السِّمْط الجامع لما يَعِنُّ من خاطر لامع - 96- لا ينقص من أجره شيئا !!
حتى إذا أوشكت الشمس على المغيب؛ أسرعت مضيفتنا تقرب الماء والتمر مع الحليب، فإذا بأخت من بيننا تتجادل مع مضيفتنا وبعض الأخوات، بعد أن رأينها تخرج من حقيبتها بعض التمرات، وعمّ المكان السكات بعد أن نمت إلى مسامعنا تلكم الكلمات...
أشهد أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أسررت بهذا في نفسي بعدما رأت عيني: أعود بكم إلى بداية الأحداث؛ علكم تؤكدون على ما اعتراني من عجب و إحساس ! تلقيت دعوة على الإفطار فلبيتها، وهناك التقيت بصحبة من أفضل الأخوات كنت قد افتقدتها، وقضينا الوقت قبل الإفطار في طيب الحديث ونافع الأذكار، حتى إذا أوشكت الشمس على المغيب؛ أسرعت مضيفتنا تقرب الماء والتمر مع الحليب، فإذا بأخت من بيننا تتجادل مع مضيفتنا وبعض الأخوات، بعد أن رأينها تخرج من حقيبتها بعض التمرات، وعمّ المكان السكات بعد أن نمت إلى مسامعنا تلكم الكلمات:
- قالت المضيفة لأختنا: لمَ لا تتفضلين بالإفطار على تمرنا ؟!
- فردت أختنا بإصرار أبي: آسفة أنا لا أفطر إلا على تمر من مال أبي، فلن أعطي لغيره الأجر، فإن أصررتم فلن أتم معكن الفطر.
- قالت مضيفتنا : والدك - حفظه الله - ولا شك أبدا مأجور بكل عمل صالح منك مقبول، بينما نحن نطمع في نوال الأجر بتلك الدعوة إلى الطعام والفطر؛ ففضلا لا تحرمينا الأجر، فمثلك نظنه على خير (2)!!
- ولم يؤثر في أختنا ما سمعته من قول، وأصرت - غفر الله لها - على الإفطار على ما معها من التمر(3)!!
وبعد أن رُفع الأذان، وأفطر كل من في المكان، صلينا المغرب في تمام، ثم جلسنا إلى الطعام، وبينما بدأ الفطور، إذا بأخت لنا قد حبسها ازدحام المرور عن التبكير بالحضور، دخلت فألقت على الجميع السلام، ثم قالت لمضيفتنا ذلك الكلام :
- هلا تفضلتِ عليّ ببعض التمرات وكوب من الماء لأحسو بعض الحسيات.
- فقالت مضيفتنا في دهشة: ألم تفطري حتى هذه اللحظة ؟!
- قالت أختنا وهي تبتسم : ولم لا أشركك في أجر صومي، مادام - ولله الحمد - لن ينقص شيئا من أجري !
فألفتني أسرّ في نفسي: أشهد أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى: فخالقنا أعلم بنفوسنا منا إذ رغبنا في إفطار الصائمين جاعلا - سبحانه - على ذلك الأجر الثمين، ثم أخبر المفطرين وأكد لهم أن ذلك لن ينقص شيئا من أجر صيامهم؛ حتى لا يصدهم عن تلبية الدعوة خوفهم من نقصان أجرهم؛ وبذا يكون بعضنا لبعض سببا في نوال الأجر.
فليت شعري ! من منا الأكثر تفضلا على صاحبه: الذين فطّروا الصائمين، أم أولئك الذين لدعوة إفطار إخوانهم كانوا من الملبين ؟!
-------------------------------------------------------
(1) - « » ( صحيح الجامع رقم: [6415] )
(2) - « » (صحيح أبي داود رقم: [4832] )
(3) - « » (حسنه الألباني إرواء الغليل رقم: [922] )
- التصنيف:
- المصدر: