نفحات العشر الأوائل من ذي الحجة
منذ 2009-11-26
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أحبتي الكرام أطل علينا موسم عظيم، لا يعدو فضله أن يكون كفضل العشر الأواخر من رمضان، العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل أيام الدنيا كما ثبت في الحديث الصحيح، العشر موسم الخيرات وكرم رب البريات، العشر فرصة عظيمة لأولي الألباب وذوي النفوس العطشى لرحمة رب البريات، أيام العشر نهر يتدفق بالحسنات المضاعفات، وأرض خصبة للأعمال الصالحات، العشر الأوائل ثماره بدت يانعة للصالحين فبادروا فيه القطف سراعا عدة ليوم تتعاظم فيه حسرات المفرطين، العمل في العشر الأوائل من ذي الحجة فاق أجر المجاهدين إلا من ذهبت في سبيل الله نفسه وماله ذاك فقط الذي يعدله، فما بال الناس عن نفحاته غافلين؟ وفي موسم ربحه معرضين؟ العشر الأوائل نسماته مباركة فيحاء وصدى الذكر فيه شفاء، والإقبال فيه على الله فتح وفرج ودواءِ {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: ١٠]، كرم ربنا لا حد له، ورحمته سبقت غضبه، وعفوه أخجل البكر في خدرها، فاليسير الخالص له يقبله، ودعاء الأسحار قلما يرده، فأقبلوا على ربكم الرحيم فقد ناداكم بقوله: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١٣٣] وقوله: {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الحديد: ٢١]، فالبدار البدار لصوم هذه الأيام والصدقة فيها، وختم القرآن في أيامها ولياليها، وصلة الرحم التي قطعت، وأداء الزكاة التي منعت، والإكثار من التهليل والتكبير والإستغفار وحفظ الألسن من غدراتها وحفظ الفروج وغض الأبصار، أيام العشر ميزها الله عن سائر الأيام لاجتماع مجموعة من العبادات فيها صوم وذكر وصدقة وحج، إنه عمر جديد لمن استغله واستثمره بالطاعة، وإنها حياة أنس وسعد لمن أيقن واستيقن بوعد الصدق الذي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان مأتيا، يقول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧]، أيام العشر زاد وأنعم به من زاد ليوم المعاد، فكم من مريض حرم صيامه، وكم من معدوم حرم الصدقة فيه، أما رأيتم فضل ربكم وسماحة دينكم؟ كيف أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أفضل العمل فيه من غير مشقة ولا تعب يفريه؟ ثبت في الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» فقالوا: يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ -لأن الصحابة يرون الجهاد أعظم أعمال النوافل وسؤالهم دليل فقههم- قال صلى الله عليه وسلم: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» ، وفي حديث آخر بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» فأرشد النبي الكريم أمته بمزية نص عليها بعد أن أطلق بعموم العمل الصالح بقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح» فخص بقوله صلى الله عليه وسلم: «فأكثروا فيهن من التهليل..» ولا شيء يقوم لذكر الله فإذا اجتمع مع الصيام والصلاة كان أكمل وأنضر، ذكر الله حياة القلوب، الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله.. والله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد، وسنة الجهر بها هجرت ومن أحياها كان له أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئ، ذكر الله لا يقوم مقامه إنفاق الذهب والفضة وقتال العدو مع أنه يسير على من يسره الله عليه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وقراءة القرآن أفضل الذكر.
ختاما:
قالت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : "أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الفجر" ويكلل النجاح في اليوم التاسع من ذي الحجة بصوم يوم عرفة لغير الحاج فقد ثبت في الحديث الصحيح: «صيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية»، وسئل عنه فقال صلى الله عليه وسلم: «هذا اليوم لمن ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له».
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله.. والله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وآله وسلم.
المصدر: طريق الإسلام
- التصنيف: