دبّح دبّح يا جمال لا رجعية ولا إخوان

منذ 2010-10-23

ما يحدث في مصر الآن يعود بنا إلى الوراء 45 عام حينما زج عبد الناصر بجماعة الإخوان المسلمين في السجون عام 65 وأغلق كل منافذ الحرية، ودخلت مصر كلها نفق الاستبداد المظلم..



ما يحدث في مصر الآن يعود بنا إلى الوراء 45 عام حينما زج عبد الناصر بجماعة الإخوان المسلمين في السجون عام 65 وأغلق كل منافذ الحرية، ودخلت مصر كلها نفق الاستبداد المظلم، حينها ذهب الرئيس عبد الناصر لزيارة موسكو قبلة النظام وقتها، وفي عودته احتفل به الشيوعيون وكل أعداء الإسلام والحرية والعدل واصطفوا على جانبي الطريق يهتفون: "دبّح دبّح ياجمال لا رجعية ولا إخوان".

تذكرت هذا الهتاف عندما تتابعت أخبار إغلاق القنوات الإسلامية ووصلت لإغلاق قناتي الحكمة والرحمة بقرار السيد اللواء وسط هتاف وتصفيق وتأييد الشيوعيين المستخفين تحت أسماء العلمانيين والليبراليين وهم لا يختلفون عن كل الماجنين والديوثين..


وتوالت كلمات مرتزقة وأدعياء الثقافة وتعليقاتهم على خبر إغلاق القنوات الإسلامية ويشهد كلامهم جميعاً أنهم مع اختلافهم إلا أنه قد بدت البغضاء من أفواههم؛ فقد فشلوا في مواجهة المد الإسلامي والبعث الدعوي الذي تقوده القنوات الفضائية رغم عدم كمال دعوتها وتركيزها الغالب على العبادات والأخلاق والفضائل والسير والتاريخ، إلا أنهم شعروا أن كل حلقة وبرنامج هو طلقات مدفعية تدك حصونهم الإباحية الماجنة، وتفضحهم وتعريهم أمام المجتمع والشعب والناس، وتكشف زيف وتهافت كلامهم وحديثهم عن الثقافة والحداثة..

وعندما هتف المنافقون لجمال عبد الناصر: "دبّح دبح يا جمال لا رجعية ولا إخوان" كانوا يقصدون بالرجعية الإسلام ذاته كدين، واليوم كأن الزمان عادت أيامه نفس الهتاف والحقد الأعمى، ولكن خفافيش الظلام التي خرجت من أوكارها تقول الآن الوهابية والسلفية والفكر البدوي، وكله له معنى واحد عندهم هو الإسلام!!

وكأن اليوم هو نفس اليوم تعود "دبّح دبّح"، أغلق أغلق، امنع امنع، وقبلها اعتقل اعتقل، واعدم اعدم!!

سبحان الله هؤلاء الحاقدين في الندوات وأمام سادتهم الصليبيين الغربيين تجدهم يتحدثون عن الرأي والرأي الآخر!، والحوار والديمقراطية والتعددية!، وما أن يقبضوا المعلوم حتى يعطوا ظهورهم لكل كلمة، بل ويلقوها في سلة المهملات، وينادوا بالقمع القمع تحت يافطة حماية الوطن والحرص على الوحدة الوطنية باعتقال المسلمين فقط، وكأن أمن الوطن واستقراره لا يتحقق إلا باعتقال خمسين ألف أو أزيد من المسلمين فقط، ومنع الدعاة، وإطفاء نور الهداية للناس، وإغلاق منافذ التعبير الإسلامية!!

التفاصيل كثيرة ولكن باختصار أقول أن الهمسات تقول أن إغلاق قناة صفا جاء إرضاء للشيعة عقب زيارة عمار الحكيم وقدوم المالكي لمصر، ودخول مصر في ترشيحات رئيس الوزراء العراقي،
ولا قيمة للعداء للسّنة ومؤامرات الشيعة ضد مصر وسبهم للصحابة وأمهات المؤمنين، ولا حتى الأمن القومي العربي والمصري!!!


إغلاق القنوات الإسلامية مع ما ذكرته في مقال سابق من هدية للكنيسة، فهو أيضًا هدية للمهزومين من أدعياء الثقافة من الملاحدة والعلمانيين والكارهين لكل فضيلة الذين غاظهم انتشار بعض المظاهر الإسلامية وخاصة الحجاب والنقاب بسبب دعوة القنوات!!

وكي يسكت بعضهم عن بعض المعارضة السياسية وجميعهم فرحوا بالهدية وسكتوا...

ويبقى أن من أسباب الحرب على القنوات الإسلامية هو الخشية من الدعم الديني الإعلامي لجماعة الإخوان؛ مما يؤدي إلى تأييد شعبي لهم في انتخابات البرلمان وأعتقد أنه سيحدث،
وبالتالي خرجت هتافات وصياح المنافقين لتعود بنا 45 عاما للوراء وتهتف "دبّح دبّح يا جمال لا رجعية ولا إخوان"، والآن تهتف اغلق اغلق لا سلفية ولا إخوان؛ خشية من الهزيمة في انتخابات البرلمان، رغم أنهم يملكون كل الأدوات ومنها التزوير!!

ولا يفوتني الإشارة إلى تحليل يقول أن قرار الغلق بتوجه وضغط خارجي لموائمات سياسية،
وأنه قرار اتخذه جناح سياسي فى السلطة ضعيف الخبرة لا يدرك مآلات قراره المتسرع، وأنه ليس قراراً من الأمن رغم طغيانه لأنه يعلم خطورة القرار.

ويبقى أن يعي جميع المسلمين أن الكارهين لنور الله يخططون كل يوم للقضاء على الدعوة الإسلامية ولا يهتمون بالخلافات بين الجماعات الإسلامية، إنما هم ينظمون الضربات؛ يضربون اليوم الجماعات الإسلامية ليقف السلفيين يقولون أن الحرب ليست ضدنا فيسكتون، ثم يلتفت الاستبداد وينهال بالضربات على السلفيين ليسكت الإخوان ويقولون أن الحرب ليست ضدنا، ثم ينفرد الاستبداد بالإخوان فيعصف بهم وينكل بهم ليسكت السلفيون والجماعات ويقولون الحرب ليست ضدنا، وهكذا سكتت القنوات أيضاً والجميع يقولون بفقه الواقع والضرورة والحكمة ثم ينتبهوا فيجدوا أن الدعوة الإسلامية والإسلام العظيم يتم توجيه الضربات والحرب والتشويه لكل ثوابته وقيمه تحت ستار متعدد ومتلون الأغطية!!


وأخيراً أذكِّر هؤلاء الفرحين بالحرب على الإسلام بموقف هام للصحابي الجليل عبدالله بن مسعود وكان غلام يرعى الغنم ليس له عشيرة ولا قبيلة ولا قوة تجعل لها منعة وقيمة أمام الناس؛ أي لم يكن عضوًا فى لجنة سياسات قريش، ولا صاحب مشروع رأسمالي، ولا نفوذ، ولا واسطة، ولا قوي الجسم، بل كان ضعيف الجسم جداً؛ حتى أنه يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله فضحكوا من حموشة ساقيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما تضحكون لرجل عبد الله أثقل في الميزان من أحد» [قال الألباني حسن لغيره].

ومع كل ذلك الضعف وفي وسط علو واستكبار وقوة قريش واستضعاف المسلمين ذهب إلى الكعبة لأنه يعلم أنه يملك قناة إعلامية ينصر بها دين الله، وكان في وقت الضحى أي في النهار بث مباشر، فجلس ورفع صوته بالقرآن، وقرأ مسترسلاً: سورة الرحمن {الرَّحْمَـٰنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ} إلى آخرها فنظر إليه أهل مكة في تعجب ودهشة، فمن يجرؤ على أن يفعل ذلك في ناديهم؟، وأمام أعينهم؟!، فقالوا في دهشة: ماذا يقول ابن أم عبد؟!


ثم أنصتوا جيدًا إلى قوله، وقالوا في غضب: "إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد"، ثم قاموا إليه لإغلاق قناته وإسكاته، وضربوه ضربًا شديدًا، وهو مستمر في قراءته والبث المباشر للقرآن حتى أجهده الضرب، وتم التشويش عليه وبلغ منه الأذى مبلغًا عظيمًا، وقطع إرساله فكفَّ عن القراءة، فتركه أهل مكة وهم لا يشكون في موته، فقام إليه أصحابه، وقد أثَّر الضرب في وجهه وجسده، فقالوا له: "هذا الذي خشينا عليك". فقال: "ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولسوف أرجع لهم غداً"... بدون تراجع بقناة جديدة وذبذبة وثبات أقوى.

صدق عبد الله بن مسعود؛ الداعية الضعيف الفقير، القوي الغني بالله؛ الذي أصر على الجهر بالدعوة وسط طغيان واستكبار قريش ولم يبالِ، ونحن نقول لكل المجرمين لقد هتفتم سابقاً "دبّح دبّح يا جمال لا رجعية ولا إخوان"، وخرج الإخوان من السجون أقوى مما كانوا، ورجعت الدعوة أقوى مما كانت، والآن تعودون لهتافكم "اغلق اغلق لا سلفية ولا إخوان" وتوجهون ضرباتكم للدعوة ورغم أنكم تسيطرون على أسباب السلطان والقوة، إلا أنكم والله لا تساوون عندنا شيئا، وسوف نعود للدعوة وتعود الدعوة والجهر بالقرآن أقوى مما كان ولا نبالِ...


ممدوح إسماعيل محام وكاتب
Elsharia5@hotmail.com

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام