حكم أخذ الأجرة على الرقية
الراقي والله أعلم يشبه الطبيب شيئًا ما؛ فالطبيب يداوي المريض على أجرٍ معلوم، وكذلك يجوز للراقي أن يرقي المريض على أجرٍ معلوم، وهذا يكون إجارةً. ويفترق الطبيب والراقي في أن المريض يجوز له أن يشترط على الراقي الشفاء على الأجر، ويكون هذا من باب الجعالة، لكنه لا يجوز أن يشترط الشفاء على الطبيب.
ورد في المسألة عدة أحاديث؛ منها:
1 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا. صَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ"، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا"، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم» ([1]).
2 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ،، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» ([2]).
3 - عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: «إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ فَأَتَوْهُ بِرَجُلٍ مَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَكُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ، ثُمَّ تَفَلَ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَأَعْطَوْهُ شَيْئًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم : "كُلْ فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةٍ بَاطِلٍ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ».
وفي لفظ: «أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ فَأَتَوْهُ بِرَجُلٍ مَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً» [3]).
4 - عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: « لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ثَلَاثًا مَا رَآهَا أَحَدٌ قَبْلِي , وَلَا يَرَاهَا أَحَدٌ مِنْ بَعْدِي: لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرَرْنَا بِامْرَأَةٍ جَالِسَةٍ مَعَهَا صَبِيٌّ , قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ,, ابْنِي هَذَا قَدْ أَصَابَهُ بَلَاءٌ , وَأَصَابَنَا مِنْهُ بَلَاءٌ , يُؤْخَذُ فِي الْيَوْمِ لَا أَدْرِي كَمْ مَرَّةً , قَالَ: "نَاوِلِينِيهِ».
« فَرَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاسِطَةِ الرَّحْلِ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ، فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثًا "بِسْمِ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ" ثُمَّ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَقَالَ: الْقَيْنَا فِي الرَّجْعَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَأَخْبِرِينَا مَا فَعَلَ قَالَ: فَذَهَبْنَا وَرَجَعْنَا، فَوَجَدْنَاهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، مَعَهَا شِيَاهٌ ثَلاَثٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ صَبِيُّكِ؟ فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا حَسَسْنَا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى السَّاعَةِ، فَاجْتَرِرْ هَذِهِ الْغَنَمَ. قَالَ: انْزِلْ فَخُذْ مِنْهَا وَاحِدَةً، وَرُدَّ الْبَقِيَّةَ» ([4]).
ذهب جماهير العلماء إلى جواز أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرقية، وهو قول الأحناف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية ([5]).
قال جمال الدين الخزرجي المنبجي الحنفي رحمه الله ([6]): مَا سَبيله أَن لَا يفعل إِلَّا على وَجه الْقرْبَة لَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ ثم ذكر الأحاديث الناهية عن أخذ الأجرة على القرآن وقال: وَأما قَوْله فِي حَدِيث الرّقية: «خذوها واضربوا لي بِسَهْم». فَالْجَوَاب عَنهُ من وُجُوه: أَحدهَا: أَن الْقَوْم كَانُوا كفَّارًا فَجَاز أَخذ أَمْوَالهم. وَالثَّانِي: أَن حق الضَّيْف لَازم وَلم يضيفوهم. وَالثَّالِث: أَن الرّقية لَيست بقربة مَحْضَة، فَجَاز أَخذ الْأجر عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ على العلاجات كلهَا.
وقال أبو زكريا النووي رحمه الله ([7]): قَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم : «خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ»: هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرقية بالفاتحة والذكر، وأنها حلالٌ لا كراهة فِيهَا، وَكَذَا الْأُجْرَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَآخَرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَأَجَازَهَا فِي الرُّقْيَةِ.
وقال أبو الوليد ابن رشد رحمه الله ([8]): وَأَمَّا الَّذِينَ كَرِهُوا الْجُعْلَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَقَالُوا: لَمْ يَكُنِ الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الرَّقْيِ. قال: وَسَوَاءٌ أكَانَ الرَّقْيُ بِالْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا جَائِزٌ.
وقال ابن قدامة رحمه الله ([9]): فَأَمَّا الْأَخْذُ عَلَى الرُّقْيَةِ، فَإِنَّ أَحْمَدَ اخْتَارَ جَوَازَهُ، وَقَالَ: لَا بَأْسَ.
وقال ابن تيمية رحمه الله ([10]): وَلَا بَأْسَ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
وقال ابن حزم رحمه الله ([11]): وَالإِجَارَةُ جَائِزَةٌ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ, وَعَلَى تَعْلِيمِ الْعِلْمِ مُشَاهَرَةً وَجُمْلَةً, وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِز،ٌ وَعَلَى الرَّقْيِ; لأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ نَصٌّ, بَلْ قَدْ جَاءَتْ الإِبَاحَةُ فذكر حديث ابن عباس وقال: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
فائدة:
وقد يكون الأجر على الرقية من باب الإجارة، أو من باب الجِعالة.
لو قال المريض للراقي: ارق بمبلغ كذا وكذا، وكان الاتفاق على القراءة فقط شفي المريض أو لم يشفِ، وعلى مدة معلومة، فهذا من باب الإجارة؛ لأنها تكون على عمل معلوم، بعوض معلوم، في مدة معلومة.
وأما إذا اشترط المريض الشفاء؛ فقال للراقي: لك كذا وكذا إن شفيت فهذا من باب الجعالة؛ لأنها عقدٌ على منفعةٍ يُظَنُّ حصولها، وقد تكون عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ ([12]).
فإن كان من باب الإجارة فلا أعلم خلافًا في جوازه، والله أعلم.
وقال بعض الشافعية، والحنابلة بجواز المشارطة على الشفاء في الرقية، واعتبروه من باب الجعل.
واستدلوا بحديث أبي سعيد ([13]).
وخالف في ذلك بعض المالكية، والحنابلة ([14]).
وقال سليمان الجمل الشافعي رحمه الله ([15]): إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ، كَلِتُدَاوِينِي إلَى الشِّفَاءِ أَوْ لِتَرْقِيَنِي إلَى الشِّفَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ وَوُجِدَ الشِّفَاءُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، وَإِنْ فَعَلَ وَلَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُدَاوَاةُ وَالرُّقْيَةُ إلَى الشِّفَاءِ.
وقال ابن قدامة رحمه الله ([16]): وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا بَأْسَ بِمُشَارَطَةِ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ؛ لأنَّ أَبَا سَعِيدٍ حِينَ رَقَى الرَّجُلَ، شَارَطَهُ عَلَى الْبُرْءِ. وَالصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا يَجُوزُ، لَكِنْ يَكُونُ جَعَالَةً لَا إجَارَةً، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ مُدَّةٍ، أَوْ عَمَلٍ مَعْلُومٍ، فَأَمَّا الْجَعَالَةُ، فَتَجُوزُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرُّقْيَةِ إنَّمَا كَانَ جَعَالَةً.
وقال المرداوي رحمه الله ([17]): يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا وَيُقَدِّرُ ذلك بِالْمُدَّةِ؛ لأنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَيُبَيِّنُ قَدْرَ ما يَأْتِي له هل هو مَرَّةٌ أو أَكْثَرُ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ([18]): إذَا جَعَلَ لِلطَّبِيبِ جُعْلًا عَلَى شِفَاءِ الْمَرِيضِ جَازَ كَمَا أَخَذَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم الَّذِينَ جُعِلَ لَهُمْ قَطِيعٌ عَلَى شِفَاءِ سَيِّدِ الْحَيِّ فَرَقَاهُ بَعْضُهُمْ حَتَّى بَرِئَ فَأَخَذُوا الْقَطِيعَ؛ فَإِنَّ الْجُعْلَ كَانَ عَلَى الشِّفَاءِ لَا عَلَى الْقِرَاءَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ طَبِيبًا إجَارَةً لَازِمَةً عَلَى الشِّفَاءِ لَمْ يَجُزْ؛ لأنَّ الشِّفَاءَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ فَقَدْ يَشْفِيهِ اللَّهُ وَقَدْ لَا يَشْفِيهِ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا تَجُوزُ فِيهِ الْجَعَالَةُ دُونَ الْإِجَارَةِ اللَّازِمَةِ.
وقال ابن جبرين رحمه الله ([19]): لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره.
قلت: فحاصل القول في المسألة جواز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية من الكتاب والسنة، وإن كان الأولى احتساب الأجر والمثوبة عند الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا. أما إذا احتاج مالًا واشترط على المريض أجرًا فيجوز له ذلك كما فعل أبو سعيد، مع مراعاة أحوال المريض غناءً وفقرًا، تدينًا وتفريطًا ([20]).
فالراقي والله أعلم يشبه الطبيب شيئًا ما؛ فالطبيب يداوي المريض على أجرٍ معلوم، وكذلك يجوز للراقي أن يرقي المريض على أجرٍ معلوم، وهذا يكون إجارةً. ويفترق الطبيب والراقي في أن المريض يجوز له أن يشترط على الراقي الشفاء على الأجر، ويكون هذا من باب الجعالة، لكنه لا يجوز أن يشترط الشفاء على الطبيب.
التحذير من التوسع في أخذ الأجرة على الرقية:
من الأخطاء والمخالفات المنتشرة في كثيرٍ من البلدان المُبَالَغَةُ الفاحشة في طلب الأجر على الرقية، وتكليف الناس فوق استطاعتهم.
حتى أن بعض الراقين رفض أن يرقي مريضًا؛ لأنه لا يملك عشر جنيهات يدفعها له. وآخر يطلب من رجل فقيرٍ أن يدفع له مائة جنيه، ولا يقبل بأقل من ذلك، وإلا تركه وذهب، حتى أن الشيخ عبد الكريم بن صالح الحميد قال عن واحدٍ من هؤلاء ([21]): بلغني أن بعضهم يأخـذ (خمسمائـة) ريالٍ مقابل ورقة يكتبهـا لا تساوي رُبعَ ريال!، وبعضهم يصفّ أوانِي الْمَاء، ثم ينفخ عليها نفْخةً، ثم يبيعها بأغلى من ثمنها، وبعضهم يأتي بورقة طويلة بطول القامة، ثُم يكتب فيها بعض الآيات ويسميها " البـَدن "، ثم يجعل قيمتها ثمانمائة وخمسين ريالاً.
ولْيَتَذَكَّرْ كل راقٍ يشقُّ على الناس قوله صلي الله عليه وسلم :"اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ" ([22]).
فينبغي على الراقي إذا أخذ أجرًا على رقيته مراعاة أحوال الناس غنًى وفقرًا، فلا يكلف الفقير من المال فوق طاقته، فإن النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ" ([23]).
بل إنَّ الأولى أن يحتسب الراقي الأجر والمثوبة من الله تعالى إذا استطاع الاستغناء عن ذلك. وما أخذ أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أجرًا في قصة أبي سعيد الخدري إلا لعلةٍ مذكورة في الحديث؛ فيه: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا ([24]).
قال ابن عبد البر رحمه الله ([25]): وَفِي إِبَاحَةِ الرُّقَى إِجَازَةُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَيْهِ لأنَّ كُلَّ مَا انْتُفِعَ بِهِ جَازَ أَخْذُ الْبَدَلِ مِنْهُ وَمَنِ احْتَسَبَ وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ لَهُ الْفَضْلُ.
وقال ابن باز رحمه الله ([26]): فلا مانع أن يأخذ الراقي أجراً على رقيته هذه لا مانع منه لكنني أنصح أولئك الذين امتهنوا الرقية أن يتقوا الله في أنفسهم وألا يستغلوا ضعف المريض وعجزه فان المريض يتطلع إلى العلاج بكل وسيلة وربما استعملوا أكاذيب وأشياء لا حقائق لها ليظهروا أنهم مهرة في رقيتهم، وأنهم حذاق في هذا الأمر، فليتق الله أولئك الراقون، وليراقبوا الله، وليبتعدوا عن الكذب والدجل وليكن همهم منفعة المريض، ولاشك أن الأخذ (أخذ الأجرة) جائز لهم، ولكن لتكن هذه الأجرة بالمعقول ولا تكن استغلالية ولا انتهازية فليتقوا الله في أمورهم.
وقال ابن جبرين رحمه الله ([27]): والأولى بالقراء عدم الاشتراط وأن تكون الرقية لنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض، فإن دفعوا له شيئًا بدون اشتراط أخذه دون أن يكون هو قصده وإن دفعوا له شيئًا أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط بل بقدر الحاجة الضرورية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) صحيح: أخرجه البخاري "5007، 2276، 5736، 5749)، ومسلم (2201)، عن (أبي عَوَانَة، وشُعْبَة، وهُشَيْم)، عَنْ أَبِي بِشْرٍ جعفر بن إياس، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ الناجي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. وأخرجاه عن هِشَام بْن حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
قلت: قد خالف الأعمش شعبة ومن معه في إسناد هذا الحديث ومتنه؛ فأما الإسناد فإنه جعل أبا نضرة بدل أبي المتوكل. وأما المتن فزاد فيه زيادات تأتي.
وقد أخرجه أحمد (3/ 10)، ابنُ أبي شيبة (7/ 411 )، والترمذي (2063)، وابنُ ماجه (2156)، والدارقطني (3034 )، عن أبي مُعَاوِيَةَ الضرير، وابن حبان (6112)، والحاكم (1/559)، عن جرير، كلاهما عن الأَعْمَش، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ المنذر بن مالك، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ... بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ ثَلَاثِينَ رَاكِبًا... قَالُوا: فِيكُمْ أَحَدٌ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ أَنَا، وَلَكِنْ لاَ أَفْعَلُ حَتَّى تُعْطُونَا شَيْئًا، قَالُوا: فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ شَاةً، قَالُوا: فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ شَاةً.
قال أبو معاوية: قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهَا الْحَمْدُ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
وفي رواية عند ابن حميد في "المنتخب" (864)، والنسائي في "الكبرى" (7490، 10799)، عن يَعْلَى بن عبيد الطنافسي، عن الأعمش، وفيه: قال: فَجَعَلْتُ أَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَأَمْسَحُ الْمَكَانَ الَّذِي لُدِغَ، حَتَّى بَرَأَ فَأَعْطَوْنَا الْغَنَمَ فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا نَأْكُلُ مَا أَدْرِي مَا الرُّقْيُ وَلَا أُحْسِنُ الرُّقْيُّ. ونحو هذا قال جرير.
وهذه الروايات فيها زيادات:
الأولى: أنهم كانوا في سرية، وكانوا ثلاثين.
الثانية: أن الراقي أبو سعيد.
الثالثة: أنهم أعطوهم ثلاثين شاة.
الرابعة: أنه قرأ بفاتحة الكتاب سبع مراتٍ.
الخامسة: أن وضع اليد يكون على موضع الألم، وهذا سبق له أدلةٌ أخرى.
السادسة: أنه قد يرقي بكتاب الله تعالى من لا يحسن الرقية، شريطة أن لا يخرج عن الآيات.
قال الترمذي: حديث شعبة أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ. "السنن" (4/ 399).
وقال ابن ماجه: وَالصَّوَابُ هُوَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ. "السنن" (2/ 729).
وقال الدارقطني: رَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. وَخَالَفَهُ شُعْبَةُ، وَهُشَيْمٌ، فَرَوَيَاهُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. "العلل" (11/ 333).
وقال ابن حجر: وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَقْدِي أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ مَحْفُوظَانِ لِاشْتِمَالِ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَلَى زِيَادَاتٍ فِي الْمَتْنِ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ فَكَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ شَيْخَيْنِ فَحَدَّثَ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا. "فتح الباري" (4/ 455).
قلت: القلب أميل إلى قول الحافظ ابن حجر رحمه الله؛ لا سيما والأعمش إمام حافظ جليل القدر، ولعل أبو بشر سمعه من أبي المتوكل وأبي نضرة؛ فكلاهما شيخ له، وإن أكثر عن أبي المتوكل، والله أعلم.
فائدة: قال ابن حجر: وَقَدِ اسْتَشْكَلَ كَوْنَ الرَّاقِي هُوَ أَبُو سَعِيدٍ رَاوِي الْخَبَرِ مَعَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ: فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظٍ فِيهِ: فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً؟ فَفِي ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُكَنِّيَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَعَلَّ أَبَا سَعِيدٍ صَرَّحَ تَارَةً وَكَنَّى أُخْرَى، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا أَرْقِيهِ، وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَعْمَشِ؛ فَإِنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَنْصَارِيٌّ. وَأَمَّا حَمْلُ بَعْضِ الشَّارِحِينَ ذَلِكَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَوَى قِصَّتَيْنِ كَانَ فِي إِحْدَاهُمَا رَاقِيًا وَفِي الْأُخْرَى كَانَ الرَّاقِي غَيْرَهُ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَالسِّيَاقِ وَالسَّبَبِ، وَيَكْفِي فِي رَدِّ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَلَا حَامِلَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُمْكِنٌ بِدُونِهِ. "فتح الباري" (4/ 456).
([2]) أخرجه البخاري (5737). وقد بوب له البخاري رحمه الله فقال: بَابُ الشَّرْطِ فِي الرُّقْيَةِ بِقَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ.
([3]) في إسناده نظر: مداره على الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ، عن عَمَّه. رواه على الشعبي:
1و2 زَكَرِيَّا وَوَكِيعٌ. أخرجه أحمد (5/ 210)، وابن ماجه (6111)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (6/367)، عن يَحْيَى بْن سَعِيدٍ، عَنْ زَكَرِيَّا وَوَكِيعٌ، عن عَامِرٌ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عَمِّهِ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (631)، وأبو داود (3896)، وابن حبان (6110، 6111)، والحاكم (1/559560)، والدارقطني (4810 4812)، والمزي في "التهذيب" (8/14)، والطبراني (17/ 509)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2502، 7116)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (7/ 91)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/ 174)، عن زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ، عن عَمَّه.
3 عَبْد اللهِ بْن أَبِي السَّفَرِ. وأخرجه أحمد (5/ 211)، والطيالسي (1459)، أبو داود (3420، 3897، 3901)، والنسائي في "الكبرى" (10804"، و"عمل اليوم والليلة" (630)، وابن السني (635)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (6017)، والدارقطني (4813)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (590)، عن شُعْبَة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عَمِّهِ.
قلت: خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ روى عنه عامر، وعبد الأعلى بن عبد الحكم. ذكره ابْن حبان فِي "الثقات". وَقَال الذهبي: محله الصدق. وَقَال ابن حجر: مقبول. وبعضهم أدخله في الصحابة، وهو باطل. وقال ابن أَبي خيثمة: إذا حدث الشعبي عن رجل فسماه فهو ثقة يحتج بحديثه. "الجرح والتعديل" (6/ 323).
قلت: ولم أقف على أحدٍ تكلم فيه. وعم خارجة قيل: اسمه عِلاقة بن صُحَار، وقيل: عبد الله بن عِثْيَر، والله أعلم.
قال ابن حجر في شرح حديث أبي سعيد السابق: وَقَعَتْ لِلصَّحَابَةِ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي رَجُلٍ مُصَابٍ بِعَقْلِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَبَرَأَ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ... فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ. "فتح الباري" (4/ 455).
([4]) في كلِّ طرقِه مقالٌ: رواه عن يعلَى بنِ مُرَّة جماعةُ؛ منهم:
1 عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ. أخرجه ابن أبي شيبة (31753)، وأحمد (4/ 170)، وغيرهما. قلت: عَبْد الرَّحْمَنِ مجهول.
2 عَبْد اللَّهِ بْن حَفْصٍ. أخرجه أحمد (4/ 173)، وابن حميد في "المنتخب" (405)، وغيرهما. قلت: عَبْد اللَّهِ مجهول، وهو من رواية عطاء السائب، وقد اختلطَ.
3 الْمِنْهَال بْن عَمْرٍو. أخرجه وكيع (508)، وهناد (2/ 621)، كلاهما في "الزهد"، وأحمد (4/ 172)، عن الأعمش، عن منهال. قلت: الْمِنْهَال عن يعلى مرسلٌ، كما في التهذيب.
قلت: ورُوِيَ عن يعلى، عن أبيه، وهو وهمٌ؛ قال الحربي في "غريب الحديث" (1/ 315): عَنِ ابْنِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِيهِ. وقال أحمد في "المسند" (4/ 171): عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَكِيعٌ: مُرَّةَ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، وَلَمْ يَقُلْ: مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ.
وذكر البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 22) رواية المنهال عن يعلى يرفعُه، وقال: هَذَا أَصَحُّ، وَالْأَوَّلُ وَهْمٌ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، يَعْنِي رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِيهِ وَهْمٌ، إِنَّمَا هُوَ عَنْ يَعْلَى نَفْسِهِ، وَهِمَ فِيهِ وَكِيعٌ مَرَّةً، وَرَوَاهُ عَلَى الصِّحَّةِ مَرَّةً. قُلْتُ: وَقَدْ وَافَقَهُ فِيمَا زَعَمَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ وَهِمَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ مِنَ الْأَعْمَشِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قلت: أخرجه الحاكم (2/ 674)، وغيره، عن يُونُس بْن بُكَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ.
4 حَبِيب بْن أَبِي جُبَيْرَةَ. أخرجه أحمد (4/ 172)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/221)، والطبراني في "الكبير" (22/705). قلت: حَبِيب مجهول.
([5]) قلت: وما يُذْكَرُ من الآثار عن السلف في مسألة أخذ الأجرة على تعليم القرآن يصلح للاحتجاج هنا، وأعرضت عن ذكره هنا لأن حديث الباب صريحٌ وفيه كفاية، والله أعلم.
([6]) "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب" (2/ 532). والمنبجي من علماء القرن السابع ت 686هــ.
([7]) "شرح مسلم" (14/ 188).
([8]) "بداية المجتهد" (4/ 9)، ط دار الحديث.
([9]) "المغني" (5/ 412).
([10]) "الفتاوى الكبرى" (5/ 408).
([11]) "المحلى" (8/ 194).
([12]) إن شئت في تعريف الجعالة والإجارة انظر كتب الفقه. وانظر الكلام الآتي عن ابن قدامة وغيره. وانظر: "أحكام الرقى والتمائم" (79) لفهد السحيمي
([13]) وفي الحديث أنَّ أهل الحي أعطوهم المال بعدما شفي سيدهم.
([14]) قال العبدري: وَمِنْ ابْنِ عَاتٍ: لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ مِنْ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْوَرَعِ الدُّخُولُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْجُعْلُ عَلَى حَلِّ الْمَرْبُوطِ وَالْمَسْحُورِ. "التاج والإكليل لمختصر خليل" (7/ 600) ط العلمية. وقال المرداوي: وَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيرُ بِالْبُرْءِ عِنْدَ الْقَاضِي. "الإنصاف" (6/ 75) ط إحياء التراث.
([15]) "حاشية الجمل على المنهج" (3/ 621).
([16]) "المغني" (5/ 400).
([17]) "الإنصاف" (6/ 75).
([18]) "مجموع الفتاوى" (20/ 507).
([19]) "فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين" لأسامة المعاني (347).
([20]) قال البعض أنه لا يجوز أخذ الأجرة إلا بعد الشفاء، وهذا قولٌ ضعيفٌ.
([21]) "بيان الأدلة العقلية والنقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية" (9، 10).
([22]) أخرجه مسلم (1828)، عن عائشة.
([23]) أخرجه البخاري (7159)، ومسلم (466).
([24]) أخرجه البخاري (2276)، ومسلم (2201).
([25]) "التمهيد" (2/ 270).
([26])؟؟؟؟
([27]) "الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية"،
أبو حاتم سعيد القاضي
طالب علم وباحث ماجستير في الشريعة الإسلامية دار العلوم - جامعة القاهرة
- التصنيف: