أهلا رمضان

منذ 2010-08-10

أهلا وسهلا برمضان، وهنيئاً لمن بلغه الله تعالى رمضان، وعقد العزم وجدد النية للصيام والقيام، والتقرب إلى الله تعالى بأنواع القربات والطاعات..



الحمد لله...له الحمد كله، وله الشكر كله...أنعم فأسعد، وأجزل العطايا بلا حد...
وأصلي وأسلم على القدوة الأمجد، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم يبعث الأحمر والأسود، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار والتابعين ومن تبعهم واقتفى بأثرهم ما تعاقب الليل والنهار، أمـا بعد:

فأهلا وسهلا برمضان، وهنيئاً لمن بلغه الله تعالى رمضان، وعقد العزم وجدد النية للصيام والقيام، والتقرب إلى الله تعالى بأنواع القربات والطاعات.

أهلا برمضان لما فرض الله فيه من الصيام، وجعله فرضاً على كل مسلم مكلف، فأجزل لمن قام به الأجور، وجعل له الوقاية والستر عن النار، ويسّر له دخول الحنان.

أهلا برمضان لـما سن فيه عليه الصلاة والسلام القيام وجعله مغفرة لذنوب من قام إيماناً واحتساباً.

أهلا برمضان لما شرفه الله سبحانه وتعالى على سائر الشهور فجعله سيد الشهور فكان ميداناً لتنافس الموفقين، وتسابق الصالحين.

أهلا برمضان لما خصّه الله تعالى بليلة تعدل في أجرها أكثر من ثلاث وثمانين سنة لمن وفق فيها وقامها إيماناً واحتساباً.


أهلا برمضان لما كان يُـبْرزُ فيه عليه الصلاة والسلام منهجا للتعامل فيه تختلف عن غيره من سائر الشهور والأيام، فيبتعد فيه عن مجال الاقتصاد والسياسة وسائر ميادين الحياة، إلى ميدان العبادة الشخصية وتقوية العلاقة بالمولى عز وجل.

أهلا برمضان شهر الإحسان، والصدقات، والهبات، والهدايا، والتفطير، والعفو، والصفح، والدعاء، والاستغفار.

أهلا برمضان شهر اجتماع الأسرة على السحور والفطور للأكل، وقبله للدعاء والاستغفار في وقت إجابة الدعاء، وقت السحر ووقت تنـزل المولى جلا وعلا إلى سماء الدنيا ليعرض على عباده الاستغفار فيغفر لهم، والدعاء فيجيب دعاءهم، ووقت الإفطار الذي فيه دعوة للصائم لا ترد.

أهلا برمضان شهر تَفَتّحُّ أبواب الجنان، وإغلاق النيران، وتصفّيد الشياطين.

أهلا برمضان شهر المنح والـهبات والمكرمات من رب الأرض والسماوات، فكم لله سبحانه وتعالـى فيه من مغفرة للذنوب، ورفعة للدرجات، ومنح لعباده المؤمنين، وعتق من النيران وحجاب عنها، وعفو عن المسيئين، وعلو للمحسنين، ومضاعفة لأجورهم، وقبول توبة التائبين، واستغفار المستغفرين، وتحقيق رجاء الراجين، وتوبةِ التائبين، وتأمين الخائفين، وبلوغ أماني الطائعين.


أهلا وسهلا ومرحباً برمضان...

ونحمد الله تعالى ونشكره أبلغ الحمد وأعظم الشكر على بلوغنا رمضان، ونسأله أن يحقق أمانينا في الدنيا والآخرة في رمضان وبعد رمضان، وأن يعيننا جميعاً على حسن الصيام والقيام وسائر القربات، وأن يتقبله منا ومن جميع المسلمين...


ومما يحقق ذلك:

· أن يعد المسلم العدة لهذا الشهر.
· أن يعد العدة بالنية والعزم والتصميم على التعامل مع هذا الشهر بقدر ما يستطيع جهده، صياماً وقياماً وصدقة وبراً وإحساناً، وصدقة وصلة، وقراءة للقرآن الكريم، وذكراً، واستغفاراً، ودعاءاً.
· أن يعد العدة لعمل برنامجه فيحدد الأعمال التي يريد أن يقوم بها ويـبرمجها على الشهر كله فمثلاً: يريد أن يختم القرآن كذا ختمة، ويريد أن يراجع كذا وكذا، وأن يتصدق بكذا وكذا، وأن يستيقظ قبل السحر للصلاة والدعاء،...إلخ، ذلك كل بحسبه ووضعه ووظيفته وأعماله، ويسأل الله تعالى التوفيق والتسديد والقبول.
· يعد العدة لتقسيم اليوم والليلة على سائر الأعمال حتى لا يطغى جانب على جانب، أو يهمل أعمالاً مهمة، وكذا ليؤدي كل عمل في وقته المهم.
· يعد العدة ليكثر من الأعمال الخاصة برمضان كالتراويح والصدقات المستحبة، والجود، والقرآن.
· يعد العدة للعمل بالأولويات من جهة نفسه ومن جهة غيره.
· يعد العدة ليؤكد على نفسه الحذر من سائر المحظورات والممنوعات والمفطرات الحسية والمعنوية، وبالذات ما يدخله الشيطان إلى النفوس كـالعجب والغرور والرياء وطلب سمعة الدنيا والتأخر واليأس، والأمن من مكر الله تعالى، والغيبة والنميمة والكذب وقول الزور والباطل.
· يعد العدة لكي لا تخدعه الفضائيات ونحوها من وسائل ضياع الوقت، ومحو الأجر، وكثرة الوزر بما تبثه من برامج تتناقض مع الإسلام، وتتناقض مع رمضان، وتتناقض مع الصيام فيمحو الليل عمل النهار.
· يعد العدة لعمل برامجه لنفسه، وأسرته فلا ينشغل بنفسه دون أسرته فيقعون في كثير من المشكلات والمخالفات، وتغيب عنهم منح رمضان، ويفوتهم ما أعده الله سبحانه لأهل رمضان.
· يعد العدة ولا ينسى إخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من دعائه واستغفاره، والشعور بشعورهم والفرح لفرحهم والحزن لحزنهم.


أهلا وسهلاً ومرحباً برمضان...

ومع النظرة الجليّة والواضحة لواقع المسلمين أفراداً ومجتمعات والذي قد تطغى عليه نظرة اليأس عند كثيرين إلا أننا نؤكد الترحيب برمضان، والعزم على التعامل مع رمضان بكل تفاؤل وإحسان الظن بالله عز وجل وللعمل بما يرضيه، وبنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان، وهنا يعيد لنا رمضان قوة التفاؤل بأن المستقبل للإسلام والمسلمين إذا انطلقوا من رمضان بخبراته وبتغييره للنفوس والأوضاع.


حقق الله الآمال، وبلّغ الأماني، وأعاننا جميعاً على الصيام والقيام وسائر القربات والطاعات.

وتقبل مني ومنكم، إنه سميع قريب مجيب.
 
المصدر: موقع رمضانيات

فالح بن محمد الصغير

أستاذ دكتور بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية