شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - 53 - و حدث في المحبس ...!!

منذ 2016-07-07

تقــــــــــول صـــــــاحبتنــــــــــا :
ومع مرور الأيام ، ظهرت على عدد منا بعض الآلام و الأسقام :
فنزفت إحدى الكبيرات من مرض مزمن في كبدها بالذات ..!!
وأصيب أحد الرجال بآلام في الكُلى حادة، بينما لم تُشفَ أختنا من آلام المعدة ..!!
هذا غير الإصابات والجروحات السطحية، و التي كانت تحدث بصورة يومية...!!
بينما كان أحدنا يصاب أحيانا بغيبة عن وعيه؛ بسبب مرض ما في كبده ..!!
فكانت أختنا الممرضة تعطي كلاُ ما يناسبه من دواء على حدة ...!
وقد ألهمها أكرم الكرماء أن تأتي معها بكل ما تستطيع حمله من أدوات و دواء ...
حتى إنها كانت تعمل على تطبيب من في المبنى من الجيرة، وأذكر أنه قد أُصيب ولد من الجيران في المبنى بحروق شديدة، فكانت - حفظها الله - تطببه بعناية فريدة ...!!
أما أنا فقد كانت حالتي من سيء لأسوء :
اشتد بي الدوار فما كان يفارقني في ليل أو نهار ...!!
بالإضافة إلى شديد الغثيان، والاختناق من ضَيق المكان ...!!
زد على هذا تقززي الشديد من الماء :
فلم أكن أطيقه على وجهي، أو قريبا حتى من فمي؛ فكان الوضوء عليّ شاق
في المضمضة والاستنشاق، فضلا عن أن محض ملامسة الماء لوجهي لحظات - يعلم الله - كان لا يُطاق ..!!
فكنت أترك التثليث في المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه
ثم إني ما كنت أتم الوضوء إلا بعد تجفيف ذلك العضو ...!! (1)
كذا - أحيانا - كنت أخل بالتريب المعتاد للوضوء عامدة ،
وقد كنت - يعلم ربي - في الإتيان به على وجهه - غالبا - جاهدة ...!!
فقد كان الخلاء، ليس فيه إلا صنبور واحد قريب من الأرض للماء ...!!
ولأن الخلاء كان بلا النافذة، وخاليا من أي آلة للهواء مجددة ،
كنت أشعر فيه بشديد اختناق، مما يحدوني إلى الفرار من ذلك الضيق ...!!
ومع ما يلازمني من شديد دوار وغثيان؛ شق علي الانحناء للوضوء من صنبور الماء الوحيد في المكان ...!!
فكنت أعمد إلى الوضوء من صنور الحوض الذي في المطبخ، فقد كان هذا أفضل نوعا لي و أنجح ...!!
إلا أنه كان مرتفعا جدا عن الأرض، فلم أستطع غسل قدميّ في ذلك الحوض ...!!
فكنت أضطر إلى تقديم غسل الرِّجْل ...!!(2)
فإذا كنت في الخلاء، وأردت الوضوء للصلاة :
غسلت قدمي أولا، ثم ذهبت إلى حوض الماء لأتم وضوئي آخرا ...!!
ولم يكن بي جهد، لأبدأ بالوضوء عند الحوض، ثم أعود لأغسل قدمي
من صنبور الماء الذي في الخلاء و القريب من الأرض ...!!
لأسباب عدة عملت بهذا الأمر ولم أرده :
أولها : أن عددنا كان كبيرا، وغالب الوقت يكون الخلاء مشغولا، فما أدراني أنه سيظل خاليا حين أعود لأتم وضوئي كاملا ...!!
ثانيها: قلة جهدي ومشقة الذهاب و العودة على مثلي ..!!
ثالثها: اعتقادي أن التريتيب في الوضوء ليس بفرض ،(2)
فما بالنا إذا اقتضته ضرورة وحتمته مشقة وأمر ...!!
وهكذا مرت الأيام علينا ، حتى سمعنا بخبر كان وقعه كالصاعقة علينا ...!!
و... يتبــــــــــــــــع .
---------------------------------------------
(1)-توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 157 / خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أن رجلا قال لعبد الله بن زيد ، وهو جد عمرو بن يحيى : أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ؟ فقال عبد الله بن زيد : نعم ، فدعا بماء ، فأفرغ على يديه فغسل مرتين ، ثم مضمض واستنثر ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ، ثم مسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ، ثم غسل رجليه .
الراوي: عبدالله بن زيد بن عاصم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 185 / خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
(2)- قال الشيخ الألباني - رحمه الله - :

( ليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني : (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة) فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتزم الترتيب في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته , والله أعلم.)
انتهى كلام الألباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم261.
 

المقال السابق
52- أريد الــــــــــــــزواج ...!!
المقال التالي
54 - أخبـــــــــار سيئـــــــــــة ...!!