شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - (37) مطاردات من إناء المقبِّلات (1)

منذ 2016-05-11

وحرصنا كل الحرص أن ننبه الجميع :على أن يتركوه و إلى سيارتنا لا يحملوه!!

تقول صاحبتنا:

وعدنا إلى السكن بعد صلاة الفجر في الحرم، فوجدنا القوم جميعًا قد سبقونا بسلام، فما استطعت حين وصلت إلا أن أنام. وكذا سارع الجميع إلى النوم، وما أفقنا من نومنا إلا قبيل الظهر! وحين فتحنا باب حجرتنا إذا بمفاجأة أمام بابنا أذهلتنا!! فصرخنا من الدهشة: من أتى بهذا إلى هنا و لماذا؟!

- قالت إحدانا: وكأنه حذاء جحا، يطاردنا في الصباح والمساء والضحى!

ولتعلموا سبب الدهشة، وما هذا الشيء الذي أثار كل تلك الضجة هيا نعود إلى بداية الأحداث؛ نجلّي الأمر ونزيل الالتباس، وتبدأ قصتنا:

حين خرجنا من ميناء جدة، وبعد انتهاء مناقشاتنا الحادة - حين خصصوا لنا ولمحارمنا سيارة واحدة، بعد رفضنا أن ننفصل كل على حدة، وفي باطن السيارة جعلوا يضعون أمتعتنا فردًا فردًا، وإذا بإناء كبير من الزجاج به مقبّلات تبدو شهية جدًا جدًا!

- فتساءلنا: لمن منا هذا الإناء؟!

فأجمع القوم أنه ليس لأحدنا على وجه الجزم، وحاولنا السؤال عن صاحبه فلم نوفق إليه؛ فأجمعنا أمرنا أن نتركه على جانب الطريق، علَّ صاحبه يعثرعليه بشيء من التوفيق، ثم باشرنا بوضع أمتعتنا في السيارة، وانطلقنا على بركة الله نقصد المدينة المنورة، ووصلنا إلى سكننا في المدينة المباركة، وصعدت النساء بما خف حمله وتبعنا الرجال بما ثقل وزنه، وإذا بإناء المقبّلات في وسط الأمتعة والحاجات، فاندهش الجميع: من فعل هذا الفعل الشنيع!!
فأجاب أحد المحارم: إنه أنا، مالكم وما المانع؟! وجدته على جانب الطريق عند الميناء، فظننتكم نسيتموه في تلكم الأنحاء!!

فبدا لنا أنه كان غائباً عند حوارنا عن الإناء، وأسقط في أيدينا: ماذا سنفعل في هذا البلاء؟! ولم نجد مناصا من تنحية الإناء جانبا، حتى نرى لنا منه مهربًا!! وبقي الإناء طوال أيام مكوثنا في المدينة بجانب الجدار، لا يمسه منا أحد ولا ينظره في ليل أو نهار!! وأزف وقت الرحيل إلى مكة لأداء منسك العمرة، وجاءت السيارة لتقلنا إلى مكة المكرمة بيسر أحمد، فأنزلنا أمتعتنا إلا الإناء الأبعد، وحرصنا كل الحرص أن ننبه الجميع: على أن يتركوه وإلى سيارتنا لا يحملوه!! وتأكدنا أننا غادرنا، وأنَّـا لذلك الإناء تركنا، ووصل الركب إلى السكن، وكان ما كان من أمر عُلِم!!

ثم حين تفقدنا جميع الأمتعة، كان عدم وجود ذلك الإناء من الأشياء السارة والممتعة، وبعد مغرب اليوم التالي ذهبنا جميعا لأداء مناسك العمرة، ثم عدنا وقد أخذ منا الجهد وشدة الشقة؛ فنام كل منا فور دخوله الحجرة، وحين أفقنا ولباب حجرتنا فتحنا إذا بالإناء الأبعد كأنه يلاحقنا!
فصرخنا جميعا في دهشة: من أتى به هذه المرة؟!

فقالت إحدى الوافدات الجديدات: أحضرته أنا بالأمس إليكن من المدينة، حيث نسيته صاحبته المسكينة، ففي المدينة رأيتكن، ثم وجدته خلفكن، فعلمت أنه لإحداكن، وابتسمتْ في رضا بينما كل منا عليها واجدة!!

فأسقط في أيدينا، وكان شديد الغيظ يحوينا !! فاجتمعت الجارات متعجبات من حالنا، تسألننا ما بالنا! فقصصنا على القوم الحكاية فضحكن بشدة حتى النهاية!!

- وقالت إحداهن: أنا آخذه فضلاً؛ فإنه يبدو شهيًا جدًا؛ فنظرنا إلى بعضنا، وتواطأت على الموافقة نظراتنا!!
- فقلنا تفضليه، ورجاءً ثم رجاءً ثم رجاءً لا تتركيه، فقط عنّا غيبيه، وعن أعيننا أبعديه أبعديه، أبعديه!!

ويتبــع.

-----------------------------------------------
(1)- زيتون و جزر و خيار و ليمون وفلفل أخضر وأحمر (كلها مخللات).

المقال السابق
(36) وحدث في المسعــى
المقال التالي
(38) وتحققت المطالب