شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - (15) غسل الإحرام

منذ 2016-04-15

وفي يومنا الأخير على السفينة علمنا عصرًا، أننا سنحاذي الميقات حوالي الثامنة ليلاً، وبعد صلاة المغرب والإفطار، كان بيننا ذلك الحوار ..

تقول صاحبتنا:

استمر شعوري بالسقم، مما جعلني عاجزة عن مجارة القوم، لا طاعة أستطيعها إلا الصوم، بالكاد أصلي الوتر مرهقة مضطرة إلى النوم!

بينما كانت الأخوات -ما شاء الله- يقمن ليلاً طويلاً طويلاً، ويتحلقن في النهار يرتلن ما يتيسر من القرآن ترتيلاً، وفي يومنا الأخير على السفينة علمنا عصرًا، أننا سنحاذي الميقات حوالي الثامنة ليلاً، وبعد صلاة المغرب والإفطار، كان بيننا ذلك الحوار:

- قالت إحدى الأخوات: وماذا عن غسل الإحرام؟

- فأجابتها إحدانا: أنّى لنا فعل ذلك هنا والآن.

بينما إلتزمت باقي الأخوات الصمت، كل تعمل عقلها بجِد.

- قالت أختنا الأولى: لا إشكال، ما لكُن! في دورات المياه سيكون الاغتسال!

- فردت الثانية عليها المقال: كيف لا إشكال!! وهل تلك الدورات تصلح للوضوء فضلاً عن الاغتسال؟! نحن نتجنبها إلا لضرورة؛ غالبًا زحام شديد وكلها مشغولة!

- قالت بعجب: لم لا نستعين بالله، ونأخذ بالسبب؟

- فأجابت إحدانا: أخيتي غسل الإحرام سنة!

- قالت وقد للذهاب استعدت: ولم لا نأتي بالسنة، قربة إلى ذي الجلال والمنة!

وتفرق الجمع، وكنت حاضرة إلا أنني لم أشارك في مناقشة الأمر. وانشغلت كل منا بإخراج غطاء الوجه: قطعة من قماش أسود مثقوب يسدل من الرأس، ولأنه ذو ثقوب صغيرات؛ استلزم حتى يتحقق الستر عدد من الطبقات [1].

وكان خمار إحدانا حتى الركبتين، مما يسر لنا ستر اليدين بلا قفازين، وإذا بأختنا ذات الهمة، منشرحة روحها في القمة.

- قالت: بفضل الله اغتسلت ثم فلانة وفلانة غسل الإحرام، وكان الأمر ميسرًا في تمام.

- قلنا: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، تقبل منكن الإله.

- قالت تحثنا على الخير: ها أنا قد بدأت في الأمر! ما لكن هيا، إنما فقط نية، ثم تعميم الماء على الجسد بالكلية [2]

فلم يستجب أحد لكلامها، غير من قد ذهبن في أول أمرها!

فلما نظرت -باركها الله- إليّ قلت لها: يا أخية جزاك الله خيراً على حثك الطيب والنية، ولكن أخيتي غسل الإحرام سنة ليس بواجب ولا ركن من الأركان، وفضلاً عن مشقته في ذلك المكان، يتملكني شعور بالسقم الشديد والغثيان ولا تنسي ما نعانيه من برودة المكان، فأنا فاقدة الاستطاعة، أسأل الله ألا يؤاخذني فلستُ مقصرة في العمل بالطاعة.

وانتهت عند ذلك الحد المناقشات، وكلنا على طهارة ننتظر محاذاة الميقات.

وقد ثبتت كل منا على رأسها غطاء وجهها، بعد أن خلعت كل منا نقابها، وبالطبع خلعت كل منا القفازات، متسترة بخمارها وبذا كنا جميعًا مستعدات، وحين علمنا بمحاذاة الميقات، شغلت كل منها نفسها بصلاة: فمنا من أهلت بعد صلاة العشاء والسلام، ومنا من أهلت بعد ركعتين من القيام [2] أهللنا نحن السبعة: لبيك اللهم بعمرة!

ويتبع بإذن الله.
------------------------------------------------------

[1] وقال ابن القيم في كتاب (إعلام الموقعين): "ولم يمنعها صلى الله عليه وسلم من تغطية وجهها، ولا أمرها بكشفه، وإنما نهاها أن تنتقب، أو تلبس القفازين في الإحرام. ونساؤه صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة بهذه المسألة، وقد كن يسدلن على وجوههن إذا حاذاهن الركبان، فإذا جاوزوهن كشفن وجوههن" إلى أن قال: "فكيف يَحْرُم ستر الوجه في حق المرأة مع أمر الله لها أن تدني عليها من جلبابها لئلا تعرف ويفتتن الناس بصورتها" انتهى.

[2] الغسل التعبدي: هو تعميم الجسد بالماء بنية.

[3] ليس هناك دليل على مشروعية صلاة ركعتين بنية سنة الإحرام

http://www.islamway....&fatwaid=22951

 

المقال السابق
(14) مناقشات قبل محاذاة الميقات
المقال التالي
(16) هل أُذّن للفجر