المنتقى من كلام الدكتور محمد أمين المصري - (6) المؤمن القوي ووسائل تربية الإيمان
ليس من شك أن المؤمن القوي اﻹيمان هو الذي يصدع بالحق، ويحتمل اﻷذى في سبيله ويعيش لتكون كلمة الله هي العليا وهذا المؤمن خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف الذي يريد أن يعبد الله ولا يقوى على احتمال أذى في سبيله، وهذا هو ثمرة اﻹيمان وهو يعود على اﻹيمان أيضا فيزيده قوة ونماء.
ليس من شك أن المؤمن القوي اﻹيمان هو الذي يصدع بالحق، ويحتمل اﻷذى في سبيله ويعيش لتكون كلمة الله هي العليا وهذا المؤمن خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف الذي يريد أن يعبد الله ولا يقوى على احتمال أذى في سبيله، وهذا هو ثمرة اﻹيمان وهو يعود على اﻹيمان أيضا فيزيده قوة ونماء.
وليس من شك أيضاً في أن تربية اﻹيمان أكبر من كل أمر، ولكن ما الوسائل لتربيته؟ نذكر من هذه الوسائل ما يلي:
وسائل تربية الإيمان
1- القرآن الكريم وله من اﻷثر ما لا يمكن أن يكون لسواه فهو كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو الذي تخشع له القلوب وتدمع له العيون.
قال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83].
وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ } [الزمر:23].
وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَال أَوْقُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْض أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد:31].
وتربية القرآن مآلها أن تستقر معاني التوحيد في قلب العبد فيؤمن أنه لا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا مالك إلا الله، ولا يستحق العبادة إلا الله، وأن ينزع رجاءه من كل مخلوق ويجعل تمام رجائه بالله وحد...وهذا المعنى يوثق صلة العبد بربه فلا يخشى سواه ولا يرجو غيره.
فإذا تحقق للعبد بهذه المعاني لم يرهب ذا سلطان ولم يخشى جبارًا، ولكنه يصبح عبدًا لله.
2-ومن أقوى وسائل التربية دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسير اﻷنبياء من قبله وقد تكفل القرآن الكريم بذلك أيضًا، ومن اللفتات الكريمة أننا نقول في ركعة في صلاتنا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:6-7] والذين أنعم الله عليهم جل شأنه هم اﻷنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، ولقد كانت أكبر ميزاتهم دعوة الناس إلى عبادة الله وتحمل اﻷذى في سبيل ذلك.
3- ومن أقوى وسائل التربية اﻹيمانية أيضًا: وجود الفرد في جماعة مؤمنة، ولقد فرض الرسول عليه الصلاة والسلام علينا ذلك فقال: «
» الحديث.والجماعة تبعث في الفرد روح الثقة واﻷمل وتنشئ منه إنساناً غير الذي كان.
4- وبعد كل هذه الوسائل وأقواها العمل الصالح، واﻹيمان الذي ليس له ثمرة من العمل هو إيمان خامد هامد، ولقد قال السلف رضوان عليهم: "اﻹيمان يزيد وينقص..الطاعات تزيده والمعاصي تنقصه". فالعمل الصالح خير ما يزيد اﻹيمان قوة ورسوخاً.
5- ومن العمل العبادة، ورأس العبادة الصلاة، وهي الفارق بين اﻹيمان والكفر، إذ كيف يعقل أن يدع الذي آمن بالله جل شأنه السجود للعلي اﻷعلى إلا أن يكون إيمانه بمنتهى الضعف والرقة ومنتهى الإبهام والغموض وهو إيمان مشوب بكثير من الخطأ والانحراف ممتزج بالشك والهزل والهزء ولذلك عده الإمام أحمد كفرًا صريحًا مسايرًا ألفاظ الحديث.
والعبادة منشؤها اﻹيمان، فلولا اﻹيمان لما كانت عبادة ولكن العبادة تعود إلى اﻹيمان فتزيده قوة وخصبًا ونماء، فإذا ازداد اﻹيمان ازدادت العبادة، وإذا ازدادت العبادة ازداد اﻹيمان وهكذا.
وذروة اﻷعمال الصالحة الجهاد في سبيل الله ﻹقامة الحق والدعوة إليه، وليس من شك في أن أعلى درجات الجهاد ذلك الجهاد الذي تتغير فيه النفوس وهذا هو الذي فعله محمد عليه الصلاة والسلام حين فتح عيون الناس على الإيمان بالله وشرح الله صدورهم له فعرفوا للحياة معنى غير الذي عرفوه من قبل، عرفوا الحياة جهاداً في سبيل الله ليخرجوا الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
محمد أمين المصري
عالم، محدث، مرب. (1333 – 1397 هـ 1914 – 1977 م) كان للشيخ بحوث مهمة في التربية
- التصنيف:
- المصدر: