أعاصير

منذ 2017-09-09

ومع كل هذا التقدم العلمي الهائل، والاختراعات والابتكارات غير المسبوقة، والتنبؤ الدقيق بأحوال الطقس، والذكاء الاصطناعي، وغزو الفضاء، والغوص في الأعماق، والأسلحة النووية، والقنابل الفتاكة، والطائرات والصواريخ العابرة للقارات، والظن الكاذب أن أهل الأرض صاروا قادرين عليها: تقف الحضارة الحديثة - وفي مقدمتها أمريكا - عاجزة، قليلة الحيلة أمام هذه الأعاصير الكاسحة، ولا تملك سوى الانحناء لها، والفرار منها، وإخلاء المدن، وإجلاء السكان، وحساب الخسائر التي تبلغ المليارات.

وفي ذلك عبرة للعباد كي يعلموا شيئا من قوة الله، وشديد بطشه، وعظيم بأسه، وأن الله الذي خلقهم - سبحانه - هو أشد منهم قوة، وأنه لا يعلم جنود ربك إلا هو، وأن أخذه إذا أخذ القرى وهي ظالمة أليم شديد، وأن عذاب الآخرة أشد وأبقى، وأن الإنسان يظل ضعيفا عاجزا، محتاجا لربه، وأن من غالب الله يغلب، ومن حاده يكبت، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، ولا عاصم من أمره - إن جاء- إلا من رحم.

{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}.

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة