نشأة الفرق الإسلامية وعلاقتها بالأحداث السياسية

منذ 2016-10-19

من قديم وهناك علاقةٌ قوية بين ما هو ديني وسياسي فكلاهما يرتبط ويؤثر بالآخر حتى لو إدعى البعض أنه تم التوصل لشيٍْ استطاع أن يفصل بينهم (العلمانية).

من قديم وهناك علاقةٌ قوية بين ما هو ديني وسياسي فكلاهما يرتبط ويؤثر بالآخر حتى لو إدعى البعض أنه تم التوصل لشيٍْ استطاع أن يفصل بينهم (العلمانية).
فكما يقول المفكر الألماني كارل شميت في كتابه اللاهوت السياسي " كل المفاهيم البارزة في النظرية الحديثة للدولة هي مفاهيم لاهوتية معلمنة".
فالفرق الإسلامية التي ظهرت منذ بداية التاريخ الإسلامي كان من أقوى أسباب ظهورها هي الأحداث السياسية التي ظهرت في نفس الفترة، فنجد أن الخوارج أول فرقة إسلامية ظهرت كان سبب ظهورها هو نتاجٌ للخلاف السياسي بين سيدنا علي وسيدنا معاوية، فكما يقول أبو الحسن الأشعري في كتاب مقالات الإسلامين" فالخوارج هم أولئك النفر الذين خرجوا على علي رضي الله عنه بعد قبوله التحكيم في موقعة صِفين"
و كان مما أفضى إليه ظهور هذه الفرقة التي جاهرت بتكفير عموم المسلمين واستحلال دمائهم وأعراضهم قتال سيدنا علي لهم وتمكن أحدهم من قتل سيدنا علي وهو ذاهبٌ لصلاة الفجر وبعد مقتل سيدنا علي وانتقال الخلافة للحسن بن علي وتنازل الحسن عنها لمعاوية حقنًا للدماء وتوحيد لكلمة الأمة بشرط أن لا يعهد لأحدٍ من بعده بالخلافه ولكن معاوية عهد لإبنه يزيد من بعده لذلك خرج سيدنا الحسين علي خلافة يزيد بن معاوية واتجه إلى العراق بعد أن دعاه فريقٌ من أهلها إليها ووعده بالنصر و لكنهم تخلوا عنه في اللحظات الأخيرة وكان الأمر أن استشهد الحسين في كربلاء.
ومن هنا يرى كثيرٌ من المؤرخين أن بداية ظهور فرقة الشيعة كانت بعد استشهاد الحسين رضي الله عنه
فنشأة هذه الفرقة لم تكن تعني إلا نشوء فرقةٍ سياسيةٍ تعترض على الحكم الأموي وتناصر الخروج عليها
ولكن بعد إجهاض الأمويين لثورة الحسين وكثير من الثورات التي تلتها بسبب ظلم واستبداد الأمويين
لجأ بني أمية لكثرة الثورات التي قامت عليهم في ترويج عقيدة فرقتي الجبر والإرجاء، فالجبرية والمرجئة استعملهم بني أمية لضرب خصومهم السياسين فكريًا وعقديًا.
ولذلك يقول الدكتور محمد صالح السيد في كتاب عمرو بن عبيد وأراؤه الكلامية ""كما يبدو أن للجو السياسي في عصر بني أمية أثره في تيار الجبر واستغله بعض حكام بني أمية في القول بأن جميع ما يقع من أفعال إنما هو بقدر الله تعالى"، وكذلك أيضًا تزامن ظهورعقيدة الإرجاء مع ظهور القول بالجبر، وحظيت فرقة المرجئة علي نفس التشجيع التي حظيت به الجبرية من قبل الأمويين، ولذلك يقول قتادة " إنما أحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الاشعث"، و ثورة ابن الأشعث أو ثورة القُراء كانت في زمان الحجاج بن يوسف، وردة فعل للغلو في قول الجبرية بالجبر الإلهي ظهرت فرقة القدرية التي تقول بأن الأمر آنف وتنفي علم الله وتقديره المسبق للأحداث
ونجد حتي فرقة المعتزلة التي لم يعزي سبب نشأتها إلى سببٍ سياسي، فهي ظهرت علي غرار اختلاف واصل بن عطاء مع أستاذه الحسن البصري فأعتزل واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري فسماه هو ومن اتبعه بالمعتزلة، فنجد أن هذه الفرقه لم تترعرع وتزدهر إلا بعد الدعم العباسي لها و تبني بعض خلفاء بني العباس لها لأغراضٍ سياسيةٍ بحتة ولذلك يقول الدكتور يوسف زيدان في كتاب اللاهوت العربي و أصول العنف الديني" وانتشر بعد ذلك مذهب المعتزلة وكثر متكلموه الذين جمعت بينهم علي اختلاف طبقاتهم الأصول الخمسة للمذهب وجرت في نهر الإعتزال مياهٌ سياسيةٌ كثيرة"، فالسياسة دائمًا وأبدًا ومن قديم لا تزال ترتبط بالدين
فكما يقول أبو حامد الغزالي في الإحياء " الدين والملك توأمان"، فالسياسة دومًا ترتبط بالآيديولوجيا  وكذلك الآيديولوجيا تؤثر في السياسة

أحمد ماهر عز الدين 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام