نعم أنا أتغير - (8) الطائر الصغير

منذ 2015-06-26

‫‏نعم أنا أتغير‬! حينما علمتني إرادة الله وحكمته في المنع والحرمان أنني لا بد أن أرضى وأصبر، ولا يمنعني الحزن -أبدًا- من أن أحاول وأعاود المحاولة، وأقف مرة أخرى وأسعى، متيقنةَ أن الخير فيما اختاره الله لي، وأنني من أجل أن أنهض من جديد عليّ أن (أتخفف) من بعض الأحمال والهموم..

حينما علقت قلبي بشدة بهذا الحلم، وسجنت نفسي فيه لسنوات..!

كل الجهد والطاقة، والسعي يصب فيه (فقط لا غير)، ثم انتهى بي الحال: أن الله حال بيني وبين تحقيقه!

- الصدمة الأولى: لأنها الأصعب على الإطلاق هي دائمًا معيار تحقيق الرضا، وعلوالأجر، والعون من الله إن صبرت واسترجعت إبتداءً (سيعينك الله على كثير من همك وحزنك)، -إنتهاءً- وسيمدك بقوة لكي تنهض وتحاول من جديد، في باب جديد. 

- خرجت لمكان مفتوح، ربما أجد متنفسًا من الهم الذي أصابني، فبينما أنا شاردة في عالمي وجدت طائرًا قد كُسر جناحه، أشفقت عليه، ربما أشفقت على نفسي، لأن هذا كان إحساسي بالضبط، رأيته يحاول الطيران فيتألم، فيهبط على الأرض (مضطرًا) ثم يحاول ويحاول.. حتى أجهده الألم! أحضرت له طعامًا، وشرابًا (فزع، ورفض)! يبدو أن الدافع الحقيقي القوي وراء محاولاته للطيران (ليس الجوع، ولا العطش) إنما استعادة (القدرة) على السعي والعمل، والتحليق عاليًا من جديد. 

- افترشت الأرض وجلست بجواره، (نام من الإجهاد)، ثم قام ليعاود المحاولة، فلمحه طائر آخر من نفس فصيلته، لكنه يبدو أكبر سنًا، لأنه أكبر حجمًا بفارق ملحوظ، فهرع إليه محاولاً مساعدته، يحمله تارة، يسنده أخرى، يتركه ليلتقط أنفاسه ويحاولان مرة أخرى حتى بدأ الطائر الكبير في عمل شيء عجيب.. 

بدأ يأخذ بمنقاره من ريش جناح الطائر الصغير المكسور -هذا الريش الصغير، الذي لم يكتمل بعد- ريشة، اثنتين، حتى وصل إلى سبع وقام بعمل نفس الشيء مع الجناح الآخر، وكان العصفور الصغير يتألم، ويصدر أصواتًا تمزق القلب حقًا، والطائر الكبير ماض في نزع ريشه ولا يلتفت! ثم تركه ليهدأ، ثم أعادا المحاولة للطيران وأخيرًا، نجحا سويًا في الطيران من جديد..!
 
- ‫‏نعم أنا أتغير‬! حينما علمتني إرادة الله وحكمته في المنع والحرمان أنني لا بد أن أرضى وأصبر، ولا يمنعني الحزن -أبدًا- من أن أحاول وأعاود المحاولة، وأقف مرة أخرى وأسعى، متيقنةَ أن الخير فيما اختاره الله لي، وأنني من أجل أن أنهض من جديد عليّ أن (أتخفف) من بعض الأحمال والهموم..

 وأن الألم والفقد وارد جدًا أن يصبحان ضريبة أدفعها من أجل قوة النهوض مرة أخرى، وأن من وضع كل هذه الرحمة والحكمة في قلب طائر كبير على أخيه الصغير، فسخره لكي يساعده، لهو قادر على أن يرحم ضعفي وحاجتي، ويعينني لكي أقف مرة أخرى (من جديد) ويُسخر لي -برحمته، وقدرته- من يكونوا عونًا لي، فالحمد لله رب العالمين. 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

غادة النادي

كاتبة و داعية إسلامية

المقال السابق
(7) صاحبة حق
المقال التالي
(9) أيها الحزين! لست وحدك