اليمن بين مؤامرة التفتيت والتدخل العسكري
منذ 2010-02-11
اليمن قديماً كان أرض الجنتين، وموطن الحضارات، وكان اليمن السعيد... أما الآن فالحضارة في المتاحف والجنتين آثارًا وتاريخًا...
والسعادة أمل يبحث عنه اليمنيون؛ فاليمن يشهد ثلاثة مشاكل معقدة كلها أعقد من غيرها؛
فتوجد مشكلة التمرد الحوثي في الشمال اليمني وفي الجنوب ما سمى الحراك الجنوبي والوسط تنظيم القاعدة.
لكن بعض أهل اليمن يقولون أنه لولا الفساد الذي استشرى في البلاد ما ظهرت تلك المشاكل واستفحلت وهذا ما يجعل المشاكل المعقدة أربعة وليس ثلاثة...
والذي ينظر إلى المشاكل على الساحة اليمنية جملة واحدة يتأكد من وجود مؤامرة خبيثة تم التخطيط لها منذ عقد من الزمن وعلى الأخص عندما تم ضرب المدمرة الأمريكية كول في أكتوبر عام 2000، هنا أدركت الولايات المتحدة حتمية تفتيت اليمن وإضعافه عبر دوامة من المشاكل المدبرة بإتقان وذلك ليس بسبب القاعدة وحسب ولكن للوجود الإسلامي المحافظ في اليمن أيضاً وأعتقد أنها خطة وضعتها إدارة بوش الصليبية وأوباما ينفذها بتريث...
مثال: مشكلة الحراك الجنوبي قديمة من الستينات عندما استقل اليمن ونشأت دولتين جنوبية شيوعية وشمالية، ثم مع عام 94 وبعد حرب طاحنة توحد اليمن وتحقق حلم اليمنيين فما الذي جعل الجنوب يتذمر؟
الإجابة العلنية تقول الفساد السياسي والاقتصادي وحرمان الجنوبيين من تقلد الوظائف العليا لكن من الذي حرك حركة الاحتجاج لتصل إلى هذا المستوى الخطير الذي يعلن الدعوة إلى الانفصال؟
الإجابة تقول أن قيادات اليمن الجنوبي السابق تعيش خارج اليمن وتقوم بجولات في الدول الغربية وهي ليست بعيدة عن أعين الولايات المتحدة الامريكية وبلا شك حدث اتصال كما حدث مع دمى المعارضة العراقية...
نقف عند هذا السؤال لننتقل للمشكلة الثانية وهي مشكلة التمرد الحوثي، وهي مشكلة تنامت حتى وصلت إلى تجاوز الحدود اليمنية إلى السعودية، وهو ما استدعى تدخل عسكري سعودي وحرب ما زالت تدور حتى كتابة السطور...
اللافت في مشكلة الحوثيين أنها كلما هدأت تجددت، لكن فى المرة الأخيرة لم تهدأ وتزامنت مع الحراك الجنوبي الداعي للانفصال، وقد اتفقت الحكومة اليمنية مع السعودية على وجود أيدي خارجية تحددت بإيران هى التي تدعم التمرد الحوثي.
وكان لافتًا:
1-تحول الحوثيين من زيدية إلى شيعة اثنى عشرة.
2- الكم الكبير والمتنوع من السلاح الذي لدى الحوثيين، مما يعني إدراكهم لخوض حرب كبيرة وطويلة، وما كانت هذه القدرات تتوفر لدى الحوثيين لولا الدعم الإيراني.
لكن السؤال ما هي علاقة إيران بالمخطط الأمريكي؟
الإجابة نرجع بها إلى ما حدث في العراق من تعاون بين المعارضة الشيعية والأمريكان هل كان ذلك بدون علم الإيرانيين؟ بلا شك لا، والعلاقة بينهم في العراق توضح وجود مخطط لتقسيم المكتسبات في عالم عربي ضعيف وعاجز، وما كان يخفى على المخابرات الأمريكية المتمركزة حول اليمن وداخله الاتصالات والدعم الإيراني للحوثيين، وبالتالي استخدمت ما يحدث من علاقة لتحقيق مخططها...
أما المشكلة الثالثة فهي كما يقولون ثالثة الأثافي أنها تنظيم القاعدة، وظهوره بشكل قوي وكبير وغير متوقع من تنظيم كان المرجح أنه في مرحلة تآكل.
التاريخ يقول أن القاعدة مرتبطة باليمن كارتباط بن لادن بأصوله اليمنية؛ لذلك كانت عملية ضرب المدمرة كول في أكتوبر 2000 في خليج عدن بمثابة تدشين لقوة القاعدة قبل 11 سبتمبر، لكن رغم وجود القاعدة في اليمن وقيامها بعلميات مختلفة، إلا أن اهتمام أمريكا وبريطانيا لليمن كان متوقف على التنسيق الأمني فقط، ووجود ملحوظ للمخابرات الأمريكية والأف بي آي في التحقيقات مع المتهمين بالقاعدة.
ولكن عملية طائرة ديترويت التي قبض فيها على نيجيري كان يعتزم تفجير الطائرة، وقيل أنه تلقى تدريبه فى اليمن، هنا فقط تمت إزاحة الستار عن الرغبة في التدخل الأمريكي البريطاني وأعلن رئيس الوزراء البريطاني براون عن مؤتمر لندن من أجل اليمن المزمع عقده في 27 يناير، وهو مما أثار الشعب اليمني من تدخل أجنبي، ووصلت الإثارة إلى ذروتها بإعلان علماء اليمن الجهاد إذا ما تدخلت قوى أجنبية في اليمن.
لكن الولايات المتحدة عازمة على التدخل في اليمن بحسب ما أعلنه مسؤولون في الإدارة الأمريكية أنهم يبحثون في مد صلاحيات البنتاجون لمساعدة بلدان مهددة من القاعدة كاليمن والصومال (صحيفة الشرق الأوسط 20 يناير) ، واليمن وصلت بسبب التمرد الحوثي والحراك الجنوبي إلى حالة من التمزق والضعف السياسي الذي يرشح اليمن
لحالة شبيهة بحالة العراق أو الصومال، والولايات المتحدة اعتبرت حادثة ديترويت ساعة الصفر لانطلاق مخططها للتدخل في اليمن لحسم نصر سريع ضد القاعدة لتغطية الإخفاقات في أفغانستان خاصة أنهم متمكنون من خليج عدن والبحر الأحمر بأساطيلهم العسكرية وبوارجهم المتمركزة، لكن الأمريكان يفكرون بتريث في كيفية التدخل، وقد التقطوا إشارة علماء اليمن وهم يفكرون بجدية في القيام بعمليات عسكرية سريعة داخل الأراض اليمنية تحت غطاء ضرب أهداف للقاعدة، وقد تحقق بعض هذا بما قيل عن ضربات جوية قيل أن منفذيها أمريكان والحكومة اليمنية تنفي ذلك...
لكن يبقى الدعم الأمريكي للحكومة اليمنية بالخبرات والسلاح وكل أنواع الدعم المنظور وغير المنظور هو المعمول به تحت شروط أمريكية، بلا شك تنتقص من السيادة والاستقلال اليمني الذى وجد نفسه محاصرًا بفعل مؤامرة خبيثة ما بين تمزق وانفصال وحروب أهلية وفزاعة الإرهاب التي تستخدم كمظلة لتمرير قرار من الأمم المتحدة لتدخل عسكري..
وهنا يدرك الكثيرون إجابة تساؤلهم لماذا ترك الغرب الحراك الجنوبي والحوثيون يتحركون بحرية في تمزيق اليمن ولم يتدخلوا لمساعدة الحكومة اليمنية (التي ساعدتهم كثيراً) إلا عندما وصل الخطر فقط إليهم في ديارهم عن طريق طائرة ديترويت...
الإجابة تقول أنه مخطط ومؤامرة الفوضى الخلاقة من أجل تفتيت كل وحدة وإضعاف كل قوة في بلاد المسلمين وفي الوطن العربي...
وأخيراً كان الله في عون الشعب اليمني المسلم الحزين وأعانه على القضاء على كل أعدائه ومشاكله.
ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
Elshria5@hotmail.com
- التصنيف: