خطر التقليل من شأن حجج المخالفين
كثير من المذاهب الباطلة -سواء المتعلقة بوجود الله أو بتوحيد الألوهية أو بتوحيد الربوبية أو الأسماء والصفات أو غيرها من أبواب الدين- لديها شبه وأدلة تحتاج إلى معرفة واسعة في نقدها وعدة ضخمة في تفنيدها. ومن أهم الإشكاليات المعرفية التي أصيب بها المذهب السلفي الاستخفاف بتلك الشبه وعدم تقديرها حق قدرها، والتقليل من شأنها.
كثير من المذاهب الباطلة -سواء المتعلقة بوجود الله أو بتوحيد الألوهية أو بتوحيد الربوبية أو الأسماء والصفات أو غيرها من أبواب الدين- لديها شبه وأدلة تحتاج إلى معرفة واسعة في نقدها وعدة ضخمة في تفنيدها. ومن أهم الإشكاليات المعرفية التي أصيب بها المذهب السلفي الاستخفاف بتلك الشبه وعدم تقديرها حق قدرها، والتقليل من شأنها.
وأما ما ذكره الشيخ محمد بن عبدالوهاب حين قال: "والعامي من الموحدين يغلب ألفاً من علماء هؤلاء المشركين"، فهو غير صحيح. فالمنحرفون في باب توحيد الألوهية لديهم شبه وأدلة تتطلب قدرًا كبيرًا من التعمق في العلم ومعرفة مآخذ الاستدلال وطرق الإثبات والنفي. وهي مع بطلانها وعدم صحتها لا يستطيع نقضها بطريقة صحيحة سليمة إلا من لديه عدة كبيرة من العلم. وقد حاول بعض الشراح من المعاصرين أن يحمل كلمة الشيخ على نوع خاص من العوام، فذكر أن المراد بذلك العامي النبيه الذكي وليس العامي الساذج، ولكن حتى مع هذا التقييد، يبقى أن نقض مذهبهم بطريقة صحيحة يتطلب قدرًا كبيرًا من العلم والمعرفة بالشريعة.
وأما الاستدلال بقوله تعالى: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:173] بحجة أن الغلبة تشمل الغلبة بالحجة واللسان وبالسيف والسنان. فهو استدلال غير صحيح، فنحن لا ننكر أن الله تعالى وعد عبادة المؤمنين بالغلبة على الكفار، وأن الغلبة شاملة للنوعين. ولكن التغلب والانتصار لا بد فيه من توفر القوة وأسباب النصر، ومن مكونات القوة في المجال العلمي والمعرفي: سعة العلم والتعمق في مناهج الاستدلال ومآخذ الاستنباط وطرق النفي والإثبات، وهي في العادة غير متوفرة في العامي حتى ولو كان نبيهًا.
سلطان بن عبد الرحمن العميري
( جامعة أم القرى - قسم العقيدة )