القس جونز يحاكم القرآن .. من يوقف هذا العبث ؟
بينما الشعوب العربية مشغولة بالتخلص من أنظمتها الديكتاتورية، كان القس الأمريكي المتطرف (تيري جونز) الذي سبق أن أعلن عن حملة لحرق القرآن الكريم متهما إياه بأنه سبب الإرهاب، يقوم بإجراء (محاكمة للقرآن) !
بينما الشعوب العربية مشغولة بالتخلص من أنظمتها الديكتاتورية التي
أضعفت البلاد والدين والعباد، كان القس الأمريكي المتطرف (تيري جونز)
الذي سبق أن أعلن عن حملة وقحة لحرق القرآن الكريم متهما إياه بأنه
سبب الإرهاب، يقوم بإجراء (محاكمة دولية علنية للقرآن) يوم 20 مارس
هيئة محلفين تضم مسلمين ومسيحيين وأنه في انتظار من يدافع عن القرآن
!
"جونز" وهو راعي إحدى كنائس ولاية فلوريدا الأمريكية بدأ حملته
القذرة ببيان أصدرته حملته (انهضي يا أمريكا America stand up)، قال
فيه أنه سيجري محاكمة علنية يكون هو فيها القاضي !، وزعم القس-المجنون
بعدائه للقرآن والإسلام- أن هيئة المحلفين التي شكلها للحكم علي
القرآن علي الطريقة الأمريكية لكي تقرر هل هو "مذنب" أم "غير مذنب"،
سوف تتألف من 30 شخصاً من المسلمين والمسيحيين لمحاكمة القرآن، وأنه
سيكون فيها محام وشهود، مشيرا لأن المدعو أحمد أباظة -مؤسس "تلفزيون
المسيحية الدولية" (الحقيقة)- وهو مسلم مرتد، سيكون محامي الادعاء،
والشيخ محمد الحسن رئيس "المركز الإسلامي" في تكساس، وأحد مرشحي
انتخابات الرئاسة السودانية السابقين هو محامي الادعاء.
وزعم أنه إذا ثبت خطئه وجرت تبرئة الإسلام خلال المحاكمة فسوف يصدر
اعتذارًا علنيًا، أما إذا وجدت المحكمة أن القرآن (مذنب) فإن هناك أحد
أربع عقوبات ستوقع عليه هي: (الحرق أو الإغراق أو التمزيق أو رميه
بالرصاص !!)، قائلا في وقاحة لا تصدر عن رجل دين: "إننا نتهم القرآن
بالقتل والاغتصاب والخداع، فضلا عن مسئوليته عن الأنشطة الإرهابية في
جميع أنحاء العالم"، وأن القرآن الكريم "كتاب الشر ".
وتحدى جونز المسلمين بقوله: "نحن نتحدى العالم الإسلامي للدفاع عن
القرآن الكريم .. إنهم يقولون إن القرآن هو كتاب للسلام ودين السلام،
إننا نطلب منهم أن يقدموا لنا الشخص الذي سيحاول الدفاع عن القرآن"،
ودعا المدافعين عن القرآن لاختيار من سيكون محامي الدفاع قائلا:
"نتحداهم أن يقوموا بذلك، لن نتكلم، نريد أن نرى أفعالاً، تعالوا
لتظهروا لنا في هذا اليوم، 20 مارس اليوم الذي سيتم فيه محاكمة
القرآن".
وقد بث القس المتطرف مقطع فيديو مصور له على اليوتيوب يعلن فيه عن
خططه لمحاكمة القرآن قائلا: إن القرآن متهم، ونحن نتهم القرآن بالقتل،
والاغتصاب، وكونه مسئولا عن أنشطة إرهابية حول العالم، نحن نتهم
القرآن بأعمال العنف هذه "وأنه ابتداء من الساعة 4 بعد الظهر وحتى
الـساعة 8 مساء يوم 20 مارس الماضي ستتم محاكمة القرآن بالتحريض على
القتل، والاغتصاب والأنشطة الإرهابية وقتل ملايين الناس في جميع أنحاء
العالم".
حرق القرآن للمرة الثانية !
وقد انتهت المحاكمة الهزلية التي ضمت لجنة محلفين من عتاة المتطرفين
المسيحيين الأمريكان بقرار إدانة القرآن، وأشرف مبشر إنجيلي أمريكي
على إحراق نسخة من القرآن في كنيسة صغيرة في فلوريدا، بعدما اعتبر أن
المصحف الكريم "مسؤول" عن عدة جرائم.
والأغرب أن هؤلاء المعتوهين دينيا كانوا -قبل المحاكمة- يضعون نسخة
من القرآن الكريم في إناء ملئ بالوقود قبل المحاكمة بساعة، مما يؤكد
نيتهم حرقه وأن المحاكمة هزلية تستهدف التحايل علي فكرة حرقه مرة
واحدة كما سبق أن هدد جونز ثم تراجع بعد تدخل مسؤولين أمريكان ومسلمين
لإقناعه بحقيقة القرآن والإسلام.
حيث قام القس واين ساب، بإحراق نسخة من القرآن تحت إشراف تيري جونز،
الذي أثار في سبتمبر الماضي موجة من الإدانات بشأن خطته لإحراق كومة
من نسخ القرآن، في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وضعت نسخة
القرآن التي كانت قد نقعت بالوقود لمدة ساعة، على طبق حديدي في وسط
الكنيسة وأشعل فيها ساب النار، واحترق القرآن لمدة عشر دقائق، فيما
التقط بعض الحضور الصور.
إلا أنه قال إنه أراد هذه المرة "أن يعطي العالم الإسلامي فرصة
للدفاع عن كتابه"، ولكنه لم يحصل على أي جواب، وأوضح أنه يعتبر أن
هناك محاكمة فعلية من دون عقاب فعلي.
وسبق لهذا القس جونز أن أثار جدلا واسعا في جميع أنحاء العالم العام
الماضي عندما أعلن عن خطة لحرق 200 نسخة من القرآن الكريم، بمناسبة
الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر، إلا أنه تراجع بعد غضب العالم
الإسلامي وتنديد العديد من زعماء العالم بتلك الخطوة التي وصفها بعضهم
بالجنون والرغبة في الشهرة على حساب السلام والأمن العالمي، ولكنه عاد
لينفذ تهديده أمام الكنيسة وهو ما تبعه قيام شخصيات متطرفة أخري في
بعض الكنائس الأمريكية بحرق القرآن.
رسالة للمسلمين الأصوليين
وفي كلمته الافتتاحية للمحاكمة قال القس تيري جونز: "نريد أن نكرّم
الشهداء الذين قضوا نحبهم في هجمات سبتمبر، ونريد أيضاً أن نرسل رسالة
واضحة جدًا للمسلمين الأصوليين، نريد إعلام المسلمين أنه نحن في
الولايات المتحدة الأمريكية لن نخضع لهم ولن نكون خائفين منهم، فهم
ليسوا أقوى من يسوع المسيح له المجد وقرآنكم ليس بشيء مقارنة
بالإنجيل".
وهاجم نبي الإسلام في خطابه.
وقال: "إن المسلمين الموجودين في أمريكا مرحب بهم، نحن لدينا حرية
التعبير وحرية الكلمة، ونتوقع من المسلمين أن يبقوا مسالمين، لكننا لا
نرحب بالشريعة الإسلامية، فنحن لدينا دستورنا الخاص ونتوقع من
المسلمين أن يحترموه ويخضعوا له".
الثورات الشعبية ستلجم جونز
والملفت هنا أن هذا القس المتطرف زعم أن "ما عرفته عن الإسلام هو أن
الشريعة الإسلامية الشيطانية قد سيطرت على البلدان الإسلامية، وأن تلك
البلدان قد أصبحت تحت اللعنة، فالناس هناك يفتقدون إلى الحرية
الفردية، وليس لديهم حرية الكلام أو حرية الدين، إنهم يعيشون تحت نوع
من أنواع اللعنة".
ولكنه لا يدري أن الثورات الشعبية التي اندلعت في العالم العربي
اندلعت ضد حكام شوهوا صورة الإسلام، وأنها أعادت الإسلام لحقيقته كدين
حرية وتسامح وحرية عبادة، ولا علاقة له بممارسات هؤلاء الحكام التي
شوهت صورة الإسلام وأظهرته علي عكس صورته ناصعة البياض، وأنه ضد
الحريات والعدالة.
وبرغم أن غالبية التعليقات علي قرار محاكمة وحرق القرآن كانت تدور
حول عبارة عبد المطلب "إن للبيت رب يحميه"، ولهذا قال من تابعوا
المحاكمة الهزلية: "إن للقرآن رب يحميه"، إلا أنه من الواضح أن
الثورات العربية هي التي سترد علي أمثال هؤلاء المتطرفين المسيحيين
الذين يتصورون أن كل ما فعلته الحكومات الديكتاتورية الزائلة من سفه
وبذخ وفساد وتعطيل للحريات ونشر للفواحش هو ما جاء به القرآن
والإسلام.
ولكن الحقيقة أن وميض الأمل لوقف آمال أمال هذا القس وتابعيه بدأ يشع
من الثورات الشعبية التي رفعت شعارات الحرية والعدالة وتطبيق الشريعة
الإسلامية الحقة بعدما تم تعطيلها.
فالقضية لم تكن فقط عجز وتراجع أو هروب الحكومات الديكتاتورية عن
مواجهة حملات حرق القرآن والدفاع عنه، بقدر ما هي إظهار حقيقة الإسلام
لهؤلاء الجهلاء وبيان أن القرآن والإسلام شيء وممارسات الأنظمة
العربية الفاسدة السابقة شيء أخر، مما يشير إلي أن المستقبل سيحمل
الرد علي هذا القس المتطرف وتابعيه.
الثورات العربية هي التي ستوقف هذا العبث والإساءة للقرآن والإسلام
وستلجم هؤلاء العابثين الجهلاء بحقيقة الإسلام.
25/4/1432 هـ
- التصنيف: