حسم تعريف (الرَّخَامَهْ) !

منذ 2010-04-21

الإرهاب لفظ لـه معنيان ، لاثالـث لهما ، أحدهما : أن تكون خانعـاً راهبـاً من عدوِّك ، أي يصيبك الجبن منه إلى درجة أن تغـيـّر فكرك ، وتتنكـَّر لجهاد أمّـتك ، وتحـرّف دينك ...



(الرَّخَامـَهْ) لفظُّ مشتقُّ من ( الرخمة ) ، وهو طائر معروف بالبلاده ، والنتانـة ، وهـو وإن كان على شكل النسر في الخِلقة ، لكنه ضدَّه تماما في الإقدام ، والشمـوخ ، والفتك ، ولفظ ( الرخامة ) لفظٌ عامـيُّ خليجيُّ _ لا أدري لعله يستعمل أيضـاً في بلاد أخرى _ يُطـلق على البليد الذي لاخيـر فيـه ، القاعد عن معالي الأمور ، فاقد الغيرة على المكرمـات ، وبإختصـار هـي تعني كلَّ ما يضادّ الرّجولة ، والرّجولة وصفٌ ربطه القرآن بأهل الإيمان في مقام الصدق في المواقف ، والثبات على الحق قال تعالى : {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} كما كان النبـيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو ( اللهم أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد).

وهكذا بحمد الله حسمنا تعريف أخطـر مرض يمـرّ على الأمـّة ، في عشر ثوان ، ومن غير حاجة إلى إجتماع ، ولا مؤتمر ، أعني تعريف ( الرَّخَامة ) ، ولكن ماهي العلاقة بينها وبين (الإرهاب ) ، فهذا ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى ؟!


الإرهاب لفظ لـه معنيان ، لاثالـث لهما ، أحدهما : أن تكون خانعـاً راهبـاً من عدوِّك ، أي يصيبك الجبن منه إلى درجة أن تغـيـّر فكرك ، وتتنكـَّر لجهاد أمّـتك ، وتحـرّف دينك ، وأحكـام شريعتـك ، ليرضى عنك العـدوُّ ، وهو بهذا المعنى مرادف للـ ( رَخَامه ) تماما ، وسنذكر أعراضها التفصيلية بعـد هنيهه.

والثاني أن تكون أنت معـتزاً بدينـك ، مرهوبـاً من عدوّك ، مهاب الجانب ، شامخ العـزّة ، مرفوع الرأس بجهادك ، ثابت في مبادئك ، وهذا الإرهاب هو الذي أمر الله به في القرآن قال تعالى : {وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله وعدوَّكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم}.

وهو بهذا المعنى مضادٌ للـ( رَخامه ) ومرادفٌ للرجـولة .

وهكذا أيضا حسمنا بحمد الله ، وبكلّ سهولة ، تعريف الإرهاب في عشرين ثانية من غير حاجة إلى مؤتـمر ، وتكلف (مصاريف) ، وتضييع وقت !
 

أما أعراض الرخامه المنتشرة هذه الأيام في شرائح كبيرة من العامة ، والخاصة ، حتى في أوساط المفكرين ، والعلماء ..إلخ ، فمنهـا :

الشعور بالهزيمة النفسية أمام الأعداء ، وهذا الشعور يلقى في العقـل الباطن لحامل هذا المرض الخطير ، عقدة الذنب ، فتراه عندما ينظر في حضارته ، يبحث عما عساه أن يثير العدوّ عليه ، أو يجلب أنظاره إليه ، فيخفيه ، أو يحرّفه عن معناه ، كما يفعلون في الجهاد ، وأحكامه ، والولاء للكافرين ، ومظاهره ..إلخ

تجـد المصاب بهذا الداء يلهـج دائما بمفردات بعضها شرعيـّة لكنها توضع في غير سياقها ، وتوظـَّف في غير معناها ، مثل (الوسطية) ، (الإعتدال) ، (التسامح) ، (الحوار) ، (مكافحة الإرهاب) ، (معالجة التطـرُّف) ، (محاربة التكفيـر) ..إلخ ، ( الخـوارج ) ( الخوارج ) ( الخوارج ) !! وتجده مشغولا من مؤتمر إلى مؤتمر ، ومن محاضرة إلى محاضرة ، كأنَّ أرضَ الإسلام مليئـةٌ بهـذه الوحوش التي تلتهـم الأخضر واليابـس ، وليس فيها شيء من جيوش الكفار !!
،
فهـو يحارب تلك الطواحين الهوائية التي صنعها الغربيون في ذهنه ، بينما جيوشهم تعيث في أرض الإسلام فساداً وهو كأنه لايرى ، ولايسمع ، صمٌ ، بكـمٌ ، عميٌ فهم لايعقلون !


وتكاد تختفي من قاموسه مفردات : الجهاد ، المقاومة ، الإرهاب الصهيوني ، الإرهاب الأمريكي ، التآمر على الأمـَّة ، إحتلال فلسطين ، إحتلال إفغانسـتان ، إحتلال العراق ، الوجود الأجنبي في البلاد الإسلامية ، تحرير الأمة من الهيمنة الغربية ..إلخ

ومن أعراضه محاربة كلِّ صور الإبـاء ، ومعاني العـزّة ، والعـلاء ، كما أنه ضـدّ كلِّ خطاب يحارب الخنوع ، والخضوع للباطل ، والسكوت عن الظلم ، ويسمّي هذا كلَّه خروجا عن (منهج السلف) !

ومنها أيضا هيمنة هذه الفكرة على حامل هذا الداء : أنَّ من حكـم الناس حتى لو نصبه أعداءُ الإسلام ، ومهما بلغ طغيانـُه ، وطغا صولجانـُه ، فهو وليّ أمرهم ، والموقـف منـه هـو التسبيح بحمدِه ، والطواف بكرسـي مجدِه ، والرضا التام بإستبـداده بالطغيـان فهـو قدرٌ محتومٌ ، وتقبل الظـُّلم بصدر رحب على أنه القضاءُ المحسـومُ !

ومن أعراضه الواضحة بلادةُ الشُّعور عندما يرى ما يجري على أمّته من تسلط الأعداء ، وما يصيبها من خيانة الخبثاء ، فإنَّ اضطره الموقف أن يقول شيئا ، قال : هذا من ذنوبهم ! بينما تذهب عنه البلادة فجـأة وتنتفخ أوداجُه ، ويحمرُّ وجهُه ، ويصيح بالولولة ، والجلجلة ، إذا خاف على سمعة ( ولي أمره ) من نصح الناصحين ، وغيرة المصلحين !

ومن أعراضه أنه يرى بمنظار المستعمر نفسه ، فهو يعتد بتقسيمات حدود ( سايكـس _ بيكو ) جـداً جداً ، ويعيش جاهلية (الوطنية ) بكلِّ شعوره ، ووجدانه ، ويدعو إلى إحتـرام خدعة ( السلام العالمي ) ، و( عالم جديد تسوده روح التعايش السلمي ) و إلى إحترام مواثيق المؤسسات الدولية التي يديرها التحالف الصيهوغربي ، أكثـر مما يحـترم مقاومـة الشعوب الإسلامية المسحوقة تحت نير إحتلال منافقي ( السلام العالمي ) ودجّالـي ( عالم جديد تسوده روح التعايش السلمي ) ونصّابـي( الأمم المتحـدة ) !!


ومن أعراضه أنه يفرح إذا مدحه الأمريكيون أو الصهاينة أنه صاحب فكر ( معتدل ) كما طنطـن الصهاينة بمـدح ( الطنطاوي ) ، وحدثني أحد العائدين من معتقل غوانتنامو أن إدارة السجن هنـاك ، وضعت صور كبيرة لأحد هؤلاء ( الرخوم ) وتحتها بعض عباراته التي يندد فيها بالجهـاد ، والمقاومة ، ويدعو إلى طاعة ولي الأمر ( بريمر ) !

ومن أعراضه أنه إذا سمع بأخبار إنتصارات المجاهدين في فلسطين ، أو العراق ، أو أفغانسـتان ، أو الشيشان ، اشمأز قلبه ، واسودَّ وجهُه ، وإذا رأى صور الشهداء المشـرقة وهم يبتسـمون ، إنقبض صدره ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وإذا سمع عكس ذلك ، تهلَّل ، واستبشـر ، نسأل الله السلامة ، والعافية ، والثبات على الهدى آمين .

وآخـر أعراضـه التعاون مع ( الأجهزة المعنية ) لمحاربة من يكشف حقيقته ، ويفضح عوار فكره المريض ، ومن ذلك تحويله هذا المقال إليها تحت عنوان ( مثال على الفكر الإرهابـي ) !
والله المستعان وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلـون


 

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية