كان الميدان في رمضان

منذ 2015-06-27

بالميدان في رمضان نرفرف برايات النصر لمصر، ونرفع أصواتنا بالهتاف وبالصدع بكلمة الحق في وجه جائر وخائن وقاتل، قد نذرنا حياتنا فدية لديننا وأمتنا وشريعتنا.

نحن بفضل الله تعالى في خير حال وراحة وطمأنينة وثبات ورضا، وتسليم بقضاء الله وقدره وثقة ويقين في موعود الله تعالى للمؤمنين بالظفر بإحدى الحسنيين، فإما النصر وإما الشهادة، إصرار عجيب وعزيمة صادقة وإرادة قوية، لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر.. 

وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له، يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره، بهذه القوة الروحية الهائلة تبنى المبادئ وتتربى الأمم الناهضة، وتتكون الشعوب الفتية وتتجدد الحياة في من حرموا الحياة زمنًا طويلاً.. 

الميدان في رمضان روضة من رياض الجنة، ننعم بمعية الله وتنزل رحماته، واستمطار العون والمدد منه تعالى، نتبرأ من وسعنا وحولنا وقوتنا وعددنا وعدتنا إلى حوله وقوته، تحفنا الملائكة وتغشانا الرحمة وتتنزل علينا السكينة، ويذكرنا الله في من عنده..

بالميدان في رمضان نتقلب في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، فمن عمل لعمل، ومن طاعة لطاعة ومن فضل لفضل، ومن حسنة لحسنة..

بالميدان في رمضان ننعم بحلق العلم والذكر والدعاء والاستغفار، والصيام ومدارسة القرآن وإحياء الليل والصلاة والسلام على رسول الله، والاعتكاف والتأمل والتفكر، ومجالسة الصالحين والعلماء العاملين الربانيين والأوفياء الصادقين الناصحين، المحبين المشفقين الذين يتخيرون أطايب الكلم وأعذب الألفاظ، وأجمل الابتسامات وسموا المشاعر: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح من الآية:29].

بالميدان في رمضان تسبقنا نياتنا، فمن الأخوة الصادقة والنصح والإرشاد، والحب في الله وتبسمك في وجه أخيك صدقة، والتعاون والتآلف والتعارف والتفاهم، والتكافل والتضحية بالجهد والوقت والمال والنفس، إلى استحضار نية الحراسة والرباط والجهاد، والاستشهاد وتذكر مواقف الإسلام الفاصلة في حياة الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين والصالحين المصلحين.. 

قال صلى الله عليه وسلم: «رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطًا مات مجاهدًا وجرى عليه عمله وأجرى رزقه من الجنة وأمن الفتان» (مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: «من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها» (صحيح الجامع)، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر؟ حارس الحرس في أرض خوف لعله أن لا يرجع إلى أهله» (السلسلة الصحيحة).

بالميدان في رمضان نرفرف برايات النصر لمصر، ونرفع أصواتنا بالهتاف وبالصدع بكلمة الحق في وجه جائر وخائن وقاتل، قد نذرنا حياتنا فدية لديننا وأمتنا وشريعتنا.

وسيظل ميدان رابعة العدوية في رمضان في قلوب وعقول ونفوس أصحابها حيًا، ينبض بالخيرات إلا أن يأذن الله بميلاد يوم القصاص فتفرح القلوب المكلومة، وتسعد النفوس الحزينة وترضى الأمهات الثكلى، والأرامل المعذبة واليتامى الحيارى.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

ماهر جعوان

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام