مشروع برنارد لويس لتقسيم مصر (2 من 3)
ما نتحدث عنه من مخططات ليس قدرًا نافذًا، وليس كل ما يريده خصومنا يتم، إنه مجرد مكر وتخطيط لا يتحقق إلا بغفلتنا وحجم الاختراق في قلاعنا، ويمكننا بقدر بسيط من الوعي والتنبيه أن نفشل كل هذه المؤامرات، وعلينا أن نلح في التحذير لفضح هذا المكر وكشفه لوقفه ونزع سمومه.
- نزع ملكية الصحراء الغربية من الدولة وتسليمها للمستثمرين الصليبيين والصهاينة.
- التمهيد لدولة مسيحية صهيونية في الصحراء تحميها بلاك ووتر وفرسان مالطا.
- طرد الدولة المصرية والمواطنين من الصحراء وإخلائها للملاك الجدد.
ما يجري في الصحراء الغربية لا يقل خطورة عما جرى لفلسطين، فالدوائر الخارجية تعمل على تفريغ هذه المنطقة من السكان وتسليمها إلى الشركات الأجنبية؛ لإقامة دولة مسيحية صهيونية عاصمتها الإسكندرية، في إطار مخطط تقسيم مصر والدول العربية، ومعظم ما يعلن عن تطوير وتنمية في الصحراء لا يخرج عن المخطط الصهيوني الذي يعمل منذ عقود لإخراج المواطنين المصريين والدولة المصرية منها، وتسليمها لرهبان الصحراء والشركات الأجنبية باسم الاستثمار!
الفيتو الخارجي الذي نجح حتى الآن يعمل ضد تمليك الصحراء الغربية للخريجين والمواطنين والفلاحين المصريين وإخراج الدولة المصرية منها، وسيتم نزع الأراضي التي استصلحها المصريون بمبادرات طوعية، خاصة في منخفض القطارة وسيوة وتسليمها للسماسرة الأجانب الذين تم اختيارهم بالفعل وتوزيع المساحات عليهم سلفا.
هذه الدوائر المعادية تعمل منذ (30 سنة) لوضع يد القطاع الخاص التابع لهم على الصحراء، وتوسيع رقعة الأراضي التي تتملكها الشركات الصهيونية والصليبية العالمية، لإقامة دولة مسيحية تحميها (بلاك ووتر، وفرسان مالطا) التي ستأتي كقوات أمن خاصة لحماية الاستثمارات والشركات!
في مقالي السابق وقبله مقالات عديدة حذرت من الخطط التي وضعتها مؤسسات خارجية لتقسيم مصر، ولكن يبدو أن لا أحد يقرأ ولا أحد يسمع، ويتم تنفيذ مخطط التقسيم كما وضع شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، فكبار المسئولين في الحكومة يصرون على تنفيذ جوهر مشروع المحافظات، الذي يتكون من محافظة جنوب سيناء لرهبان اليونان والمحافظتين نواة الدولة المسيحية وظهيرها بالصحراء الغربية: (العلمين، والواحات)، بل وتم الإعلان عن بيع أراضي الصحراء للسماسرة والشركات الأجنبية والمستثمرين في إطار ما يسمى مشروع المليون فدان، بزعم الاستصلاح في غياب الرأسمال الوطني وفي استبعاد للدولة بعد تجريدها من ثروتها ومقدراتها في مؤامرة الخصخصة، والأهم الآن هو استبعاد المصريين الخريجين والمواطنين من التملك، وقصر الأمر على الأجانب وبعض الشركات الإماراتية كوسطاء مؤقتين قبل البيع النهائي للصليبيين والصهاينة.
لقد شرحت في المقال السابق خطورة مشروع تقسيم المحافظات الجديد والبدء بتنفيذ 3 محافظات جديدة، وتناولت خطورة فصل وادي النطرون لتشييد محافظة جديدة باسم العلمين التي ستكون نواة الدولة المسيحية في الصحراء الغربية، وشرحت بالمعلومات كيف استولى الرهبان في الصحراء الغربية على الأراضي في وادي النطرون والصحراء وحتى الساحل الشمالي، تنفيذًا لخريطة تقسيم مصر التي وضعها المستشرق اليهودي (برنارد لويس) بتكليف من البنتاجون الأمريكي.
اقرأ مقالنا السابق الحكومة تنفذ مشروع برنارد لويس لتقسيم مصر (1-3).
وعندما كتبت ما لدي من معلومات في المقال السابق لم أكن قد اطلعت على ما كتبه العالم العلامة الدكتور (حامد ربيع) منذ بداية الثمانينات عن مشروع التقسيم، والذي كشف خفايا وأبعاد المشروع الذي ينفذ الآن، ويومها كان يحذر ويصرخ من المخطط الإسرائيلي لتقسيم مصر بعد حرب أكتوبر، وكيف أن الإسرائيليين أقنعوا صناع القرار في أمريكا لتبني (سايكس بيكو) جديدة لتقسيم الدول العربية الكبيرة وتفتيتها، وفي مقدمتها مصر التي يريدون تقطيعها إلى 5 دول أخطرها دولة مسيحية بالصحراء الغربية عاصمتها الإسكندرية.
اقرأ مقالات الدكتور حامد ربيع: المخطط الإسرائيلي لتقسيم الدول العربية: http://alarabnews.co...asp?NewId=32885
وفي هذا المقال أتناول المحافظة الثانية التي أعلنت الحكومة عن تنفيذها وهي محافظة الواحات، وهي محافظة مستحدثة لم تكن في التقسيم الإداري القديم لمصر، وتكشف عملية تخطيطها عن عقل استعماري شيطاني لا يريد الخير لمصر، فالهدف من إنشاء هذه المحافظة هي جعلها الظهير الصحراوي لدويلة وادي النطرون، والسيطرة على المساحة الشاسعة بدون سكان يشوشون على الملاك الجدد، ونقل ملكية الأرض من الدولة إلى القطاع الخاص، تحت مزاعم الاستثمار، لإبعاد يد الدولة عن هذه المنطقة لحين ترتيب الوضع النهائي لها وإحكام السيطرة الصهيونية الصليبية.
لقد تم اقتطاع الواحات من محافظة الجيزة وضمها إلى الثلث العلوي لمحافظة الوادي الجديد لتكوين محافظة مستقلة بدون سكان، وهي تضم أهم الأراضي في الصحراء الغربية: أراضي صالحة للزراعة، وثروات ضخمة تقيم مجتمعات صناعية حيث الثروات التعدينية، ومناجم الفوسفات، وأيضا مناطق الآثار والمزارات السياحية.
الأخطر في تنفيذ هذه المحافظة هو فصل الواحات كامتداد لمدينة 6 أكتوبر وكظهير صحراوي لمحافظة الجيزة؛ لمنع سكان مصر من الوصول إلى قلب الوادي الجديد، فالدوائر الصهيونية والصليبية التي وضعت هذا التخطيط تريد منع التمدد السكاني إلى الصحراء، ووقف زحف السكان الذين امتلأت بهم محافظة الجيزة من العبور وتجاوز الطريق الذي يفصلها عن الواحات.
وكان الهدف من إنشاء مدينة أكتوبر هو امتصاص الكثافة السكانية بالقاهرة (16 مليون نسمة) وتوجيهها لغرب النيل، وتتبع المدينة محافظة الجيزة وقد توسعت هذه المدينة وامتلأت بالسكان، بعد أن أصبحت متنفسًا للعاصمة المزدحمة، وإذا استمر معدل التدفق السكاني بوضعه الحالي فسيتجه الطوفان البشري إلى الواحات، التي تعد الظهير الصحراوي لمحافظة الجيزة، وهي المتنفس المستقبلي لأبناء القاهرة الكبرى.
الذين يقفون خلف مخطط التقسيم لا يجدون مشكلات في التعامل مع أجهزة الدولة، ويستطيعون استصدر ما يريدون من قرارات من خلال دوائر الاختراق التي وصلت حتى النخاع، ولكن التحدي المقلق لهم دومًا في الصحراء الغربية، هو التمدد السكاني والعنصر البشري المتحرك، ومن أجل هذا يعملون دومًا على قطع الطريق على وصول الشعب المصري المسلم إلى الصحراء، لأنه لو استقر على الأرض لا يمكن انتزاعه منها بسهولة.
ومن العجيب أن الدوائر الصهيونية التي وضعت مشروع المحافظات عملوا على "قصقصة" الصحراء الغربية بشكل احترافي بحيث لا يزيد سكان المحافظتين: وادي النطرون (العلمين) والواحات عن (150 ألف نسمة)، أي تقديم المحافظتين للشركات بدون بشر لتسهيل تنفيذ مخطط (برنارد لويس) لفصل الصحراء الغربية عن مصر.
لماذا يسرقون الصحراء الغربية؟
الصحراء الغربية هي مستقبل مصر، وكل مقومات النهضة في هذه المنطقة، ففيها الأراضي الصالحة للزراعة بملايين الأفدنة، وبها المياه فوق الأرض في بعض المناطق وتحت الأرض بعمق متر واحد في مناطق أخرى، والخزان الجوفي يريد أن يتنفس بتكلفة قليلة جدًا وينتظر من يسحب منه الماء.
سيدنا يوسف عليه السلام زرع الصحراء الغربية قمحًا وأطعم شعب مصر وشعوب الدول المجاورة، في مواجهة أكبر مجاعة سجلها التاريخ وتحدث عنها القرآن الكريم بالتفصيل في سورة يوسف، والرومان كانوا يطعمون سكان إمبراطوريتهم المترامية الأطراف من زراعة الصحراء الغربية، ولا تزال الآبار الرومانية في مطروح وسيوة موجودة حتى الآن.
تشير الدراسات الجيولوجية والاستشعار عن بعد إلى أن مساحات شاسعة من الصحراء الغربية ذات تربة طينية مغطاة بارتفاع نصف متر فقط من الرمال، ولا تحتاج غير أن يتوجه الشباب المصري لزراعتها وإحيائها بتوجيه بسيط من الحكم، وإحياء مصر معها وتغيير واقع البلاد المنهار اقتصاديًا، وإحداث نقلة في اقتصاد البلاد وقفزة للأمام، بدون الاستعانة بالخبراء الجواسيس الذين ليس لهم من مهمة غير توجيه خطط التنمية في الاتجاهات الخطأ، لاستنزاف الأموال في مشروعات وهمية كالثقوب السوداء التي تبتلع كل شيء، وتقدم البلاد لسماسرة الأراضي الغربيين الذين يأتون تحت اسم الاستثمار.
الفيتو الغربي:
منع الشعب المصري من التوجه غربًا ليس وليد العقود الأخيرة، وإنما منذ احتلال الإنجليز لمصر، وهناك فيتو ضد التوجه إلى الصحراء الغربية، وبسببه تم إفشال أي توجه حقيقي لتعميرها، فالإنجليز هم من طرحوا فكرة توفير مياه النيل التي تصب في البحر المتوسط وتحويل اتجاه المياه من فرع رشيد إلى منخفض القطارة، وتحويله إلى بحيرة عذبة تحيي الصحراء، ولكنهم لم يسمحوا بتنفيذه، بل وتغيرت الفكرة فيما بعد إلى ملىء المنخفض بالمياه المالحة من المتوسط لتوليد الطاقة، ثم تجميد المشروع حتى لا يتدفق المصريون إلى الصحراء ويفسدوا مخطط التقسيم.
ومع انتهاء الاحتلال الإنجليزي، وبعد ثورة 1952عندما تحمس جمال عبد الناصر وأنشأ محافظة الوادي الجديد وطرح أفكارًا لتعمير الصحراء سرعان ما خمد الحماس، وتوقف كل شيء، وقامت الدوائر الصهيونية عبر التابعين لها في دوائر السلطة المصرية بإفساد كل مشروع واعد في الصحراء، ويعد مشروع فوسفات أبو طرطور من الأمثلة الصارخة على هذا التخريب المتعمد في هذه المنطقة التي بها الفرص لاستيعاب الشباب المصري الذين ضاق بهم الوادي.
الصحراء الغربية بها جبال الفوسفات التي تعد من أكبر المناطق التي بها احتياطي خام الفوسفات في العالم، والدوائر التابعة للخارج منعت الحكومات المصرية المتعاقبة من الاستفادة القصوى واكتفت بتصدير جزء يسير منه كخام، بل وبعمل إجرامي منظم تمت سرقة خط السكة الحديد الذي أنشىء لنقل الكميات القليلة لصالح الشركات العالمية عبر ميناء سفاجا.
الفيتو الأمريكي يمنع الدولة المصرية من استغلال المناجم والثروات المعدنية في الصحراء الغربية، إلا من خلال الشركات الغربية العالمية، فالشركات الأمريكية والأوربية تحتكر استخراج البترول من الصحراء الغربية في اتفاقيات ظالمة، حيث تحصل الشركات على ثلثي البترول المستخرج وتعطي الحكومة المصرية الثلث، الذي لا يكفي احتياجات مصر فتضطر الحكومة إلى شراء احتياجاتها البترولية من الشركات الغربية بالسعر العالمي، وهذا ما يجعل الدولة دائمًا مدينة للشركات الأجنبية بمليارات الدولارات، أي نشتري بترولنا الذي هو ملكنا.
يمنع الفيتو الغربي الدولة المصرية من زراعة الصحراء، ويمنعها من مجرد التفكير في التوجه غربًا، فالرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بسبب الفيتو الأمريكي لم يطل حماسه حتى أعطى ظهره للوادي الجديد، وجاء أنور السادات ولم يحدث أي جديد، وجاء حسني مبارك فكان كسابقيه..
ولكن عندما فاض النيل وزاد الفيضان واندفعت الدولة لشق مفيض توشكي لاستيعاب كميات المياه الزائدة، وظهرت إمكانية الاستفادة منها في زراعة الصحراء، أعطى مبارك الأراضي للشركات الاستثمارية بسعر بخس ولم يعطها للمصريين، أعطاها للشركات الأجنبية بخمسين جنيهًا للفدان، بواقع 100 ألف فدان لكل شركة، فما زرعوها وما استفدنا منها حتى الآن، وتبددت المليارات في مشروع توشكى الذي ابتلع معظم حصيلة الخصخصة، ويعد توشكى هو أبرز مثال على نظرية الثقب الأسود لابتلاع الأموال المصرية التي تتكرر الآن في مشروعات مشابهة.
والرئيس الوحيد الذي فكر في توزيع أراضي الصحراء على المصريين كان الرئيس محمد مرسي، لقد شكل لجنة لبحث توزيع الأراضي، ولكن الظروف السياسية لم تمهله حتى ينجز، حيث دارت عجلة الانقلاب، قبل أن ينفذ المشروع وأطيح به ووضع في السجن.
وعندما وصلنا إلى المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخرًا في شرم الشيخ أعلنت الحكومة عن طرح مليون فدان للاستصلاح، ولكن كما هو المتوقع السير في إطار الفيتو الأمريكي، حيث قرروا إعطاء الأراضي للمستثمرين الأجانب والشركات الأجنبية وتكرار تجربة مبارك.
منخفض القطارة:
وفي سياق الفيتو الأمريكي تم تجميد مشروع منخفض القطارة بكل صيغه؛ سواء بتحويل مياه النيل إليه بدلًا من أن تلقى في البحر الأبيض المتوسط، وتحويله إلى خزان للماء العذب أشبه ببحيرة ناصر، أو باستخدامه لتوليد الطاقة من خلال حفر قناة من البحر المتوسط؛ لتوصل الماء إلى المنخفض والاستفادة من انحدار المياه ببناء سد لتوليد الكهرباء التي تستخدم في تعمير المنطقة.
وإذا اكتملت السيطرة على معظم المساحات في وادي النطرون، وتم شراء ما تبقى من أراضي بواسطة سماسرة رهبان دير وادي النطرون سيعاد طرح الموضوع، وهنا ستظهر المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية لتبني المشروع، لإمداد الدويلة الجديدة بالطاقة.
سيعاد فتح موضوع منخفض القطارة لإنشاء أكبر عازل مائي صناعي في العالم؛ لعزل سكان العلمين ومطروح عن وادي النطرون، وإبعاد السكان المسلمين غربًا.
سيبقى سكان مطروح الذين ينتمون لقبائل أولاد علي هم عامل القلق للدولة المسيحية الصهيونية، فهذه الكثافة السكانية بمنطقة مطروح تشكل تهديدًا مستقبليًا، لذا راعت الدوائر الاستعمارية الصهيونية التي وضعت مشروع تقسيم المحافظات المصرية عزل سكان مطروح في منطقة جغرافية صغيرة، وخنقهم حتى لا ينتشروا في التقسيم الصهيوني.
وبالاطلاع على مشروع المحافظات نرى ما يلي:
1- تم تقسيم محافظة مطروح إلى 3 محافظات؛ الجزء الأيمن يضم إلى وادي النطرون باسم محافظة العلمين، وانتزاع الجزء الغربي مع الحدود مع ليبيا وإنشاء محافظة باسم سيوة، وبهذا تم تقليص واختزال المحافظة التي كانت مترامية إلى المنطقة الوسطى.
2- انتزاع الأراضي التي قام أبناء مطروح باستصلاحها وزراعتها شرق المنخفض وإعطائها للشركات الأجنبية.
3- الإصرار على تحويل الشريط الساحلي وحتى ليبيا إلى منتجعات سياحية حتى لا يستقر بها سكان.
4- مشروع منخفض القطارة سيغرق نصف المحافظة ويحول مطروح إلى جيب صغير ومثلث ضيق، محاصر من كل الجهات، كإجراء مرحلي لحين فرض السيطرة الصهيونية الصليبية على باقي الصحراء الغربية.
استخدام الرهبان في تنفيذ مخطط التقسيم:
ما فعله الرهبان في وادي النطرون والسطو على الأراضي، الذي تناولته في المقال السابق، صاحبه تحرك رهبان آخرين في الاستيلاء على الأراضي من أسيوط وحتى الفيوم، بذات الطرق، مستغلين ضعف الدولة وهيمنة الكنيسة المصرية على القرار السياسي، فالرهبان الذين كانوا يقيمون في الأديرة والصوامع للتعبد انطلقوا يشيدون الأسوار ويدخلون ويسرقون مساحات شاسعة بآلاف الأفدنة داخلها بقوة السلاح واستخدام أجهزة الدولة لحمايتها، وابتزاز الحكومات واستغلال الانهيار السياسي الذي تعيشه البلاد لفرض سياسة الأمر الواقع.
الوقائع كثيرة آخرها ما حدث في الفيوم وسطو مجموعة من رهبان الصحراء على عشرات الآلاف من الأفدنة ومنع الدولة من شق طريق بالمنطقة باعتبارها ملكية مسيحية خاصة!
لقد قام مجموعة من الرهبان بالسيطرة على الأراضي في وادي الريان بالفيوم، واستغلوا انشغال الشعب المصري بثورة يناير 2011 بالسيطرة على محميتين طبيعيتين، واستخدموا الأسلحة والمدافع الرشاشة في طرد العاملين بوزارة البيئة واستولوا على أجهزتهم ومعداتهم مستغلين انهيار حكم مبارك.
سيطر حفنة من الرهبان على محمية وادي الريان الشهيرة بما فيها من عيون كبريتية وحيوانات نادرة، ووضعوا يدهم أيضًا على وادي الحيتان وهو محمية طبيعية بها كائنات متحجرة؛ حيتان وكائنات بحرية يأتي إليها السائحون من كل إنحاء العالم، وشيدوا الأسوار بمسافة كيلو مترات وأدخلوها في حيازتهم ولم يعيروا اهتماما لمظاهرات أنصار البيئة والجمعيات السياحية التي نظمت وقفات خارج الأسوار دون أن تتدخل الدولة لمنع هذه الجريمة الخارجة على القوانين.
لم يتوقف رهبان الصحراء عند المحميتين وإنما استولوا على المزيد من الأراضي ليصل إجمالي المساحة التي أدخلوها تحت سيطرتهم (صرح رئيس هيئة المحميات الطبيعية 85 ألف فدان)، ولم يتوقفوا عند الاستيلاء على الأرض المحمية بالقانون وفقط، بل منعوا الدولة من شق طريق يربط الفيوم بالواحات يمر بجوار الدير، ولم تستطع الحكومة شق الطريق حتى الآن في أغرب عملية سطو على أراضي الدولة.
سكان الدولة المسيحية الصهيونية:
الدولة المسيحية في الصحراء الغربية لن تكون مقرًا للمسيحيين المصريين الانفصاليين فقط، فأمريكا والدوائر الصهيونية لا تخطط للأقليات المسيحية في العالم، فالبروتستانت الإنجيليون لا يقدمون هداياهم للأرثوذكس والكاثوليك، فهم يرون أن المذاهب المسيحية الأخرى خارجة عن الملة.
وعندما احتل البريطانيون البروتستانت مصر لم يخدموا المسيحيين المصريين الأرثوذكس، وهذا ما جعل المسيحيين ينضمون للنضال ضد الاستعمار، ولم يكرروا تجربة التعاون مع الحملة الفرنسية التي قادها المعلم يعقوب الذي شكل فيلقًا عسكريًا من المصريين المسيحيين وقاتل مع الفرنسيين ضد المسلمين، وكانت نهايته الموت في عرض البحر بعد طرده مع الفرنسيين.
ودرس المعلم يعقوب هو الذي جعل المسيحيين المصريين يقفون مع المسلمين في الحركة الوطنية ضد الإنجليز فظهرت قيادات مسيحية حظيت باحترام المسلمين مثل مكرم عبيد وفخري عبد النور وسينوت حنا، لكن يبدو أن رهبان اليوم يسيرون على خطى المعلم يعقوب.
يعتمد المخططون الصهاينة على النزعة الانفصالية لدى الرهبان المتطرفين ويستخدموهم كوقود، فهم يعلمون أن المسيحيين المصريين ليسوا أهل حرب وقتال لعدة أسباب أهمها أن نسبتهم التي لا تزيد عن 6% لا تؤهلهم لخوض مغامرة تنهي وجودهم في مصر ولهذا فإن الدوائر الصهيونية ستعتمد على جيوش بلاك ووتر وفرسان مالطا التي ستتدفق على الصحراء الغربية كحراس للشركات والاستثمارات الأجنبية، وستستعين هذه الشركات بالمرتزقة الصليبيين من دول العالم الثالث كموظفين وعمالة، لفرض واقع جديد في الصحراء التي تم إخلائها لهم من المصريين.
ما نتحدث عنه من مخططات ليس قدرًا نافذًا، وليس كل ما يريده خصومنا يتم، إنه مجرد مكر وتخطيط لا يتحقق إلا بغفلتنا وحجم الاختراق في قلاعنا، ويمكننا بقدر بسيط من الوعي والتنبيه أن نفشل كل هذه المؤامرات، وعلينا أن نلح في التحذير لفضح هذا المكر وكشفه لوقفه ونزع سمومه.
وأختم كلامي بأن ما نكتبه قضية فوق الخلاف السياسي، فهي قضية متعلقة بأمن مصر وبمستقبل الأمن القومي المصري، ونهدف مما نكتب تنبيه المخلصين في دوائر الحكم للخطر حرصًا على بلادنا مما يدبر لها من دوائر الشر، ونأمل أن تجد هذه الكلمات من يعيها بشكل صحيح ويساهم في وقف هذا الاندفاع الشرير لتنفيذ ما يخطط لنا عن جهل وعدم دراية أو عن قصد وسوء نية، فهدفنا جميعًا أن تمر هذه الفترة الصعبة من تاريخ مصر بأقل قدر من الخسائر حفاظًا على أمننا ووحدة بلادنا.
عامر عبد المنعم
كاتب صحفي
- التصنيف: