن المقيم فيه زوجته كالمبين في المادة 277، لا تسمع دعواه عليها".
مادة 274: "المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها كما كانت".
مادة 277: "كل زوج زنى في منزل الزوجية، وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة، يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور".
مادة 278: "كل من فعل علانية فعلًا ناضجًا مخلًّا بالحياء؛ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه".
باستعراض ما سبق من مواد قانون العقوبات المصري، وما وجهته النيابة من اتهامات إلى هؤلاء الزناة الديوثين الذين تبادلوا زوجاتهم؛ نجد أن النيابة اتهمتهم بالآتي: نشر إعلانات خادشة للحياء، وتحريض على الفسق والفجور، والدعوة لممارسة الدعارة، واعتياد ممارسة الدعارة، ومع تلك الاتهامات ومواد القانون نجد أنه مع اعترافهم بالزنا لم يتهموا بالزنا، لأن الزوج والزوجة راضين بالجريمة، وهذا النص في قانون العقوبات وغيره نقل حرفيًّا من القانون الفرنسي، ثم أن الاتهامات الموجهة لهم عقوبتها طبقًا للمادتين 269 و278 من شهر إلى سنة سجن!! (وحكمهما عند الله باعترافهم الرجم)...
ثم بعد ذلك يتساءل الناس عن تلك الجرائم القذرة لماذا تنتشر؟!... إنه بسبب القانون الوضعي القاصر، الذي بدلًا من أن يردع ويزجر عن الجريمة ويحفظ الآداب والنظام العام للمجتمع، نجده مشلولًا، بل يسهل الجريمة، ويسهل انتشارها، ولا يردع ولا يزجر، ويساعد في انتشار الفساد الأخلاقي.
وأخيرًا يبقى أن المسلمين في أمسِّ الحاجة إلى شريعة ربهم، لتحفظ أمنهم ومجتمعاتهم، وتحفظ عليهم دينهم وأخلاقهم، وتردع كل من تسول له نفسه وشيطانه التجرؤ على الجريمة، وخاصة الزنا، وتجعله يفكر ألف مرة قبل التجرؤ على الفساد والإفساد، ويكفيه أن يسمع قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور:2]، فقد شملت الآية عقوبات متعددة ولا تنفذ إلا بشروط مشددة,`ذلك حكم الله في الزاني غير المحصن أما الزاني المحصن (المتزوج) فحكم الله فيه الرجم، إنه حكم الله الخالق البارئ الحكيم العليم، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [سورة الملك: 14].
ممدوح اسماعيل
محام وكاتب
elsharia5@hotmail.com
المصدر: لواء الشريعة
- التصنيف: