الحَمَاقَاتُ الأَمْرِيكيَّةُ العَشـْـــر

منذ 2010-07-15

أما على مستوى حرب العقول فذلك لعمري الفشل الكارثي بحمد الله تعالى، فلم تكن السوءات الأمريكية -قط- أشد انكشافا مماهي عليه اليوم، بعد الفضائح التي توالت بسبب ما أسموه (الحرب على الإرهاب)، ثم حرب العراق، ولم يمجّ الناس ثقافتهم كما مجّوها هذه الأيام...


الحماقة الأولى: انتخابهم بوش الأحمق الذي صار حمقه مضرب المثل في العالم.

 
الحماقة الثانيــة: ظنّهم -اغتراراً بطغيانهم الأعمى- أن بإمكانهم أن يأتوا إلى بلادنا محتلين، ثم لاينتهي بهم الأمر حتى يمحوا القرآن، ويجتثوا الإسلام، وينشروا عهرهم السياسي الذي يسمونه ديمقراطية، وانحلالهم الأخلاقي الذي يسمونه حرية، وجشعهم الرأسمالي الذي يسمونه الاقتصاد الحر، وأنه لن يقف في وجوههم شيء.
 
فبعث الله عليهم من حيث لم يحتسبوا، أبطال الإسلام فأذاقوهم كأس الموت الزعاف، فعاد الإسلام بحمد الله أشد ظهورا، وأقوى حضورا، وأكثر انتشارا في بلادنا مما مضى، وامتـدت وعلت شعائره ومظاهـره، حتى الحجاب والخمار، وزاد عدد الذين يدخلون فيه أضعافا مضاعفة.
 
الحماقة الثالثة: فشلهم المدوّي في العراق، فلم يحققوا شيئا من أهدافهم، بل عادت عليهم كلّها بالويل والثبور.
أما على مستوى حرب العقول فذلك لعمري الفشل الكارثي بحمد الله تعالى، فلم تكن السوءات الأمريكية -قط- أشد انكشافا مماهي عليه اليوم، بعد الفضائح التي توالت بسبب ما أسموه (الحرب على الإرهاب)، ثم حرب العراق، ولم يمجّ الناس ثقافتهم كما مجّوها هذه الأيام.
ومعلوم أن هذه الخسارة هي الخسارة الحقيقية التي لاتعوّض، أعني الإفلاس الحضاري فالحمد لله الذي خيّب سعيهم.

أما على مستوى حماية الصهاينة، فالصهاينة اليوم أشد خوفا مما مضى على مستقبلهم، وأكثر تفككا، وأعظـم قلقا مما كانوا عليه قبل أن تأتي الجيوش الأمريكية إلى العراق.
وحتى يتضح ذلك فلنتذكر أنّ الكيان دولة هجرة، اعتمادها الأساسي على استقدام أكبر عدد ممكن من اليهود إليها، ولذلك فإنّ ثمـة ثلاثة آلاف يهودي إسرائيلي ينتشرون في أرجاء العالم المختلفة للعمل على حث اليهود على الهجرة إلى الكيان الصهيوني، ألفان وخمسمئة منهم يخدمون لمدة ثلاثة أشهر فقط ويتم استبدالهم، وخمسمئة يخدمون لمدة سنتين قابلة للتمديد إلى ثلاث سنوات، وفي حالات نادرة إلى أربع سنوات، ويعمل هؤلاء إلى جانب طواقم السلك الديبلوماسي الصهيوني الرسمي في كل البلدان.
 
ومع ذلك فإن آخر الاستطلاعات الصهيونية -أجرتها يديعوت أحرنوت- أثبتت أن عشرين بالمئة من اليهود يرغبون في الهجرة المعاكسة إلى خارج الكيان.

وقد أصيب الجيش الصهيوني بنكسة لم يعرف مثلها في تاريخه العام الماضي، على يد الجيش الإيراني في جنوب لبنان، أدت إلى عواصف سياسية انتهت بطرد رئيس الأركان.
فسبحان الذي سلط عليهم عدوّا عكس عليهم مقصودهم من جلب الصليبيين إلى بلادنا، مصداقا لقول الحـق سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [الأعراف:167].

وأما على مستوى الاستحواذ على النفط، فقـد كان الفشل ذريعا فيـه، فقد تحوّل من أربعين إلى خمسين بالمئة من عائدات النفط العراقية إلى جيوب الميليشيات، والعصابات الإجرامية الموالية لإيران وغيرها، فضلا عن عمليات التخريب المستمرة.
أما على مستوى هدف بناء النموذج السياسي المستقر الذي يعطي مثالا لمشروع (الشرق الأوسط الجديد)، فقد باءت هنا أمريكا بأعظم فشل في تاريخها.


لقد جاءت إلى بلد مستقر آمن، فحولته إلى أعظم مكان للفوضى والإجرام في العالم، وسفكت بسبب إجرامها دماء أكثر من ستمئة وخمسة وخمسين ألف عراقي، وفق دراسة أعدها باحثون أمريكيون بإشراف: جيلبرت برنهام من (كلية جونز هوبكنز بلومبرج) للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
هذا بلا ريب إضافة إلى ملايين المتضررين من هذا الإجرام الأنجلو أمريكي.
 
فأيّ فشل إجرامي لمن ادّعى أنه جاء يحمل نور الأمل بفوّهات الدبابات! أبْيـن من هذا؟ وأيّ مثال لإفساد أمّة مفسدة تدعي أنها حضارة أعظم منــه؟!
الحماقة الرابعة: ما دفعه إليها الحقد من إظهار صور تعذيب المسلمين في سجونها فعاد عليها ذلك بالسوء.
 
 
الحماقة الخامسة: احتجازها الأسرى في جزيرة كوبا، حتى لا ينالوا حقوق الدستور الأمريكي، أو حقوق الأسرى وفق ميثاق جنيف، فعاد عليهم ذلك بفضيحة تاريخية، ولم يحققوا هدف إرهاب من يريد قتالهم، بل زاد عدد المجاهدين بحمد الله تعالى.
 
 
الحماقة السادسة: جاؤوا للعراق لينتقموا من قتلى الحادي عشر من أيلول، فقتل منهم في العراق أكثر ممن قتل في ذلك اليوم.
 
 
الحماقة السابعة: جاؤوا ليستولوا على كنوز العراق، فأنفقوا أكثر من ثلاثمئة مليار دولار على حرب فاشلة لم يحققوا شيئا من أهدافها، وأثمرت انشقاقا في سياستهم وتفرقـا لصفهم، وسخطا عامـا في شعبهم، وخسارة فادحة على مستوى السياسة الدولية، والسمعة العالمية.
فكانوا كمثل لص ذهب ليسرق فأخذه أهل البيت، وسرقوا ما معه، وولـّى هاربا بعدما أوسعوه ضربا!!
 
 
الحماقة الثامنة: ذهبوا إلى أفغانستان ليقضوا على القاعدة، وليُلقوا القبض على الشيخ أسامة بن لادن، والملا عمر، وقيادات القاعدة، فبقيت القاعدة تسومهم سوء العذاب في أفغانستان، والعراق، وزاد عدد المنتمين إلى الجهاد العالمي أضعافا مضاعفة منذ دخول الاحتلال أفغانستان.
 
 
الحماقة التاسعة: أنفق الأمريكيون المليارات، وسخّروا كلّ إمكاناتهم للتصدّي للتمدّد الصفوي الخميني نحو العراق والخليج أيام الثمانينات، ثم جاؤوا بعد ذلك عام 2003 في احتلال العراق، فأفسدوا كلّ ما فعلوه، فدخلت إيران فاحتلت جنوب العراق، ونصبت لها حكومة في بغداد، تحقق أهدافها وتنفذ سياستها! واغتنمت هذه الفرصة لتعزيز كل جيوبها الصفوية في الخليج، ولبنان، واليمن، وابتلعــت سوريا!!
 
 
الحماقة العاشرة: تحضيرهم لحرب جديدة ستكون نتائجها كارثية عليهم -وعلى المشروع الصفوي أيضا بإذن الله- ليدخلوا مستنقعا جديدا، يزيدهم خسرانا مبينا.
 
 
وبعــــد:
فقد قال الحق سبحانه وتعالى: { إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:81]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36]، وقال: {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل:51]، وقال: {وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف:52]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّـهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل:104].
ولاريب أن الحمق الأمريكي، من جنود الله -تعالى- التي جنّدها للإسلام، قال الحق سبحانه: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ. وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ} [المدثر:31].
 
غير أنه يجب أن نتذكر أن فشل العدوّ في مخططـه الخبيث على أمّتنا شأن، ونجاح المشروع الإسلامي في النهوض الحضاري شأنٌ آخر!
ولئن كان الأوّل سهلا، إذ جند الله تعالى له حماقات العدوّ، فإن الشأن كلّ الشأن في النجاح الثاني.
 
ولقد نجحت الأمة في تاريخها في صدّ كلّ موجات العدوّ الغازي، لكنها لم تنجح دائما في أنْ يخلف ذلك نهوض حضاري شامل يعيد إليها عزّها ومجدها.
وكثيرا ما يغتـرّ من يحمل السلاح بالنجاح الأوّل، أعني إفشال مشروع العـدوّ، فيظنّ أنه قادر على تحقيق نصر مثله على مستوى النجاح الثاني، ويتوهّم في غمرة نشوة النصـر، وبارقة السلاح المخضّب بالدماء، وبين شجعان الفرسان، أنـه قادر بمن معه على استيعاب الأمّة تحت لوائه، متجاوزا النصر الجزئي النافع الذي حققه، ليبلغ بها نصرا شاملا، بنفس النهج الذي دحـر فيه الغزاة.
 
وينسى أنه لم يزل بينه وبين تجميع مقوّمات النصر الشامل، بون شاسع، وخـرق واسع.
فالمثلث الذي تحتاجه الأمة لنهوضها، وهو النظام السياسي الشرعي الفعّال، والنخب الطليعيّة المتجردة أولو الأيدي والأبصار، وآلات وأدوات التغيير المناسبة للعصر الكافية لاستنهاض الأمّة، لم يـزل بحاجة إلى جهود عظيمة إضافة إلى رقم الزمن، لتكتمل المعادلة.
وهذا هـو السـرّ أنه سرعان ما ينقلب ذلك الغرور إلى فشل ذريع، قد يؤدي إلى اقتتال داخلي، ورجوع الحراب إلى صدور الأمّة، وقد وقع مثل هذا إثر اندحار العدو السوفييتي.
 
ونسأل الله أن يلطف بالأمة، فلا يتكرر ما وقـع.
 
غير أننا نؤكد هنا على أننـا بـراءٌ منه إنْ وقع، لسنا منه، ولانحسب على أحـدٍ من أطرافه، بل نحن مع الجهاد مادام في صدور أعداء أمتنا، يسير في اتجاه نهوضها الحضاري فحسـب.
 
ونسأل الله أن يرزقنا الإخلاص، والعزيمة في الهدى، والثبات على الرشد، ويطهر قلوبنا من حظوظ الدنيا، وإرادة غير وجهه الكريــم.. آمين
وحسبنا الله ونعم الوكيل

 
المصدر: موقع الشيخ حامد العلي

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية