إثبات المهدوية لليماني

منذ 2017-05-16

يجتهد المهديون بكل وسيلة، ويأتون بأكثر من دليل ورواية من روايات آل البيت- المزعومة والمكذوبة -ليثبتوا أن للإمام المهدي ممهد ووصي ورسول أرسله ليمهد له قبل ظهوره

: إثبات المهدوية لليماني:

يجتهد المهديون بكل وسيلة، ويأتون بأكثر من دليل ورواية من روايات آل البيت- المزعومة والمكذوبة -ليثبتوا أن للإمام المهدي ممهد ووصي ورسول أرسله ليمهد له قبل ظهوره، وذلك من خلال ليّ النصوص وتطويعها لغرضهم، وساعدهم على ذلك الفجوات الواسعة بين الروايات والتناقض الغريب بينها، ومن بين هذه المحاولات:

أولاً: كشف أتباع اليماني حقيقة الروايات الشيعية التي يعتمد عليها علماء ومراجع الشِّيَعة، أن هذه الروايات غير مستقيمة والتناقض بينها واضح وبين، وبذلك أقاموا الحجة على المراجع، فالتناقض والاختلاف بين الروايات ولا يمكن الجمع بينها فلا يصلح أن يقوم دليلاً، ومن بين هذه الروايات مسألة وصف الإمام المهدي من ناحية عمره أو صفاته الجسدية، فالمهديون ذكروا تناقضات عدة في الروايات التي تعرضت لوصف الإمام المهدي، ومنها وصف لون بشرته، فرواية تقول بأن لون بشرته أسود: حيث يصف الإمام الصادق القائم بقوله:"أسمر يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل"[1]، وأخرى تقول إن لون بشرته أبيض:"حيث قال أمير المؤمنين-علي بن أبي طالب- على المنبر:: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض مشرب بحمرة،..."[2].

وهذا التناقض الذي أبرزه المهديون ليس بغريب عليهم فهم أنفسهم فيما دعوه إليه وما يحاولون إقناع الناس به أمر قام على ثمة تناقض، والمقدمة أن ما بين على تناقض فسيقوم على تناقض وستكون النتيجة أن ينشأ عنه تناقض، وإنما يفعل المهديون هذا ليتوصلوا لمرادهم ليس إلا، ومرادهم أن يقولوا أنه ما دام هناك تناقض إذاً فهناك شخصيتان، وعليه يتحتم أن تكون الشخصية الأولى: الإمام المهدي، والثانية: أحمد اليماني، وتلك هي المحاولات التي يسعى لها اليماني وأنصاره، وفي ذلك يقول أحدهم: "التناقض الواضح في شكل الإمام عند الظهور من ناحية القيمة العمرية ومن ناحية الصفات الجسمية لا يترك أدنى شك بأن هناك رجلين كانا مقصودين بتلك الروايات، فهي لا يمكن أن تنطبق على رجل واحد، وهما قد  وصفا في جميع الروايات بالقائم أو المهدي أو الإمام، وهذه شهادة بأن الشخص المقصود في الرواية هو قائم آل محمد أيضاً وهو المهدي أيضاً وإمام كذلك"[3].

ثانياً: أنهم استدلوا بالحديث الذي جاءت فيه الوصية المقدسة-على حد زعمهم- وأن المقصود في هذه الوصية هو اليماني، وهذا جزء من الرواية: "فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد، فذلك اثنا عشر إماماً، ثم يكوف من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلىابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي:  اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث:المهدي، هو أول المؤمنين(،"والحديث السابق (الوصية) ينص على أن الإمامة من بعده إلى ابنه أحمد أول المَهْدِيّين فلابد أن يكون المهدي الثاني من ذرية أحمد

المهدي، وهكذا أبداً"[4].

فأنصار اليماني يرون أن المراد بأحمد هو أحمد الحسن لا غيره، وبهذه الرواية يدللون على أن للإمام المهدي ذرية وأن أحمد الحسن من ذرية الإمام الثاني عشر وهو المهدي الأول لأبيه، ففي الرواية فليسلمها إلى ابنه أي أحمد الحسن، ومن الروايات التي استندوا إليها واعتمدوا عليها، رواية جاءت في (بحار الأنوار) وفيها: "عن أبي عبد الله  عليه السلام قال: "إن منا بعد القائم  عليه السلام اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين  عليه السلام"[5]، وذكر هذه الرواية صاحب (الأربعون حديثاً في المَهْدِيّين وذرية القائم) بنفس النص، وفي الهامش عزى مرجعها إلى بحار الأنوار.

ثالثاً: أن الإمام القائم-الثاني عشر- له أصحاب وعددهم ثلائمائة وثلاثة عشر، وأول هؤلاء الثلاثمائة  وثلاثة عشر هو أحمد الحسن اليماني، فالرواية تقول: "جاء عن الإمام علي عليه السلام ألا إن أولهم من البصرة وآخرهم من الأبدال..."[6]، ويربط السيد الموسوي بين هذه الرواية وبين رواية الوصية فيقول:"لا يمكن القول بأن اليماني الأول يخرج من اليمن، وذلك لعدة أخبار وردت عن الأئمة تؤكد على أن أول أنصار الإمام المهدي يخرج من العراق، ومن البصرة بالتحديد إذ نصت وصية رسول الله"[7]، وذكر الموسوي تعليقاً آخر على النص السابق، وفيه:"فاليماني هو أول الأصحاب بل هو أميرهم وقائدهم فلا بد أن يكون من البصرة، واسمه أحمد، ومن ذرية الإمام المهدي  عليه السلام"[8].

رابعاً: أنهم يبرهنون بالروايات الشيعية التي يستدل بها الشِّيَعة على مهديهم، أسقطها المهديون على يمانيهم، ومنها:"عن أبي جعفرالباقر: إن صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف، ابن أمة سوداء..."[9]، وعلق النعماني في الهامش على كلمة"سوداء" قائلاً: اتفقت الروايات على أن أم المهدي رومية أو مغربية، وليست سوداء، ولا يبعد أن يكون الشبه المقصود في الحديث مفسراً بقوله: ابن أمة يصلحه الله في ليلة، فيكون المعنى أن فيه شبهاً من يوسف من جهتين: بكونه ابن أمة، وبأن الله يحدث تطورات سياسية في العالم دفعة واحدة تمهد لبداية أمره وظهوره.

وربما ما قاله النعماني دفع أنصار اليماني أن يدَّعوا أن هذه الرواية تنطبق على اليماني وليس المهدي، فيقول أحد الأنصار:"...، وهذه الرواية كما هو واضح تدل على أن صاحب الأمر ليس الإمام المهدي بل ولده ورسوله السيد أحمد الحسن لأن السيدة نرجس-عليها السلام- ليست سوداء "[10].

خامساً: إذا كان في اعتقاد الشِّيَعة أن هناك من يلتقي بالإمام في غيبته، وليس هذا إلا للمقربين الخُلَّص من الشِّيَعة، ودلت عليه الروايات، فليس غير اليماني-المهدي الأول- هو المقصود بذلك في نظر المهديين، كما في الرواية:"عن أبي عبد الله الصادق، قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: قتل، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره"[11]، وإن كانت الرواية عامة لا تحدد شخصاً بعينه، لكن اليماني وأنصاره يرون أنها ومثيلاتها تعين اليماني أنه -باعتباره المهدي الأول من المَهْدِيّين الاثني عشر- الذي يلتقي بالإمام وليس غيره، وفي ذلك يقول الزيادي: "وهذه الرواية والتي قبلها صريحة دالة على أن الإمام المهدي لا يعلم بمكانه في زمن  ظهوره حتى أولاده إلا المولى الذي يلي أمره ويأتي حكمه بعد حكم الإمام وهو الوصي  بلا منازع ولا إشكال أي المهدي الأول"[12].

يبرهن أتباع اليماني بكل ما يستطيعون، لإثبات دعوتهم ومهدوية مهديهم، ويمانية يمانيهم، وهذا من خلال الأدلة التي لفقوها لآل البيت وهم منها براء، بل أتوا بأدلة من الكتاب المقدس-بعهديه القديم والجديد- فعمل اليماني وأتباعه كما هي العادة أن يلبسوا الحق بالباطل، ويقنعوا به الناس، فجلبوا الأدلة، من كل مكان ليقولوا للدهماء، هذا يمانيا ومهدينا، تعالوا وانضموا إلى الفرقة الناجية-فالمهديون يرون أنهم الفرقة الناجية وغيرهم من الشِّيَعة والسنة هم الفرقة الضالة-، وسأذكر الأدلة التي ذكرها صاحب كتاب(أحمد الموعود).

 


[1] الملاحم والفتن، رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، ص141، ط1/1416ه، نشر مؤسسة صاحب الأمر .

[2] إعلام الورى بأعلام الهدى، ص449.

[3] دابة الأرض وطالع المشرق، الأستاذ أحمد حطاب، ص26، ط2/1432ه = 2011م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(74).

[4] الأربعون حديثاً في المَهْدِيّين وذرية القائم، الشيخ ناظم العقيلي، ص16، ط1/1432ه = 2011م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(124).

[5] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، (ج53/145)، وقد اطلعت على الرواية عند المجلسي وفيها " يا أبا حمزة إن منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين"، وليس اثنا عشر مهدياً، كما ذكر أنصار اليماني.

[6] راجع: بشارة الإسلام في علامات المهدي عليه السلام ، ص148.

[7] أخبار الطاهرين في المهدي والمَهْدِيّين، السيد إسماعيل موسوي، ص141.

[8]أخبار الطاهرين في المهدي والمَهْدِيّين، ص141.

[9] الغيبة للنعماني، ص166.

[10] دعوة السيد أحمد الحسن هي الحق المبين، تأليف: الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص172، ط1/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(144).

[11] الغيبة، للنعماني، ص176، وقال النعماني: لو لم يكن يروي في الغيبة إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية لمن تأمله.

[12] اليماني الموعود حجة الله، الشيخ حيدر الزيادي، ص97(مرجع سابق).