التهيئة لرمضان (7) التهيئة بالتخطيط
نحن في أمس الحاجة ونحن مقبلون على شهر الصيام أن نبدأ بالتخطيط له على نحو يمكننا من إنجاز أكبر قدر من الأهداف التي نرغب في تحقيقها خلال الشهر لنخرج منه فائزين بإذن الله عز وجلّ.
بعد أن شحنّا قلوبنا بمحبة الله عز وجلّوبمحبة التقرب إليه بالعبادات التي افترضها علينا وبالنوافل التي يحبّها سبحانه وتعالى وبإخلاصالنية وصدق العزيمة على الدخول فيرمضان راغبين في الطاعات مسارعين في الخيرات متزودين بالعلم النافع الذي يجعل صيامنا هذا العام مختلفا ومميزا عما سبق لأننا نسعى لتحقيق مقصد الصيام العظيم ألا وهو التقوى.
والعبد المؤمن ليس فوضويا ولا انفعاليا وإنما هو كما علّمه القرآن الكريم وعلمّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منظّم متأنٍ متدبر لسائر أمره يخطط لكل عمل سيقدم عليه حتى يضمن نجاحه فيه واستدراك أي خلل أو نقص يعتريه لإصلاحه حتى لا يفسد العمل كله ويضيع.
ونحن في أمس الحاجة ونحن مقبلون على شهر الصيام أن نبدأ بالتخطيط له على نحو يمكننا من إنجاز أكبر قدر من الأهداف التي نرغب في تحقيقها خلال الشهر لنخرج منه فائزين بإذن الله عز وجلّ.
والتخطيط لا يعني وضع مخططات وأهداف كبيرة جدا غير واقعية فيعجز أحدنا عن تحقيقها وإنما الأصل في التخطيط أن يكون وفق قدرات كل شخص ومما يدفعه ويحفّزه للعمل لا ما يحبطه ويقعده عنه من أول خطوة!
فلنحضر ورقة وقلما ونبدأ معًا بتدوين خطتنا لرمضان هذا العام:
تحديد الوقت المخصص لتلاوة القرآن تدبرا وفهما واستماعا له بقلوب واعية وأذهان حاضرة وآذان منصتة {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وهذا الوقت يختلف باختلاف الأشخاص وكل منا يحدد ما يناسبه ويعلم في قرارة نفسه أنه يقدر عليه (ويمكنه زيادة هذا المقدار لاحقا خلال الشهر بحسب همّته).
لا تحدد عدد الختمات التي ترغب أن تنجزها وإنما حدد الوقت الذي ستخصصه لمدارسة القرآن يوميا صباحا أو مساء أو بعد الصلوات كلٌ بحسب ظروفه. وحدد السورة أو السور التي تحب أن تتدبر بعمق وتحفظها في هذا الشهر وأعدّ كتاب تفسير تريد أن تقرأ منه بعض الفوائد واللطائف التي تعينك على تدبر الآيات.
حدّد ودوّن الأدعية التي ترغب أن تدعو بها في سجودك وفي قيامك وفي سائر أوقاتك وليكن اختيارنا بداية أدعية القرآن وما ثبت في السنة الصحيحة من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم فهي أبلغ الأدعية وهي عامة شاملة لكل ما يحتاجه أحدنا في حياته. ولكل منا ظروف خاصة فيدوّن أدعيته التي يريد أن يلحّ على الله تعالى بها موقنا أنه سبحانه وتعالى يجيب دعوة الداع إذا دعاه، بعضنا عليه دين وآخر مريض وآخر رزقه ضيق وآخر لديه ولد عاق وآخر في كرب شديد وهذه الحالات الخاصة اجعل لها أدعية خاصة تتضرع إلى ربك بها وتدعوه دعاء المضطر {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}.
خطط إنفاقك وصدقاتك وزكاتك وخصص مبلغا من المال تخرجه في هذا الشهر على الفقراء والمساكين والمحتاجين واستحضر بها عددا من النوايا فإن كانت زكاة فهي امتثال لأمر الله {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} وإن كانت صدقة فهي من التقرب إلى الله ورغبة في التطهير من الذنوب {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وتوسعة على المساكين وتفريج كربة مكروب وغيرها من النوايا الصادقة الحسنة.
خطط ساعات يومك واحذر أن تقلب الليل نهارا والنهار ليلا وتعكس قول الله تعالى {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} واحرص على حسن استثمار نهارك وليلك أحسن استثمار بعيدا عن اللغو واللهو وتضييع الأوقات، صل أرحامك، اقض حوائج أهلك واسرتك، ساعد غيرك، احرص على الصلاة في وقتها وعلى قيام الليل.
خطط لأسرتك في رمضان بأن تخصص وقتا تجتمعون فيه على خير وطاعة اختر من البرامج القرآنية الهادفة برنامجا يناسب جميع أفراد الأسرة وتابعوه معا وتناقشوا فوائده واحتسبه مجلس علم وذكر تشهده الملائكة وتدعو لمن حضره.
خطط لأخلاقك بأن تعوّد نفسك على كظم غيظك وعدم التسرع في ردة فعلك فالبعض يستهين بهذه المسألة فيقضي رمضانه منفعلا متجهما عبوسا ضيق الصدر سريع الغضب بحجّة أنه صائم وينسى أن من التقوى في رمضان أن تتقي الله في أخلاقك فهي مرآتك فإن أسأت الخلق والتعامل مع غيرك ستعكس صورة سلبية عن أخلاق الصائمين وعن المسلمين بشكل عام.
هذه بعض المسائل التي تحتاج منا إلى تهيئة أنفسنا بالتخطيط لها قبل دخول رمضان فنتدرب عليها من الآن لتكون سهلة يسيرة علينا طيلة رمضان ومن بعده في سائر أيام العام لأن رمضان دورة تدريبية لا ينبغي لنا أن نتخرج منها وقد نسينا ما تعلّمناه فيها.
اللهم بارك لنا في أوقاتنا وفي أعمارنا وأعِنّا على استثمارها فيما يرضيك عنا واصرفنا عن كل ما يضيع الأوقات والأعمار والأعمال حتى لا نكون ممن يقول يوم القيامة: يا ليتني قدمت لحياتي.
سمر الأرناؤوط
كاتبة إسلامية فاضلة لها كتابات قيمة في عدد من المواقع والمدونات
- التصنيف:
- المصدر: