الاتجاه الخاطيء باستهداف أهل السنة
بعد ذهاب السكرة وتجلي الفكرة إليك موجزاً لأبرز ما شهدته ساحة الحدث مما شغل الرأي العام على كافة المستويات في الأيام الماضية:
- تغلق فرنسا سفارتها وقنصليتها في أنقرة واسطنبول الأربعاء 13 يوليو الجاري.
- في اليوم التالي مباشرة سائق ذو سجل وتاريخ جنائي معلوم لدى أجهزة الأمن الفرنسية يقتل ويجرح العشرات من الأبرياء والأطفال دعسا بشاحنة بمدينة نيس.
- فور وقوع الحادث واستباقا للتحقيقات وقبل أن تجف دماء الضحايا يعلن الرئيس الفرنسي هولاند أن فرنسا كلها تحت تهديد "الإرهاب الاسلامي".
- قبل أن تمضي ثمان وأربعين ساعة على غلق السفارة والقنصلية الفرنسية بتركيا تقع فيها محاولة الانقلاب الفاشلة ضد النظام الدستوري المنتخب.
- فور فشل الانقلاب يعلن وزير الخارجية الفرنسي: أن الانقلاب الفاشل لا يعطي أردوغان صكا مفتوحا للتطهير!
- الجمعة الثاني والعشرين من يوليو يقع هجوم ميونخ بألمانيا؛ يقوم به عنصر كان يختار الضحايا الذين قتلهم وكأنه يصيد عصافير في هدوء وقنص محترف وهو يهتف بصوت عال، ليخلف عشرة قتلى وعددا من المصابين من الأبرياء والعزل.
- لا تسأل في ذلك التو عن الكاميرات التي ترصد قطعة الشوكولاتة داخل المتجر وتُتابع بغرفة تحكم مركزية على مدار اللحظة.
- فور الشروع في الهجوم الإرهابي وقتل الضحايا الأبرياء وأثناء ارتكاب الإرهابي لعملية الهجوم وأثناء التعتيم الإعلامي حول الحادث ينطلق اليمين الألماني المتطرف في إطلاق التصريحات بتوجيه أصابع الاتهام للمسلمين وللاجئين الأجانب أو السوريين على وجه التحديد، والصياح بلعن كل لحظة عاشت فيها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إنسانيتها تجاه بني الانسان، وتحميل الحكومة الالمانية مسئولية ما حدث بقبولها لعدد من اللاجئين السوريين على أراضيها.
- تنطلق الكتائب الرافضية الإيرانية المجهزة إلكترونيا المزودة بالنسخة المطبوعة والرسالة المسجلة لتعلن أن الوهابية هي السبب وراء الحادث ويعلن ناشط ورئيس تحرير اسمه غسان جواد من لبنان على تويتر أن مفتي السعودية كان يفتتح مسجدا "وهابيا" في بريطانيا قبل الحادث بيومين فعلى الأوربيين أن يتحملوا النتيجة!! افتتاح مسجد في بريطانيا أدى إلى مجزرة في ميونخ! لا تقل: هذه عربدة. فالعالم الآن يدار بالعربدة؛ وإنما قل إنها قمة الإعجاز التحليلي الرافضي الذي بوسعه أن يقدم موسوعة يثبت بها أن الوهابية هي سبب التغير المناخي في الكون وعلى الكونجرس الأمريكي أن يصدر قانونا يتيح لأهل الأرض مقاضاة الوهابية وطلب تعويضات على ذلك.
- تعلن الشرطة الألمانية تفاصيل الحادث رسميا ويتم الكشف عن هوية مرتكب الجريمة وإذا به إيــــراني الأصـــل، ألماني الجنسية، يبلغ من العمر 18 عاما اسمه: داود علي سنبلي، من مواليد ميونيخ، وكان يحمل مسدسا من طراز غلوك عيار9 مم. وانتحر بإطلاق النار على نفسه، وكان يتلقى علاجا نفسيا للكآبة التي كان يعاني منها. ولا علاقة له بتنظيم داعش، ولا علاقة للاجئين السوريين بالحادث. وقد كان من بين الضحايا القتلى ثلاثة أتراك.
لسنا بصدد الإمعان في التحليل لما سلف ذكره من واقع يشرح نفسه؛ وإنما قصدنا هو: ماذا بعد؟ وماذا نحن فاعلون إزاء هذا العدوان الفكري الممنهج والعنصرية المنظمة تجاه الإسلام كدين ووصمه بالإرهاب، وتجاه أهل السنة الذين بات شبابهم يهرول للالتحاق بمحرقة التنظيمات المتطرفة وأفكار الغلو المؤدي إلى العنف والعدوان نتيجة ما يراه من احتلال لأوطانه، وطغيان وجبروت، وتآمر الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة المدعومة من الغرب عليه، والتي لا تترك له سبيلا لحياة كريمة، بل وتحرص -بإذلاله وقهره- على دفعه إلى جرائم العنف والإرهاب، الذي يحقق لها غايتها من فتح معركة خادعة اسمها وشعارها: "مكافحة الإرهاب" يقود غمارها صنّاع الإرهاب وجنرالاته لترسيخ الاستبداد والفساد، والهروب من استحقاقات العدالة وسيادة القانون؟
كل ذلك في ظل غياب مشروع فكري متكامل تجتمع عليه الأمة، يجدّد أمرها، ويحدّد مسارها، ويستوعب مختلف شرائحها وأطيافها، ويجسد رسالتها إلى هذا العالم، ويعلي من قيمة المشترك الإنساني بين البشر.
ما بات يلوح في الأفق مما تبصره العين من قرائن من تحريك قطع حربية كبرى ومناورات خارج الحدود بتحركات مريبة أن ثمة مخططا جهنميا كبيرا دنئ الغايات يسعى لتنفيذه بعض الذين من واجبهم البحث عن سعادة هذا العالم ونشر وترسيخ المبادئ العليا وقيم الحياة، والسلام، ومنع الفوضى، وحقن الدماء.
فإذا كان ذلك كذلك فما هو تصورنا نحن إزاء هذه الأحداث الجسام ومن بينها ما يُرفع من شعار مكافحة الإرهاب ؟ وما هي رؤيتنا؟ وما هو مشروعنا؟ بل ومن نحن؟ ولن تعرف من نحن إلا إذا عرفت من أنت وماذا تريد؟
حسن الخليفة عثمان
كاتب إسلامي
- التصنيف: