الصدفة دين الملحدين!

منذ 2016-01-06

الإلحاد في المفهوم المعاصر يعني عدم الاعتراف بالله سبحانه وتعالى، وإنما العالَم وما فيه من آيات عظيمة قد جاء - على حسب زعمهم - بمحض الصدفة،

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين. المُلحِد لا يؤمن بالصدفة إلا في موضع واحد فقط، وهو الجحود بنعمة الله تعالى، وفي غير ذلك فهو لا يؤمن بالصدفة، ولو سرق أحدٌ متاعه، وأخبره الناس أن متاعه سُرق صدفةً، لنعَتَهم بالحماقة، ولتعجَّب مِن ذَهاب متاعه صدفةً، فكيف يَنبغي لشخص عاقل أن يُنكر فضْل الله تعالى وقدرته في تدبير هذا الكون العظيم؟ إنه من الحق أن تكون جهنم مقرًّا للجاحِدين، ومأوى للغافلين الكافرين.

الإلحاد في المفهوم المعاصر يعني عدم الاعتراف بالله سبحانه وتعالى، وإنما العالَم وما فيه من آيات عظيمة قد جاء - على حسب زعمهم - بمحض الصدفة، وهذا الزعم الباطل غريب منافٍ للفطرة والعقل والمنطق السليم، ومناقض لمنهج العقل السليم ومسلَّمات الفك[1]، وهذا النهج يناقض أسس العلم الحقيقي الذي ينتسبون إليه زورًا وبهتانًا؛ قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:18]، فالمُلحد لا يتفكَّر في نفسه، وإنما تسوقه رغباته الإجرامية للجحود بنعم الله تعالى، فهو يَرى بعينَيه آيات الله تعالى، ويرى التدبير العظيم في خلق الله تعالى، ثم يدَّعي أنَّ هذا محض صدفة!

والعجيب أنَّ الملحد عندما يُجادل بالباطل يذكر سببًا لحدوث ظاهرة معيَّنة، ولا يؤمن بقدرة الخالق على خلق هذا السبب! تعالى الله سبحانه عما يقولون؛ قَالَ الله سبحانه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة:164].

الموت مِن آيات الله تعالى العظيمة، ويكفي بها عظة لكل المُلحدين أن يَتوبوا إلى الله تعالى، ويعتنقوا الإسلام العظيم؛ قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} ﴾ [الملك:1، 2]، وقال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:185]، وقال الله سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت:57]، وقال الله جلَّ جلاله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة:8]، وقال الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء:78]، فالمُلحِد شخص يؤمن يقينًا بأنه سيموت، ولكنه يَكفر بالله تعالى الذي خلق الحياة وخلق الموت، وهو لا يستطيع أن يُنكر أن الموت حقٌّ! فلو أنكر لاتَّهمه أقرانه من الملحدين أنه أحمق، وهم جميعًا لم يروا الموت، ولا يَعرفون أسبابه، ولكنَّهم يَرون آثاره الظاهرة، وأخباره المنقولة، فالكبير يموت، والصغير يَموت، الإنسان يموت، والحيوان يموت، العازب يَموت، والمتزوِّج يَموت، الصحيح يموت، والمريض يموت، الجندي في ساحة الحرب يموت، ومن يقوم بأعمال مدنية يموت، الغني يموت، والفقير يموت، والمسلم يموت، والمشرك يموت، والملحد سوف يموت، فهل من عظة قبل الموت وقبل العذاب الأليم، أم أنهم ممن يتعظون عند الموت؟!

على الملحد أن يتفكر ويتدبر حق التدبر، ويسعى لشكر الله تعالى الخالق العظيم، فالخالق العظيم جعل لنا لسانًا نتكلم به، وعينين نرى بهما، فهذه النعم كافية لدحض ادعاءات الصدفة والتطور المزعوم؛ قال الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ . أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ . أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} [الطور:35- 37]، فالخالق العظيم أسبغ علينا نعمَه ظاهرة وباطنة، وكل أعضاء جسم الإنسان تعمل في توافق وإعجاز برهانًا على عظمة الخالق جلَّ جلاله، وعلى الملحد أن يتفكر في كل شيء حوله، فكل ما في الكون يدل على أن للكون خالقًا يدبِّر أموره؛ قال الله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:20، 21]؛ قال الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت:53].

يجب على الملحد ألا يَستجيبَ للنفس السوء، وصحبة السوء، ممن جحدوا بنعمة الله تعالى، وعليه أن يسعى لكي يكون في زمرة المسلمين، ليكون من الموحِّدين، ويَنعم في جنات النَّعيم، ويتجنب عاقبة الجحود بنعم الله تعالى، ويتجنَّب عذاب الجحيم؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء:57]، وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا . إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء:168، 169].

نسأل الله تعالى السلامة مِن كلِّ إثْم، وأن يرزقنا وأهلنا والمسلمين جميعًا الموت على الإسلام، وحسن الخاتمة، ونصلِّي ونُسلِّم على رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى جميع الأنبياء والرسل الكرام، وعلى التابعين بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
-------------------------------------
[1] موقع الإسلام سؤال وجواب.

 

حسين أحمد عبد القادر