علامة الكيمياء الجلدكي

منذ 2016-03-20

إن الجلدكي الذي قضى جزءا من حياته في القاهرة يعتبر بحق من العلماء الذين لهم دور عظيم في علم الكيمياء. اهتم الجلدكي اهتماما بالغا بقراءة ما كتب عن علم الكيمياء، فاتخذ من قراءاته وتحليله طريقة لبناء مسلك علمي في علم الكيمياء وهذا ما يسمى بآداب علم الكيمياء العربية والإسلامية، قام الجلدكي بتجارب علمية في حقل الكيمياء، وإن كان معظم عمله تحليليا، فهو من علماء العالم الذين يدين لهم علماء العصر الحديث بالكثير

عز الدين أيدمر علي الجلدكي من علماء القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)، ولم نتمكن من العثور على تاريخ ولادته أو تاريخ وفاته بالضبط على الرغم من التحريات الكثيرة.

وقد تعرضت بعض المراجع لإسهام الجلدكي وذكرت أنه توفي عام 743 هجرية (1343-ميلادية)، كان الجلدكي كثير التنقل بين القاهرة ودمشق حتى قبيل وفاته إذ كان في دمشق سنة 739 هجرية (1339 ميلادية)، وفي القاهرة سنة 741 هجرية (1341 ميلادية)، وهناك إجماع بين علماء التاريخ أن الجلدكي ينتمي إلى القطر المصري.

يقول خير الدين الزركلي في كتابه (الأعلام): "إنه علي بن محمد بن أيدمر الجلدكي، عز الدين، كيميائي حكيم. اختلفت المصادر في اسمه واسم أبيه. نسبته إلى جلدك من قرى خراسان على فرسخين من مشهد الرضا (بإيران اليوم)، صنف أحد كتبه في دمشق عام 740 هجرية، وآخر في القاهرة في أواخر شوال 742 هـ".

أما دائرة المعارف الإسلامية فتنص على أن الجلدكي ألف كتابه (نتائج الفكر في أحوال الحجر) في القاهرة، وكتاب (البدر المنير في معرفة أسرار الإكسير) في دمشق امتدح الجلدكي كثير من علماء الكيمياء الحديثة ومنهم: مالمان جينما قال في مقالة نشرت له في مجلة الأورينستك: "الجلدكي يعتبر من عباقرة علماء الإسلام في حقل الكيمياء، وحقيقة الأمر أنه من هؤلاء العلماء الذين وضعوا أسس الكيمياء لمن أتوا بعده".

أما أ. ج هولميارد فيقول في كتابه (صانعو الكيمياء): "إن الجلدكي الذي قضى جزءا من حياته في القاهرة يعتبر بحق من العلماء الذين لهم دور عظيم في علم الكيمياء.
اهتم الجلدكي اهتماما بالغا بقراءة ما كتب عن علم الكيمياء، فاتخذ من قراءاته وتحليله طريقة لبناء مسلك علمي في علم الكيمياء وهذا ما يسمى بآداب علم الكيمياء العربية والإسلامية، قام الجلدكي بتجارب علمية في حقل الكيمياء، وإن كان معظم عمله تحليليا، فهو من علماء العالم الذين يدين لهم علماء العصر الحديث بالكثير".

ويذكر سامي حمارنه في كتابه (فهرست مخطوطات دار الكتب الظاهرية في الطب والصيدلة): "إن الجلدكي يعتبر آخر كيمياوي مسلم واسع الشهرة إذ ليس بين من جاء بعده من أحرز شهرته".

اهتم الجلدكي بدراسة تاريخ علم الكيمياء فتابع تطوراته بكل تمعن عبر الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية، وقضى جل وقته في دراسة إسهام جابر بن حيان والرازي في علم الكيمياء وغيرهما من علماء الإسلام واشتهر الجلدكي بتعليقاته وتفسيراته لبعض النظريات والأفكار الكيميائية الغامضة لذا فإنه قد قدم خدمة عظيمة لطلاب هذا الحقل.

يقول عمر رضا كحالة في كتابه (العلوم البحتة في العصور الإسلامية): "إن الجلدكي المتوفى سنة 743هجرية (1342 ميلادية) يعد من أعظم العلماء معرفة بتاريخ الكيمياء وما كتب فيها من قبله كان مغرما بجمع المؤلفات الكيميائية وتفسيرها وكانت عاداته أن ينقل عن من تقدموا من المشاهير كجابر بن حيان وأبي بكر محمد بن زكريا الرازي فقرات كاملة، وبذلك يكون قد أدى لتاريخ الكيمياء في الإسلام خدمة جليلة، إذ دون في كتبه الحديثة نسبيًا ما يكون قد اندثر وضاع من كتب سابقيه".

من دراسة الجلدكي المكثفة لإنتاج علماء العرب والمسلمين في حقل الكيمياء وتجاربه الكيمياوية الدقيقة التي أجراها بنفسه استنتج أن المواد الكيماوية لا تتفاعل مع بعضها إلا بأوزان معينة، ومما لا يقبل الجدل أن هذه الفكرة بحد ذاتها اللبنة الأساسية لابتكار قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيمياوي، الذي ادعى ابتكاره لنفسه كذبًا وبهتانًا جوزيف برواست الذي أتى بعد الجلدكي بخمسة قرون، كما أن الجلدكي طور طريقة كيميائية لفصل الذهب من الفضة بواسطة حامض النتريك التي استمرت تستعمل حتى يومنا هذا، وصدق جابر الشكري في كتابه (كيمياء عند العرب): "الجلدكي هو آخر الحكماء الذين تكلموا في الكيمياء، جمع أقوال العلماء والفلاسفة العرب والمسلمين، وصنفها تصنيفًا جيدًا مما يسر للباحثين المؤرخين مراجعة ما بحث وكتب في علم الكيمياء في أوج عصر النهضة العربية والإسلامية، وله آراء مهمة في الكيمياء، فهو القائل: إن المواد الكيميائية لا تتفاعل مع بعضها إلا بأوزان معينة، وهذا المفتاح الرئيسي في قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيمياوي وتوصل أيضا إلى فصل الذهب عن الفضة بواسطة حامض النتريك الذي يذيب الفضة تاركا الذهب الخالص".

أما عبد الرزاق نوفل فيقول في كتابه (المسلمون والعلم الحديث): " إن فضل الجلدكي على علم الكيمياء يظهر واضحًا جليًا من قوانينه التي وضعها في هذا العلم، ومنها قانونه الذي قرر فيه أن المواد لا تتفاعل إلا بأوزان معينة، وبعد خمسة قرون من وفاة الجلدكي أعلن العالم برواست قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيميائي ومنطوقه هو نفس نظرية الجلدكي".

لقد أعطى الجلدكي وصفاً مفصلاً لطريقة الوقاية والاحتياطات اللازمة من خطر استنشاق الغازات الناتجة عن التفاعلات الكيمياوية، فهو بذلك أول من فكر في ابتكار واستخدام الكمامات في معامل الكيمياء، كما درس دراسة وافية القلويات والحمضيات، وتمكن بكل جدارة من تقديم بعض التحسينات على طريقة صناعة الصابون المعروفة آنذاك وذلك بإضافة بعض المواد الكيمياوية التي تقلل من مفعول المواد الكاوية التي تحرق الغسيل، كما طور طريقة التقطير، وهو أول من قال إن المادة تعطي لونا خاصا بها عند إحراقها، فهو العالم المسلم العظيم المتقصي للحقائق العلمية.

ويقول عبد الرزاق نوفل في كتابه (المسلمون والعلم الحديث): "إن الجلدكي أول عالم نبه الأذهان إلى خطر استنشاق الإنسان للغازات والأبخرة الناتجة من التفاعلات الكيميائية، وضرورة اتخاذ الاحتياطات الكافية، وهو إن كان أوصى بوضع قطعة من القطن والقماش في أنفه فلعل ذلك هو ما أوحى بالعلماء حالياً أن يستعملوا الكمامات في معامل الكيمياء، وقد درس القلويات والحمضيات وتمكن من أن يضيف مواد كيمياوية إلى الصودا الكاوية المستعملة في صناعة الصابون للمحافظة على الثياب من تأثير الصودا الكاوية إذ إنها تحرق الثياب، وأوضح في مؤلفاته تفصيلاً للأنواع المختلفة للتقطير، وشرح طريقة التقطير التي تستعمل حاليًا مثل أوراق الترشيح والتقطير تحت الحمام المائي والتقطير المزدوج، وفي وصفه للمواد الكيميائية لا يترك خاصية للمادة إلا ذكرها، وأوضحها، بل أنه يعتبر أول عالم تمكن من معرفة أن كل مادة يتولد منها بالاحتراق ألوان خاصة، فهو مثلاً عندما يصف الرصاص يذكر كل ما يمكن أن يأتي به العلم الحديث من خواص فيقول عنه: (الرصاص جسم ثقيل بطباعه يذوب بالنار ذوباً سريعًا، ويحترق فيها ويتولد منه بالاحتراق المرتك والإسرنج، أصفر وأسرنجه أحمر، وإذا طرق يتحمل التطريق حتى يسرع إليه التفتت والتقصب، ويسرع إليه التصديد بالحموضات وبخل العنب إلى أن يصير اسفيدجًا).
والعجيب أن هذه كانت حال العالم الإسلامي في القرن الثامن الهجري، على حين كانت أوروبا تحارب هذه العلوم، وحسبنا من جهل بابا روما أنه أمر بإتلاف جميع المؤلفات التي تبحث في الكيمياء، واعتبر علم الكيمياء نوعًا من السحر.

ويذكر جلال مظهر في كتابه (أثر العرب في الحضارة الأوربية - نهاية الظلام وتأسيس الحضارة الحديثة): "إن العلماء الذين يشتغلون في تحويل المعادن الرخيصة كالرصاص والقصدير إلى ذهب وفضة كانوا معرضين لحسد العامة من ناحية وغضب السلطان من ناحية أخرى.

فقد أمر بابا روما بإفناء البحوث العلمية المتعلقة بعلم الكيمياء، وقد ذكر ذلك الجلدكي في مؤلفاته".

ولم يقتصر الجلدكي على علم الكيمياء بل كانت ثقافته واسعة جدًا، إذ بحث في مجالات مختلفة مثل الميكانيكا وعلم الصوت والتموج الهوائي والمائي، وأعطى شروحًا وتعليقات علمية دقيقة لبعض النظريات الميكانيكية وذلك في كتابة (أسرار الميزان) كما اشتغل بعلمي الطب والصيدلة وله في ذلك إنتاج مرموق واعتمد الجلدكي بدراسته بالظواهر الطبيعية على أساتذته ابن الهيثم والطوسي والشيرازي وغيرهم.

يقول عمر رضا كحالة في كتابه (العلوم البحتة في العصور الإسلامية): "قال عز الدين أيدمر بن علي بن أيدمر الجلدكي عن التموج الذي يحدث بأن ليس المراد منه حركة انتقال من ماء أو هواء واحد بعينه، بل هو أمر يحدث بصدم وسكون بعد سكون".

بقيت مصنفات الجلدكي مصدرًا هامًا لرواد علم الكيمياء في النظريات والبحوث الكيميائية.

ويذكر مصطفى عبد الغني في كتابه (الكيمياء عند العرب): "أن الجلدكي من خيرة علماء العرب والمسلمين بوجه عام، وكتبه تشبه الموسوعة لأنها شاملة على كثير من البحوث والأفكار الكيميائية والتجارب التي قام بها هو وزملاؤه وأساتذته علماء العرب والمسلمين، وخير مثال كتابه (التقريب في أسرار التركيب)"، أما جورج سارتون فيقول في كتابه (المدخل إلى تاريخ العلوم): "إن كتاب الجلدكي (نهاية الطلب) يعد من أهم الكتب التي أنتجها العقل العربي لما فيه من معلومات دقيقة مستندًا بذلك على إنتاج عمالقة علماء الإسلام مثل جابر بن حيان والرازي".

يذكر سامي حمارنه في كتابه (فهرست مخطوطات دار الكتاب الظاهرية في الطب والصيدلة) عن كتاب (نهاية الطلب) أن هذا الكتاب يحتوي على مقالتين الأولى في كيفية وضع الإكسير، والثانية تتعلق بماهية الرموز وأقوال الحكماء في فك الرموز ومفاتيح الكنوز، ويتضح جليا أن كيميائي القرن الرابع عشر الميلادي كانوا مهتمين باستعمال رموز للمصطلحات الكيمياوية، التي استكملت في شكلها الحالي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين.

وقد صنف الجلدكي كتاب البرهان في أسرار علم الميزان، فكان هذا الكتاب مفصلاً ومبوبًا تبويبًا حديثًا يدل على تعمقه في طريقة البحث العلمي التي تستعمل في أيامنا هذه، ويذكر سامي حمارنه في كتابه (فهرست مخطوطات دار الكتب الظاهرية في الطب والصيدلية) عن كتاب البرهان في أسرار علم الميزان للجلدكي أن هذا الكتاب يحتوي على ثماني مقالات في الحكم الإلهية والأسرار الخفية، فالمقالة الأولى تشتمل على المقدمة والثانية في أصول العناصر الأربعة وما يتعلق بموازين كل واحد منها، والثالثة في الإنسان والحيوان والنبات والمعدن وميزتها، والرابعة تبحث الأجساد السبعة: زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر وميزتها، والخامسة في الأملاح، والسادسة في الزينة والسابعة في اليقين المتعلق بموازين الأجسام الذاتية المعدنية وحكمة صنعها وفي بيان الفلزات، والثامنة، وهي المقالة الأخيرة، تحتوي على لواحق علم الميزان والعمل للوصول لتحضير الإكسير ومنافعه مع خاتمة.

بدا الجلدكي يفكر في كتابه بضم معظم ما توصل إليه من معلومات علمية بطريقة مختصرة، فألف (كتاب المصباح في علم المفتاح) يذكر عمر رضا كحالة في كتاب (العلوم البحتة في العصور الإسلامية) هذا الكتاب فيقول: "إنه عبارة عن خلاصة خمسة كتب، وهي البرهان في أسرار علم الميزان، وغاية السرور ونهاية الطلب في شرح المكتسب، وزراعة الذهب، والتقريب في أسرار التركيب في الكيمياء، وكنز الاختصاص في معرفة الخواص لذا بقي هذا الكتاب مرجعا لا يستغني عنه طالب علم فصار متداولا بين طلاب العلوم بوجه عام فترجم هذا الكتاب إلى عدد كبير من اللغات العالمية".

عكف الجلدكي على التأليف فأنتج كثيرا من الكتب العلمية التي صارت متداولة في جميع مكتبات العالم، والجدير بالذكر أن معظمها لا يزال على شكل مخطوط في تلك المكتبات.

ذكر جورج سارتون في كتابه (المدخل إلى تاريخ العلوم) المؤلفات الخاصة في حقل الكيمياء وهي:
1- البدر المنير في معرفة الإكسير.
2- بغية الخبير في قانون طلب الإكسير.
3- البرهان في أسرار علم الميزان.
4- الدر المنثور.
5- الدر المكنون في شارح قصيدة الظنون.
6- غاية السرور.
7- درة الغواص وكنز الاختصاص في معرفة الخواص.
8- كشف الستور.
9- المصباح في علم المفتاح.
10- مخمس الماء الورقي.
11- نتائج الفكر في أحوال الحجر.
12- نهاية الطلب في شرح المكتسب وزراعة الذهب.
13- شرح قصيدة أبي الأصباع.
14- شارح الشمس الكبرى لأبولونيوس.
15- التقريب في أسرار تركيب الكيمياء.
16- أنوار الدر في إيضاح الحجر.
17- كنز الاختصاص في معرفة الخواص.

لقد أدى الجلدكي خدمة جليلة لعلم الكيمياء، حيث قدم شروحا مفصلة للتجارب العلمية التي قام بها، إضافة إلى التي قام بها غيره من علماء العرب والمسلمين.

ويدعى علماء العرب أنهم يجهلون إسهام الجلدكي في الكيمياء لأن كتبه بقيت مهجورة في المكتبات العالمية باللغة العربية على شكل مخطوطات، ولهذا أعلن جوزيف براوست عام 1214 هجرية (1799 ميلادية) - بكل تبجح ابتكاره لقانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيمياوي، ومن ثم بدأ علماء الغرب يبلورون هذا الادعاء، حتى أصبح طلاب العلم في جميع أنحاء العالم يعتقدون ذلك. وعندما بدا المخلصون للعلوم ينكرون هذه الادعاءات محاولين نسبة الابتكار إلى صاحبه الجلدكي، كان الرد من علماء الغرب أن إنتاج الجلدكي في الكيمياء مغمور في مخطوطاته في المكتبات العامة، هذا طبعا لا يعني أن جوزيف براوست لم يطلع على فحوى إسهام الجلدكي في الكيمياء، أما كتاب المصباح في علم المفتاح كان في متناول علماء الشرق والغرب بلغات مختلفة، ومن ذلك يتضح أن براوست أخذ فكرته عن هذا العالم الجليل.

لم ينكر علماء الغرب أن الجلدكي هو أول عالم كيميائي فصل الذهب عن الفضة، بواسطة استخدام حامض النتريك الذي يذيب الفضة ويترك الذهب. وهذه الطريقة لا تزال تستعمل إلى يومنا هذا، أيضا اعترف علماء الشرق والغرب على السواء أن أول من فكر في قوانين السلامة في المعامل الكيميائية، وأول من استخدم الأكمام التي ترتدي عند القيام بتجربة كيميائية هو الجلدكي، وهناك نوع من الإجماع أن كتب الجلدكي هي عبارة عن موسوعات علمية تحتوي على معلومات نابغة وثمينة في علم الكيمياء لعلماء العرب والمسلمين ولغيرهم من علماء الحضارات الأخرى. فهو العالم العادل الذي يعطي كل ذي حق حقه بدون تحيز.

لقد امتازت مؤلفات الجلدكي بالتفصيل وتقصي الحقائق والإيضاحات الضرورية لفهم المسألة، حتى لغير المتخصص في مادة الكيمياء، كان يسهب في الشرح، فيعطي كثيرا من الأمثلة الكثيرة لبعض التفاعلات الكيميائية، كما أنه اهتم بالنواحي التاريخية، لأن الحضارة العربية والإسلامية تأثرت كثيرا بثقافات الأمم القديمة، ذلك أن علماء العرب والمسلمين ترجموا الكتب التي ألفها علماء تلك الأمم، وتفننوا فيها فلخصوها وعلقوا عليها بشتى التعليقات.

إن مما يؤلم جدًا رؤية إهمال هذا العالم الجليل، لأن المستشرقين لم يهتموا بشأنه ولا اهتم به قومه. لو كان الجلدكي من علماء العرب لرأيت التقدير الفائق النظير، ولرأيت اسمه منتشرًا بين الناس، كي تأخذ منه الأجيال حافزًا لطلب العلم، ويقتدوا بسيرته وطريقته في البحث.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أليس عيباً فاضحاً أن يعرف شباب أمتنا العربية والإسلامية عن بطليموس وكبلر ونيوتن وانشتاين، ويجهلوا تماما كل شيء عن عز الدين أيدمر الجلدكي؟

لا مانع بالطبع أن نعرف عن علماء الغرب الكثير، ولكن أليس من الطبيعي أن يحفظ لكل عالم قدره، دون أن يكون ذلك على حساب علماء أمة الإسلام؟

إن الوقت قد حان لنبدأ بدراسة تاريخ العلوم، ونضع علماء العرب والمسلمين في الموضع اللائق بهم بين علماء العالم.


المصادر والمراجع:
1 - م. المان: الأورنيستك (مجلة).
2 - سامي حمارنه: فهرست مخطوطات دار الكتب الظاهرية في الطب والصيدلة.
3 - خير الدين الزركلي: الأعلام.
4 - جورج سارتون: المدخل إلى تاريخ العلوم.
5 - جابر الشكري: الكيمياء عند العرب.
6 - مصطفى عبد الغني: الكيمياء عند العرب.
7 - عمر رضا كحاله: العلوم البحتة في العصور الإسلامية.
8 - جلال مظهر: أثر العرب في الحضارة الأوربية (نهاية الظلام وتأسيس الحضارة الحديثة).
9 - عبد الرزاق نوفل: المسلمون والعلم الحديث.
10 - أ. ج. هولميارد: صانعو الكيمياء. 
 

علي عبد الله الدفاع

المصدر: مجلة البحوث الإسلامية-العدد السادس - الإصدار : من ربيع الثاني إلى جمادى الثانية لسنة 1402هـ