إحياء - (336) سُنَّة عدم الاحتجاب عن حاجة الناس
ولاية أمر من أمور المسلمين شيء كبير، ومهمة خطيرة، ولو يعلم الولاة كيف سيُحاسَبون يوم القيامة ما طمعوا في ولاية قط..
ولاية أمر من أمور المسلمين شيء كبير، ومهمة خطيرة، ولو يعلم الولاة كيف سيُحاسَبون يوم القيامة ما طمعوا في ولاية قط، فقد روى أحمد -وقال الأرنؤوط: حسن- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: « »، وذلك أن الوالي مُطَالَبٌ بأن يسعى بكل جهده لإصلاح أمر رعيته كلها، وما أكبرها!
فلَزِمَ أن يفتح بابه على الدوام لحاجتهم، وحَرُمَ عليه أن يمتنع عنهم، أو يهمل قضية من قضاياهم، وقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي مَرْيَمَ رضي الله عنه، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « »، ولفظ الرسول صلى الله عليه وسلم هنا يُشِير إلى أنه لا يقصد الولاية العظمى فقط، إنما يقصد ولاية أي "شيء".
بمعنى أن يلي الرجل مصلحة من المصالح، أو هيئة من الهيئات، وهذا يشمل كل الوظائف التي تتحكَّم في مصالح الناس وهمومهم، ولا شك أن واجب إمام المسلمين أكبر، ولذلك خصَّه الرسول صلى الله عليه وسلم بالذكر في حديث آخر، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن عَمْرُو بْنِ مُرَّةٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قال لِمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «
».فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ، فليحرص كلٌّ منا على عدم الامتناع عن حوائج الناس، وعلى عدم إغلاق أبوابنا أمامهم، فإن هذا الاحتجاب مخالف للسُّنَّة، ولو كان قليلًا.
ولا تنسوا شعارنا قول الله: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].
راغب السرجاني
أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: