يومُ العيد

يومُ العيد.. يومُ البِشْر والسرور، يوم الخير والحُبور، يومٌ سُمِّي بالعيدِ 
شرعًا في ديننا لِتُصبِحَ السعادة فيه عِبادة نُثاب عليها؛ أصابتنا أو 
أهديناها غيرنا، ويُصبح الفرح فيه مقام من مقامات العُبودية يجتهد 
فيه كُلّ واحِدٍ بحسب طاقته في تحصيل السرور وهو على ذلك 
مأجور، قد آب بفعله إلى فِطرته السليمة ولَزِمَ أمرَ الله أن يحيا حياة 
قويمة.
لكنّ العبد قد يؤدّي مناسك عبادته بظاهرها وهو فاقِدٌ لكُلّ باطنٍ لها، 
قدّ شقَّ عليه موافقة الباطن مع الظاهر إمّا بإرادته أو رغمًا عنه، 
مُبتسمٌ؛ لكنّه لا يعرف عن السعادة إلّا انفراجة الشفتين !
تحصيل السعادة إذن هو قرار ينبُع من الداخل بدرجةٍ كبيرةٍ، مثله 
مثل الخُشوع والإخلاص، أن تَفْتَحَ نوافِذَ القلبِ ليصل إليه كُلّ ضوء 
وإن كان بارقة، وتأذن للروحِ أن تُشِعَّ فرحًا.. تنزِع عن نفسك أثواب 
الهموم وتتركها على فِطرتها كما خُلِقَت لا تتوارى خَجَلًا من 
السعادةِ، ولا تتشبَّث بالحُزنِ لأنّها ظنّت أنّها لم تعد تعرِف سواه !
أَحْرِصُ على الخروجِ يومَ العيدِ حرصي على اكتشاف ذاتي والتأمّل 
في حقيقة الأشياء، أخرُج في أوّل ساعاته برفقة تكبيراته باحثة عن 
شيء جديد أحتاجه، أو شيء قديم أفتقده..
شيءٌ أعرف أنّه موجود في كُلّ شيء حولي بيد أنّي لا أراه، فلا تنفع 
حدّة البصر إن ضعفت البصيرة..
شيءٌ جميل أرى بعضه في قفاطين الرجال الكبار ناصِعة البياض، 
تلك التي تُضفي على وجوههم من سنا ضوءها الوقار والصفاء،