صفعة هولندية للعلمانيين في بلادنا
الذي اتخذ هذا القرار ليس شيخ مسلم متشدد، ولا داعية حسبة، وإنما هو القضاء في دولة عريقة في ديمقراطيتها وحمايتها للحريات، لا سيما حرية التعبير، وهكذا يأتي هذا القرار ليطلق صرخة مدوية بأن للحرية حدود وإلا أصبحت فوضى وإثارة للفتن والكراهية، وضربًا للمصلحة العامة.
كتبت هذا المقال في وقته وأرى إعادته الآن من الضرورة بعد تفشي الإساءة لثوابت الإسلام في الإعلام العلماني العربي: أمرت محكمة هولنديَّة بمحاكمة السياسي الهولندي اليميني المتطرف وزعيم (حزب الحرية): (خِيرت فيلدرز)، بسبب إنتاجه لفيلم يهاجم الإسلام ويصفه بأنَّه: "دين فاشي ومتخلف".
وقال بيان صادر عن المحكمة ومقرها مدينة أمستردام: "في نظام ديمقراطي، يُعتبر خطاب الكراهيَّة خطيرًا جدَّا بحيث يصبح من المصلحة العامَّة أن نرسم خطًّا واضحًا ونوضح الأمور".
والفيلم الذي أحدث المشكلة إسمه: "فتنه"، وأثار العام الماضي ضجة واسعة في هولندا والعالم الإسلامي، حيث شهدت معظم الدول الإسلامية والعديد من دول العالم احتجاجات أخذت أشكالاً مختلفة ضد الفيلم ومنتجه، كما قامت الخارجية الإيرانية باستدعاء السفير الهولندي في طهران وأبلغته احتجاجها الرسمي على الفيلم الذي وصفته بأنه" مسيء ومعاد للإسلام".
وكان (فيلدرز) قد بثَّ الفيلم الذي لايتجاوز طوله 17 دقيقة، على شبكة الإنترنت، وذلك بعد رفض العديد من دور السينما ووسائل الإعلام المرئية في هولندا والعالم عرضه، وقد اعتبر فيلدرز أنَّ الحضارة الهولندية متفوقة على الحضارة الإسلامية التي وصفها بـ"المتخلفة"، ودعا المهاجرين المسلمين في هولندا إلى الانصهار بالمجتمع الهولندي عن طريق التخلي عمَّا يصفها بـ"الفقرات الفاشيَّة وغير المتسامحة من القرآن".
وقيام القضاء الهولندي بهذه الخطوة يمثل صفعة للعلمانيين في بلادنا، الذين يتشدقون بحرية التعبير ويتخذونها ذريعة للطعن في عقيدة الإسلام، وثقافة أغلبية الشعب وحضارته وتاريخه العريق، لأن الذي اتخذ هذا القرار ليس شيخ مسلم متشدد، ولا داعية حسبة، وإنما هو القضاء في دولة عريقة في ديمقراطيتها وحمايتها للحريات، لا سيما حرية التعبير، وهكذا يأتي هذا القرار ليطلق صرخة مدوية بأن للحرية حدود وإلا أصبحت فوضى وإثارة للفتن والكراهية، وضربًا للمصلحة العامة.
عبد المنعم منيب
صحفي و كاتب إسلامي مصري
- التصنيف: