سعيد صيام، وزير الداخلية الشهيد

منذ 2009-01-17

..لكن في غزة حكاية أخرى فريدة ونادرة في وطننا العربي المغلوب والمقهور شعوبه دائما، ففي غزة تمت انتخابات نزيهة..


منصب وزير الداخلية في المنطقة العربية من المناصب المكروهة شعبياً بسبب أساليب القمع والاستبداد التي تمارسها وزارات الداخلية العربية، بخلاف تلفيق التهم للأحرار، وقمع المعارضة الشريفة والزج بها في السجون والمعتقلات!!!

ودائماً المنصب في المنطقة العربية هو عنوان تزوير إرادة الشعوب والتعذيب، وتحتفظ منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بسجل أسود في انتهاكات حقوق الإنسان لوزراء الداخلية العرب، وكل شهر وكل عام تصدر المنظمات الدولية والعربية تقارير تحصي فيها كم هائل من انتهاكات حقوق الإنسان العربي!!

لكن في غزة حكاية أخرى فريدة ونادرة في وطننا العربي المغلوب والمقهور شعوبه دائما، ففي غزة تمت انتخابات نزيهة وجاءت حركة حماس بإرادة الشعب الفلسطيني إلى الحكم، وكان لافتاً ذلك الرجل سعيد صيام الذي حصد أعلى الأصوات في الإنتخابات؛ فقد حصل على ما يزيد من سبعين ألف صوت، وكيف لا يحصد تلك الأصوات وهو ابن فلسطين، وابن المقاومة، وأيضاً هو الشيخ الداعية خطيب مسجد اليرموك، وهو المصلح الإجتماعي الذي عرفته العائلات الفلسطينية بإصلاحه ذات البين بين الفلسطينيين...

فكان اختياره وزيراً للداخلية في الحكومة التي شكلتها حركة حماس نقطة ملفتة وبارزة جداً في عالم وزراء الداخلية العرب؛ فلأول مرة يرشح لمنصب وزير الداخلية رجل جاء بإرادة الشعب!!!، رجل مصلح اجتماعي وداعية إسلامي، رجل تربوي تعّلم وتربّى على يديه الآلاف من شباب غزة!!!

فإندهش وزراء الداخلية العرب من هذا الوزير الذى يخالفهم فى كل شيء، بل لم يعين من قبل حاكم لمهارته فى القمع، بل جاء بإرادة شعب فرفضوه لأنه ليس من طينتهم، ولم يدعى لاجتماع واحد لوزراء الداخلية العرب!!!

ولكن سعيد صيام لم يبالي، واستلم مهام منصبه فكان خير الرجال، أحبه الصغير والكبير ومضى يحارب الجريمة وتجارة المخدرات في غزة فازداد حب الشعب له، ولكن على الطرف الآخر العملاء والخونة والمجرمين حاولوا النيل منه ومن وزارته ففشلوا...

وشكل سعيد صيام القوة التنفيذية لتكون يداً قوية تردع الخونة والمجرمين داخل غزة، وبفضل الله أحبط سعيد صيام الإنقلاب الأمريكي الدحلاني في يونيو 2007 فاشتد حنقهم وغيظهم من سعيد صيام الذي تمكن من القيام بواجبات منصبه بطريقة فريدة؛ حيث عمل على رضا الله ثم رضا الشعب الفلسطيني، وبفضل الله أحبط محاولات أكابر المجرمين في غزة، والعملاء الذين فشل فى إيقافهم كل وزراء ياسر عرفات...

وكان ملفتاً أن سعيد صيام وزير الداخلية الفلسطينية هو الذي يرعى المقاومة، ويؤمن المظاهرات والمسيرات.. لا يقمعها، ويؤمن عمل فصائل المقاومة.. لا يقبض عليها ويعتقلها!!!

وفي ظل الحرب والعدوان الصهيوني الهمجي الوحشي العنصري على غزة لم يختفي الرجل، بل كان وسط أهله وشعبه ورجاله يضبط الأمن في ظل الحرب، ويساعد كل محتاج ويدفع مرتبات العاملين معه، بل ويوصلها إلى كل موظف يعمل معه في بيته!!!

وفي مساء الخميس 15 يناير ليلة الجمعة كان ميعاد البطل المجاهد سعيد صيام مع الشهادة، ولم يكن وحده بل كان معه ابنه وشقيقه وعائلته ليثبت للجميع أن قيادات حماس لا تختبىء وإنما وسط الشعب يقاوموا بفضل الله.

يقيناً أعتقد أن الخونة من عملاء دحلان هم من قاموا بإرشاد العدو الصهيوني إلى مكانه، فقامت طائرات العدو بتدمير المنزل وتسويته بالتراب. على كل حال استشهد سعيد صيام (نحسبه كذلك ولانزكي على الله أحد) ليصبح أول وزير داخلية عربي يستشهد، ليضاف إلى مكارمه الأولى كأول وزير داخلية عربي ينتخب وأول وزير داخلية يحبه شعبه، وأول وزير داخلية مجاهد مقاوم للعدو الصهيوني، ثم أول وزير داخلية يستشهد!!!

وكما قيل قديماً بين أهل الحق وأهل الباطل الجنازات، فقد كان سعيد صيام أول وزير داخلية يشهد جنازته عشرات الآلاف وسط الحرب والتدمير، وتحت القصف غير خائفين، وتحاصرهم النيران والصواريخ والقنابل الفوسفورية الحارقة، ورغم ذلك يخرج عشرات الآلاف من أهل غزة لتوديع وزير داخليتهم الشهيد المحبوب، والدعاء له، ويبكون فراقه، ويهتفون بالثأر له، ويدعون الله أن يجمعهم به في الجنة،
بينما الكثير من وزراء الداخلية فى المنطقة العربية عندما يموتون لا يعرفهم أحد، وينكرهم الناس، ويدفنون سراً أو تحت الحراسة، ولا يخرج في جنازتهم إلا عدد محدود معروف، والجماهير تلعنهم، ويدعو كل مظلوم عليهم!!!

فهنيئاً لك ياسعيد صيام، يا أبو مصعب، حب الناس واختيار الله لك بالشهادة، وأسعدك الله في الجنة برضوانه يا أعظم وزير داخلية لم تعرفه، ولن تعرفه المنطقة العربية...

وهنيئاً لكل الشهداء في غزة، وأسأل الله أن يثبت أهل غزة، وينصرهم على اليهود ومن عاونهم.


ممدوح إسماعيل محام وكاتب
Elsharia5@hotmail.com



المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام