فضل القرآن
القرأن حياة، من هجره مات قلبه، ومن تعاهده أحيا الله قلبه، ونور دربه.
اعلموا أن القرآن الكريم خير كتاب أُنزل على أشرف رسول، إلى خير أمة أُخرجت للناس، بأفضل الشرائع وأسماها وأكملها، أُنزل القرآن لكي يقرأه المسلم ويتدبر معانيه، ويتفكر في أوامره ونواهيه، ثم يعمل به، فيكون حجةً له عند ربه.
القرآن حجةٌ لك أو عليك، يقرأه المسلم، ويعمل بمُحكمه، يؤمن بمتشابهه، ليكون شفيعًا له يوم القيامة، وقد تكفَّل الله بمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، يقول صلى الله عليه وسلم: « » (ابن باز[130])، وقال عليه الصلاة والسلام: « » (صحيح مسلم [805])، وقال صلى الله عليه وسلم: « » (الألباني [1455]).
لنتساءل جميعًا هل بعد هذا الفضل العظيم فضلٌ أعظم من هذا الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لا والله لكنَّ المسلمين -أسأل الله أن يردنا جميعًا إلى الحق- لما أعرضوا عن كتاب الله واستبدلوه بالمجلات والجرائد واستماع الملاهي؛ هان عليهم هذا الفضل العظيم؛ وسيكونون في خسارة وسفال، إن لم يرجعوا إلى ربهم وإلى دينهم القويم المستمد من هذا الينبوع العظيم، وهو القرآن الكريم.
كان عثمان وهو خليفة رضي الله عنه وأرضاه، يجلس من صلاة الفجر فيفتح مصحفه حتى الظهر، فيقول له الصحابة: لو رفقت بنفسك يا أمير المؤمنين! قال: "والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن"، هذا وهو خليفة، وهو مسؤول عن الأمة، وأمور الأمة تدبر تحت يديه، فلم يشغله شاغلٌ عن القرآن.
وهجر تدبر القرآن؛ أن يقرأ القرآن لكنه ساهٍ لاهٍ لاغٍ لاعب، يردده بلسانه، وقلبه في السوق أو المزرعة، أو في المكتب أو في المدرسة، قد أخرج روحه ووزعها مع الناس، وقد أرسل عينيه ولسانه يردد كلامًا لا يفقهه، فهذا من الذين هجروا تدبر القرآن، وكل الحياة، وكل النور في تدبر هذا النور، فهذا أعرض بشق التدبر وما أعرض بالتلاوة، فهذا له أجر التلاوة، وأما أجر التدبر، وما يحصل به التدبر من نورٍ وإيمانٍ وفقهٍ واستنباط، فلا يحصل عليه.
استمسكوا بكتاب الله، ولا يصدنكم صادٌ عنه، أحيوه في منازلكم وأسركم، وبيوتكم وفصولكم وسياراتكم، أحيوا هذا الكتاب؛ لتسعدوا، ولينصرنا الله، وليُديم الله علينا الأمن والاستقرار والأمان، ولئلا يغضب الله علينا فيزلزلنا كما زلزل غيرنا، ويمحقنا كما محق غيرنا، فإن بأسه لا يُرد عن القوم المجرمين.
ومن أكبر ما يعارض القرآن، الأغاني الخليعة الماجنة التي أغوت شبابنا فجعلتهم شبابًا مائعين ضائعين، منسلخين تائهين، يكبر أحدهم فإذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره، أخذ العود فطنطن به أربعًا وعشرين ساعة، فنسي مهمته ومستقبله، ونسي مصيره إلى الله، ونسي مكانته من العالم، ثم أتى أمثاله وأضرابه فسموه الشاب الصاعد، وهو نازلٌ، لأن الذي يصعد هو الذي يكرم نفسه بالسجود لله، والذي يصعد هو الذي يحمل في قلبه لا إله إلا الله، والذي يصعد هو الذي يتشرف بعبودية الله، والذي يصعد هو الذي ينقي نفسه من معصية الله.
فعودةً يا أمة الإسلام إلى الله! وعودةً يا أحفاد أبي بكرٍ وعُمر وعثمان وعليّ، يا أحفاد فاتحي الدنيا ومعلمي الإنسانية، يا أحفاد من رفعوا رأس الإنسان، وكان على الأوثان يطبل ويزمر، ومع الشياطين يعشعش ويعيش.
----------------------------------
منقول بتصرف من موقع إسلام ويب
- التصنيف:
- المصدر: