معركة العمر
منذ 2010-08-06
الكثرة الكاثرة من المسلمين عندهم من هذا العلم ما قد لا يحتاج المرء معه أن يبذل كبير جهد في هذا الاتجاه بل الأولى بمن يتصدي لخطاب الناس في هذه المناسبة أن يلفت نظر الخلق إلى أن المحنه الكبري في حياة المسلمين اليوم هي تلك المسافة الهائلة بين العلم والعمل
ليس عندي جديد أقوله في فضل الصيام وفضل القيام وفضل هذا الشهر الجليل
إذ أن الكثرة الكاثرة من المسلمين عندهم من هذا العلم ما قد لا يحتاج المرء معه أن يبذل كبير جهد في هذا الاتجاه بل الأولى بمن يتصدي لخطاب الناس في هذه المناسبة أن يلفت نظر الخلق إلى أن المحنه الكبري في حياة المسلمين اليوم هي تلك المسافة الهائلة بين العلم والعمل وأن كلمة السر في حياة الصحابة ووقود هذه النماذج التي لا نظير لها هو أن المسافة عندهم بين العلم والعمل تكاد أن تكون معدومه بل هي معدومة، وأن استجابة هذا الجيل التاريخي لما تعلموه كانت استجابة تاريخية، تاريخية من حيث أنها فورية وتامة ومطلقة.
فها هو عمر بن الخطاب الذي ومع قدراته التى يضرب بها المثل إلا أنه استغرق عشر سنوات ليحفظ سورة البقرة فما السر يا تري؟
السر أن عمر فهم أنه من العار على أي عاقل بل على شبيه عاقل أن يحفظ كلاماً وهو لا يعمل به وأنه ما ينبغي أن يتجاوز الآية إلا إذا طبقها تطبيقاً عملياً فإن كان أمراً بالإنفاق سارع فأنفق، وإن كان أمراً بالبر فعل، وإن كان أمراً بالقيام قام، أو بالصيام صام. ولذلك بادر ابن عمر لما نزلت {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] فتصدق بأحب ماله. وها هو أبوالدحداح لما نزلت آية { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة:245] بادر على الفور فأخرج من ماله، بل ها هي زوجته الموفقة الملهمة تقول له ربح البيع أبا الدحداح، ها هو عثمان يجهز جيش العسرة ويشتري بئر رومه، وها هو ابن رواحة يجلس في الشمس ساعات خارج المسجد؛ لأنه سمع النبي- صلي الله عليه وسلم- يقول اجلسوا مع أن الأمر لم يكن إليه، وها هو أبو أيوب الأنصاري يدع أكل الثوم والبصل لأن النبي- صلي الله عليه وسلم- لم يأكلهما، وها هم نساء الأنصار تنزل آية الحجاب وهم في المسجد فلا يخرجون منه إلا وقد امتثلن الأمر وها هو الصديق يأتي بماله كله، ها هم أفراد هذا الجيل الفريد يستجيبون لربهم لما دعاهم لما يحييهم ويتسابقون في تحويل الشرع إلى نماذج حية تمشي على الأرض كلمة السر في هذه النماذج الباذخة الشرف والبالغة الأدب مع الله ورسوله هي انعدام المسافة بين العلم والعمل. إذن فالذي رفع هذا الجيل الفريد إنما هو هذه المطابقة المدهشة بين ما طلب منهم وما قاموا به.
وعلى هذا فكلمة السر في حياة جيلنا المسكين ومكمن الداء ومربط الفشل هي هذه الفجوة الهائلة بين العلم والعمل تلك الفجوة المشئومة التي حالت بيننا وبين أن نتأسى بهؤلاء العباقرة فنكون خير خلف لخير السلف. لا يكاد يوجد مسلم يجهل فضائل الصيام وفضائل رمضان ومع ذلك فالبون شاسع جداً جداً والمسافة بين هذه المعرفة وبين الواقع مسافة شاسعة تقدر بالسنين الضوئية وتحتاج إلى طائرات تسير بسرعة الضوء لتقطعها.
ترى من من المسلمين يجهل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183].
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }[سورة القدر].
و«إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ».
و«مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَمَاتَ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأُدْخِلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ».
و«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ورَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا».
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: « بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ،...»، و« الصِّيَامُ جُنَّةٌ فإذا كان يوم صوم أحدكم فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا».
و«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ».
و«عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ».
و«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ».
وأن الله- تعالى- قضى على نفسه، أن من أعطش نفسه لله في يوم حار، يرويه يوم القيامة. استحلفكم بالله إخواني كم من الأحاديث أو الآيات التى ذكرت لكم لا يعرفها جل المسلمين؟!
إخواني في الله إن التحدي الحقيقي الذي يواجه كل عاقل يبغي النجاة ويعرف طبيعة هذه المواسم الطيبات المباركات، أقول إن التحدي الحقيقي الذى يواجه كل مسلم مميز عاقل رشيد وهو على بعد دقائق معدودات من محطة الشحن السنوية المنصوبة على طريق العبد إلى الله والتى إن مر عليها مسرعاً دون أن ينتبه كان عليه أن يسير عاماً كاملاً وهو يواجه خطر الموت عطشاً أو جوعاً وربما حيل بينه وبين رمضان التالي.
التحدي الحقيقي ليس في علم نتعلمه بل في عمل نعمله، في كيف نحول هذه النصوص التي نحفظها عن ظهر قلب إلى واقع عملي كيف ينفخ في هذه النصوص الروح لتبعث من جديد وتوهب لها حياة جديدة؟!.
إن الحملة التي ينبغي أن يطلقها العقلاء وأطباء القلوب وأهل الآخرة هي الحملة القومية للتطعيم من شلل الهمم، والداء العضال الذي ينبغي أن يفزع منه أهل العلم هو إنفلونزا طول الأمل وكثرة المعاذير الواهية التي صارت تخدر الهمم وتعطل العمل وتجعل كثير من الناس يقول لنفسه بعد أقل قدر من الطاعة أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان فرضي الله عني.
وإذا كان الشباب يحرصون على الذهاب إلى الأندية لتحصيل كمال الأجسام فينبغي أن نساعدهم في رمضان على كمال القلوب فلا عيش إلا عيش الآخرة.
وإن تعجب فعجب فعل أهل الرياضة الذين يقيمون المعسكرات الطويلة قبل المباريات المصيرية والبطولات الكبرى حتى يظفروا بلقب البطل فبالله عليكم من أولى بذلك؟! من أولى بالاستعداد الحقيقي والجاد؟! من أولى بطول السهر؟! وما هي البطولة الحقيقية التي ينبغي أن يتسابق فيها العقلاء؟!.
إن البطل الحقيقي والفائز الذي ينبغي أن يُحسد إنما هو من نجا غداً من عذاب الله. إن الشعار الذي ينبغي أن يُرفع اليوم فوق الرؤوس في الميادين والطرقات وعلى أعمدة الإضاءة وفي الجرائد ليكون شاخصاً لافتاً أمام كل مسلم يذكره إذا نسي وينبهه إذا غفل ويهزه إذا تكاسل هو: "وعجلنا إليك ربنا لترضى".
إخواني في الله هيا ننطلق إلى ربنا بأقصى سرعة فلا وقت لنضيعه فقد ضاع من الوقت ما كان يكفي لتحصيل القصور ورفع الدرجات ومحو السيئات.
لا وقت لنضيعه في أغنيه تافهة ولا وقت لنضيعه في مباراة لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
لا وقت للمسلسلات ولا للفوازير ولا للكلام الفارغ ولا للجلوس على المقاهى وفى الطرقات.
إي والله لا وقت ومع طلقة أول مدفع سأنطلق بأقصى سرعة وعيني على هدفي: النجاة، الفوز، العتق، أن يرضى الله عني، لن أنظر حولي، لن أحول عيني عن هدفي، أنا لست أحمقاً لأشتري سراباً، لست أحمقاً لأنفق أيامي فيما لا يرفع قدري عند ربي، لست أحمقاً لأغضب محبوبي.
فلنرفع شعار "هذا أوان الوفاء بالعهد مع الله"، "هذا أوان مقابلة إحسانه بالإحسان وحلمه بالحياء، ورزقه بالشكر وعافيته بالطاعة".
فوالله ما ينبغي لمن هذا فعله، ولا لمن هذا كلامه، ولا لمن هذا أخذه، ولا لمن هذه أسماءه وصفاته أن يُعصى أو أن يُطاع غيره أو أن يُعبد سواه.
كيف يناجيه في الصلوات من يعصيه في الخلوات لولا حلمه؟!، أم كيف يدعوه عند الحاجات من ينساه عند الشهوات لولا فضله؟!.
بئس العبيد نحن ننام ومولانا لا ينام، ونجحد ومولانا يشكر، ونعصى ومولانا يغفر ويحلم، نتوب فيقبل ثم نعود فيمهل ثم نتوب فنقبل فوالله لبئس العبيد نحن.
في رمضان هذه المرة لن يعلو صوت فوق صوت المعركة نعم رمضان القادم هو معركة العمر.
رمضان القادم معركة العتق من النيران، رمضان القادم هو معركة الإنابة، معركة التوبة، معركة الإقلاع عن التدخين، وغض البصر، والحجاب الشرعي، وطلاق الموسيقى من حياتي، والمحافظة على تكبيرة الإحرام والعودة للقرآن وبر الوالدين وصلة الرحم ورد المظالم.
رمضان القادم معركة ميلادي من جديد سأخرج منه شخصاً آخر إن شاء الله.
رمضان القادم هو معركة البقاء فيها للأتقى، والفوز فيها للأنقى، والخلاص فيها للأرقى، والفلاح فيها للموفق صاحب النفس الطويل.
فالنجاة النجاة، والمسارعة المسارعة، والمسابقة المسابقة، والفرار الفرار، الفرار من شديد العقاب إلى الغفور الرحيم، ومن المنتقم الجبار إلى البر الودود، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، و"الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ".
آن الآوان إخواني في الله أن نقف وقفة تاريخية مع أنفسنا، وقفة عنوانها الصدق مع النفس وقفة لا مكان فيها لخداع النفس، بل وقفة مصارحة ومحاققة نعترف فيها بجنايتنا في حق أنفسنا وجرمنا في حق ربنا وعليها نقوم بثورة تصحيح شاملة على كل مستويات حياتنا لنعود على الجادة ونسلك الطريق المستقيم.
أخي الكريم ها هو رمضان يطرق بابك مرة أخرى في نفس الموعد لا يتخلف، وهو- لله الحمد- على العهد به يأتي حاملاً ألوان الخير والرحمة والمغفرة والسكينة. ها هو على بابك كما عهدته دائماً وللأسف أنت كما عهدك هو دائماً.
أما آن الأوان إخواني أن يجد مفاجأة في انتظاره، أن يجدنا أشخاصاً آخرين، أن نستقبله بالقلوب لا بالبطون، أن يجد بيوتنا وقد امتلأت بالقرآن والصلاة والقيام بدلاً من أن يجدها قد امتلأت بالفوانيس، أن يجد مكان التلفاز خالياً وأن يجد مائدة الطعام بسيطة لا سرف فيها، وأن يرى في أعيينا شهوة للطاعة ورغبة في التفرغ التام لضيافته والنهل من خيراته.
ها هو رمضان كالعهد به: شياطين مصفدة وجنان مفتحة ونيران مغلقة وأجواء مثالية لعودة الذين طال هروبهم، ها هو رمضان أرجى ما يرجو من يرجو العفو.
كن هذا العام في رمضان رجلاً آخر فلعلها آخر فرصة ولعلها آخر مرة ولعله آخر عهدك برمضان.
كان معنا في رمضان السابق عشرات من الناس جلهم كانوا شباباً ملئ السمع والبصر كان رمضان الماضي لهم آخر فرصة لكنهم وياللأسف خرجوا منه بلا مكاسب تذكر وقرروا أن رمضان القادم سيكون الأفضل لكنهم لم يمهلوا وحيل بينهم وبين ما يشتهون.
فماذا تراك فاعلاً أخي الحبيب يا أشح الناس بالدينار والدرهم ألا تكون شحيحاً بهذا العمر الذى يمضي، أما آن الأوان أن يتوقف عداد الخطايا ويعمل عداد الحسنات بأقصى ما تملك من جهد.
ها هو رمضان للمرة العاشرة أو العشرين يطرق بابك وها هي محاولة أخرى لتحقيق بطولة حقيقية على وشك أن تبدأ فهل آن الأوان لوضع حد للمحاولات الفاشلة فإنك لا تدرى لعلها آخر محاولة.
ألم تشتق إلى طعم الفوز، ألم تهفو لمنصات التتويج وميداليات الفوز الحقيقية وراية عليها اسمك ترفع واسمك يصدح به بين الخلائق أن هذا عبدي فاشهدوا أني عنه راض.
إلى متى تأتي ربك ببضاعة مزجاة؟!، ألا تستحي من رداءة بضاعتك وخساسة همتك ووقوفك دائماً في آخر الصفوف يا أحرص الخلق على الصدارة في صفوف الدنيا.
قل {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا } [مريم:26] واصبر فالعاقبة للمتقين { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ} [النحل:127] و{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10] وما فاز من فاز ولا نجا من نجا إلا بالتوفيق والصبر.
ولقد صبر القوم على الصيام والقيام والجهاد فكان لهم من ربهم ما كان، فصبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة.
صبِّر نفسك بأن تذكرها نزول ملائكة الموت بساحتك، فإن لم تصبر فذكرها أول ليلة في القبر والنفخ في الصور والفزع من القبور حافية عارية لا تدري ما يفعل بها، ذكرها تطاير الصحف {فَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا . وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا . وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ . فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا . وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا} [الانشقاق:7-12]
هيا أيها البطل فلتنتفض ولتنطلق بأقصى سرعة فلا وقت، خذ نفساً عميقاً نفساً واحداً يكفيك طول الشهر، ضع حجراً على بطنك وعصابة على عينيك وكمامة على فمك وسد أذنيك إلا عن ذكر مولاك وانطلق مردداً بأعلى صوتك لن يسبقني إلى الله أحد وإياك أن تتوقف حتى ترى هلال العيد لا بل حتى تسمع صوت المبشر أبشر بخير يوم طلعت عليه شمسك منذ ولدتك أمك { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [التوبة:118].
أخي الحبيب إذا حدثتك نفسك بالقعود أو اللعب أو العودة إلى خساسة الهمم فذكرها بكل هذا فإن لم تلن لك فلا تطعها واسجد واقترب.
خالد الشافعي
kaledshafey@yahoo.com
المصدر: خالد الشافعي - خاص بموقع طريق الإسلام
خالد الشافعي
داعية مصري سلفي
- التصنيف: