دور الفتوى في الحفاظ على هوية الدول والأمم (1)

منذ 2017-11-09

لا توجد أمة في كل أقطار الأرض تمتلك تراثًا فقهيًّا وفكريًّا وثقافيًّا كالذي تمتلكه الأمة الإسلامية، حتى أصبحت في هذا الجانب مفخرة البشرية وتاج الإنسانية ومصباح الحضارة.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

فمن كمال ديننا الإسلامي الحنيف أن جعله الله صالحًا لكل زمان ومكان، وجعل من شرائعه وأحكامه وقوانينه ما يصوِّغ قيامه بين الناس بأسهل الطرق وأيسر الإمكانات في مختلف الظروف والحالات.

ومن كمال هذا الدين أن يهيئ له من أبنائه مَنْ يقومون بأمر الشريعة، فيقومون بالبحث والتنقيب في الموجود والموروث،ويستخرجون المسائل ويستنبطون الأحكام ويلبون حاجات الناس في قضايا الفكر والعلم والثقافة.

وعلى مدار ألف وأربعمائة عام لم يَخْلُ زمان مِن مجتهد يُصنّف، وعالمٍ يفتي، وفقيه يدرّس، وذلك من فضل الله ورحمته على هذه الأمة المباركة.

ولا توجد أمة في كل أقطار الأرض تمتلك تراثًا فقهيًّا وفكريًّا وثقافيًّا كالذي تمتلكه الأمة الإسلامية، حتى أصبحت في هذا الجانب مفخرة البشرية وتاج الإنسانية ومصباح الحضارة.

لقد كان من خيرية هذه الأمة أنها ولَّادة بالأخيار من الفقهاء والعلماء والمفكرين، فهي ما تفتأ تبهرُ البشرية بظهور العباقرة الأفذاذ في مختلف العلوم والفنون، وكان لهؤلاء رصيد السبق في تقديم الإسلام صافيًا نقيًّا، يواصل رسالته في هداية البشرية وتنويرها، ويسلك بها طرق الخير والفضيلة بعيدًا عن مزالق الظلام والانتكاس والفجور.

إنَّ أمةً قادرة على البذل والعطاء في كل أحوالها وفي أصعب أوقاتها وظروفها لهي أمة خير وفضيلة، أمة قد تمرض ويصيبها الدوار ولكنها لا تفنى ولا تموت.

فمِن دائِها ينبتُ دواؤها، ومِن ضعفها تتولدُ قوتها، وفي كل محنة وضائقة يظهر العلماء والمجتهدون يحرسون الوسطية السمحة وينقحون دين الله من تنطع المتطرفين وغلو المنحرفين.

وللإسلام أبواب عظيمة وأسوارٌ حصينة تحفظ مبادئه وتصون نظامه وقوانينه؛ ومن أعظم هذه الأبواب (باب الفتوى) فهو أساس متين وركن حصين يُسّهلُ لدين الإسلام حسن الانسياب والتوسع، ويوثق تمام قيامه في النفوس والمجتمع.

وتشكل الفتوى عاملًا مهمًّا من عوامل التوجيه والتأثير في فكر الأمة وسلوكها، وكثير من التصورات تنشأ في ذهن المجتمع بسبب التدافع الفكري، والاحتكاك المعرفي والثقافي؛ ثم تأتي الفتوى لِتُرَسِّخَ في العقل الحلول والتصورات، ومن ثمَّ يتحول هذا التصور من فكرة إلى اعتقاد ومن رؤية إلى دين ومن ظنيات إلى قطعيات وثوابت.

وللفتوى معانٍ لغوية واصطلاحية تبين وظيفتها وتحدد مسارها فهي لغةً: من الفتيا والفتوة وقوة الجزم والإبانة، واصطلاحًا: الإخبار عن حكم الشرع لا على وجه الإلزام.

ونفى الفقهاء عن إلزام الفتوى للمستفتي من أجل التفريق بينها وبين وظيفة القضاء التي تستوجب التنفيذ فيما جرى من أحكام القضاء.

والفتوى مرسوم ديني في شريعة الإسلام، يقوم بإصدارها علماء الفقه والشريعة حسب الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية.

ويصور الإمام الشاطبي رحمه الله مكانة المفتي أدق تصوير بقوله: "المفتي هو القائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم".

ولمَّا كان للفتوى هيبتها القدسية ومكانتها العظيمة؛ فقد لزم ألا يتصدر للاشتغال بها إلا من كان أهل لها صفةً وخُلقًا وعلمًا ودراية.

والمتصدرون للفتوى قليل على الجملة، وهم نوادر العلماء الأبرار وأعدادٌ من المجتهدين الأخيار، قد شربوا من مناهل المعرفة معظم ما صُنفَ وكُتبَ في الغابر والحاضر، واستوعبت عقولهم تجارب الأمس واليوم، واستشرفوا بتقدير حكمتهم مسائل الغد والمستقبل.

وإصدار الفتوى يكون في قضايا تحتمل أكثر من رأي وفي مستجدات معاصرة، لكنها تقرر حالة من الانسجام الإيجابي بين مسار الحياة العامة وروح الإسلام الحنيف.

 والفتوى اجتهاد شرعي في أمر من أمور الفقه الإسلامي تأتي نتيجة غياب الجواب الواضح الصريح في مسائل ومستجدات ذات أبعاد سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو دينية، ويتفق عليها عدد من العلماء المعتبرين.

وللمفتي صفات وشروط ينبغي ألا تتناقص أو تغيب فهي وكما أَصَّلَ لها علماؤنا في القديم والحديث من كون المفتي مسلمًا مؤمنًا تقيًّا ورعًا فلا بد أن يتصف بالعدل، وأن يكون ثقةً أمينًا متنزهًا عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيهُ النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط، قوي الضبط ومستيقظ الشعور.

ومع صفات الخُلق العظيم لا بد من اكتمال الدراية العلمية والإحاطة المعرفية والوصول إلى درجة الاجتهاد وامتلاك زمام الفقه والفهم والاستنباط، والجلوسُ استحقاقًا على كرسي الإمامة في علوم شتى أهمها علوم القرآن الكريم من ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وتأويله وتنزيله ومكيِّه ومدنيِّه، ثم علوم الحديث والمصطلح واللغة العربية بكل تفريعاتها، وعلم أصول الفقه والفقه المقارن، والإلمام بالفتاوى الكبرى في الماضي والحاضر على مختلف اتجاهاتها وظروفها وأسبابها.

وكما أبان الإمام الشافعي مع الصفات والشروط فقال: "وَيَسْتَعْمِلُ هَذَا مَعَ الْإِنْصَافِ، وَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا مُشْرِفًا عَلَى اخْتِلَافِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَتَكُونُ لَهُ قَرِيحَةٌ بَعْدَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيُفْتِيَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ".

وعلى المفتي أن يكون أشد حرصًا على تنقيح وظيفته من كل شوائب سوداء تُخِلُّ بالفتوى أو تحط من قدره ومكانته، فهو المخلص في دينه والمتجرد في عمله، والمستشعر دومًا لحاجته إلى عون الله وتوفيقه وتأييده.

وعلى هذا فإن المفتي مثل كوكبٍ مضيءٍ قد شَعَّتْ منه أنوار العلم والخُلق والمكانة الرفيعة، وحوى من الصفات والمؤهلات ما جعله دليلًا للسائرين وهداية للحائرين وبلسمًا للضرير والسقيم والعليل.

ولكي نصون الفتوى من تعدي الظالمين وأطماع المُغرضين فينبغي أن تُسند لأهلها ممن اكتملت فيهم شروط الفتيا والإمامة.
ونكون بذلك قد أغلقنا الباب على كل متطفل باغٍ ومتنطع مغرور.

ونكون قد نزهنا الفتوى من جشع المتعالمين وأنصاف المتعلمين وأبعدنا المتقوِّلين والمتعلقين بأستارها والطوافين في حماها مِن غير سندٍ ولا برهان.

ولما كان دين الإسلام شريعة سمحة وطريقة واسعة وروضة ندية لإشاعة المحبة والتآلف والانسجام؛ ولما كانت هذه الشريعة ربانية المصدر وربانية الوجهة؛ فقد استلزم أن تكون للمفتي مكانته العالية ومهابته القوية، وعلى مستوى تنوع الشريعة من الثبات والصلابة والمرونة والبساطة.

ومما يلزم الفتوى أن تُحاط بوقار العالم المجتهد وهيبة السلطان العادل وتأثير الفقيه الخاشع.

فلا تخرج الفتوى مِن محارها إلاَّ في وقتها المعلوم وزمانها المكتوب من غير تقديم ولا تأخير ولا استعجال ولا تفويت.

ثم تخرج الفتوى مِن أصدافِها.. تسبقها الهيبة وتحفها السكينة، ويلازمها الحزم والعزم والوقار، وينقلها الفُصحاءُ في لغتهم والأمناء في سمتهم وسلوكهم.

ومما يلزم الفتوى في زماننا أن تكون مقترنةً بالمستجدات والحوادث مما سكت عنه الشرع رحمة بالناس ورغبةً في اختبارهم بسنةِ الابتلاء والامتحان.

وبذلك يتقرر أن الفقه في الدين له مكانة مهمة وخطيرة، بيد أن الفقه في أحكام الله وتنزيلها على واقع المكلفين وأحوالهم ليس بالأمر الهين، وليس مرتعًا لكل من شاء أن يقول ما شاء!

فعند النوازل يأتي دور المفتي لييسر للناس ما تعسر عليهم، بعد دراسة الحال والمآل وظروف الزمان والمكان، فيستند في فتواه إلى روح الإسلام وسماحته المشرقة، فيقول قوله الفصل مراعيًا مكانة الشرع ومصالح العباد والبلاد.

ومما يلزم الأمة وخصوصًا العلماء ورجال الدولة والسياسيين وأصحاب الفكر والتأثير أن يبنوا سياجًا منيعًا يحمي الفتوى من افتئات البغاة الغاشمين، وتعدي الغلاة الظالمين، وأن يجعلوا الفتوى في حصنٍ حصين يمنع تسلق المارقين وتطفل المدلسين والدجالين.

والمفتي ميسرٌ لا معسر ومسهل لا منفر، وهو الوسطي في قياسه والميزان في إنتاجه، يحفظ أحكام الإسلام من تلاعب المتهاونين، ويشدُّ من عزيمة السائرين في طريق الحق بالقول الحسن والحجة القاطعة.

والمفتي يحقق إقرار الخالق في تشريف هذه الأمة بأن جعلها أمة وسطًا بين الأمم، فهي السائرة بين خطين منحرفين وهما خَطَّا (الإفراط والتفريط) وبسبب هذا التوسط استحقت أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تكون شاهدة على الناس والنبي شاهدًا عليها {وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ} [البقرة: 143].

والدين متين ووصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن نوغل فيه برفق فما شَادَّ الدين أحد إلا غلبه، والمُنْبَتُّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى.

ولما كان من الأمور المقررة أهمية الفتوى وخطر تأثيرها على المستفتين، فلا بد أن يتحرى المفتي في اجتهاده إصابة الحق ما وسعه ذلك.

ومن مقاصد الشارع على المكلفين: حملهم على التوسط في شأنهم كله من أمور الدنيا والدين؛ من غير إفراط ولا تفريط، وأي خروج عن منهج الوسط هو في حقيقته خروج عن قصد الشارع.

والوسطية في الفتوى وسطية من جهتين: جهة المنهج العلمي في الإفتاء الذي يسلكه المفتي، والوسطية فيما يصدر عن هذا المفتي.

ومما يهم مسألة الوسطية معرفة طرقها ومناهجها في الاستنباط والاجتهاد. ولا يظهر ذلك جليًّا إلا بعد تصور المناهج المطروقة والسُّبُل المسلوكة في هذه المسألة.

فمن العلماء من اختار الاقتصار على ما تفيده ظواهر الألفاظ الواردة في النصوص الشرعية، ويعد الاقتصار على ذلك أمرًا متعينًا؛ لأن فيه الأمن من البعد عن مرادات النصوص قدر الإمكان، وعن تحكيم العقل فيما لا سلطة له فيه.

ومنهم من غَلَّبَ جانب التعليل وإعمال العقل في النصوص؛ بحجة أن الشريعة أحكامها معقولة المعنى، فلا بد من إظهار هذه المعاني والعلل، وبناء الأحكام عليها، ومنهم لا سيما من المتأخرين مَنْ يغلو في هذا الجانب وينادي بأنه يكفي أن تكون الأحكام الفقهية منطوية تحت معانٍ عامة تدل عليها النصوص إجمالًا.

وقد أدى التمادي في هذا الاتجاه إلى بُعْد كثير من الفتاوى والاجتهادات عن مقتضيات النصوص.

ومن العلماء من اختار سبيل الاقتصاد والتوسط، فنهج مسلك الأخذ بظواهر النصوص؛ مع اعتبار المعاني بما لا يؤدي إلى تعطيل مدلولات النصوص أو نقضها، بل بالقدر الذي يوسع دلالات النص بحسب القواعد العلمية المرسومة، وهم في ذلك لم يجمدوا على ظواهر الألفاظ؛ فيعطلوا المعاني، ولم يغرقوا في إعمال المعاني ويطرحوا النصوص.

فالوسطية إذًا في باب الفتوى: "موقف بين موقفين في فهم النصوص والتعامل معها، وهي اتجاه بين اتجاهين، بين ظاهرية مفرطة وباطنية مفرطة".

وذلك يَتَأَتَّى من جهة حمل المكلفين على موارد الشرع وأدلته دون إفراط ولا تفريط؛ فلا يذهب بهم مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال والتَّفَلُّت.

وقد نَبَّهَ إلى ذلك عدد من المحققين من أهل العلم، ومنهم الإمام الشاطبي حيث قال: "المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور؛ فلا يذهب بهم مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال… فإذا خرج عن ذلك في المستفتين خرج عن قصد الشارع، ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذمومًا عند العلماء الراسخين".
والذي يليق بجمهور المكلفين هو الذي دلت عليه القواعد الشرعية الكلية المستنبطة من مجمل النصوص من كتاب وسنة، من مثل: رفع الحرج، والمشقة تجلب التيسير، واليقين لا يزول بالشك، إلا أن ذلك كله لابد وأن يكون بعيدًا كل البعد عن اتباع الهوى المضاد لأهل التكليف.

وهذا الحمل على التوسط هو المنهج الذي طبقه النبي صلى الله عليه وسلم، والمفهوم من شأنه عليه الصلاة والسلام فقد رَدَّ التَّبَتُّلَ، وقال لمعاذ لما أطال بالناس في الصلاة: «يا معاذ أَفَتَّانٌ أنت؟!» وقال: «عليكم من الأعمال ما تطيقون».

والانحراف عن الوسطية يؤدي إلى جنوح المكلف لأحد الطرفين المذمومين الخارجين عن الجادة، وهما: الجفاء أو الغلو.

والجفاء والغلو في الجملة هما الابتعاد عن الهدي الشرعي في الاعتقاد والسلوك.

فدين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، فكما أن الجافي عن الأمر مُضيعٌ له، فالغالي فيه مُضيعٌ له أيضًا، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بمجاوزته الحد.

وعدم تحرير هذه المصطلحات والمعاني بشكل دقيق يوقع في كثير من الخلط والنزاع، ويؤدي إلى فساد التصور الذي ينبني عليه -في الغالب- عدم صحة الأحكام.

وعلى الأمة أن تراجع نظرتها إلى الفتوى؛ فلا تستسلم إلى ما آلت إليه من ضعف وهوان، ولا تتشدد في حكمها عليها فتحجبها عن طُلَّابها، وتقطع عن مريديها سُبل الوصول إليها.

ومما يؤسفُ له أن تصبح الفتوى كلأً مباحًا لكل جائع وشارد، ولكل عصابة مارقة امتهنت الفتوى لتقتات بها على دماء الأبرياء فتشرع للجرائم وتؤصل للعنف وتُقَنِّن للإرهاب وتُنَظِّر للتطرف.

فويلٌ لهؤلاء وهم -باسم الله- يسفكون الدماء وينتهكون الحرمات ويعتدون على الحقوق والممتلكات، ويروعون الآمنين ويثيرون الفتن ويشعلون الحروب، ويقولون على الله ما لا يعلمون: {قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} [الأعراف: 33].

والله ورسوله وشريعة الإسلام بريؤون مما يرتكبه هؤلاء من فسقٍ، وما تخطه أيديهم من فتاوى وأحكام، وما تَلُوكُه ألسنتهم من افتراءٍ وأباطيل.

وهاهي أمتنا تعيش مَآسِيَ متتاليةً وحروبًا متعاقبةً، خَلَّفَتْ مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين والنازحين واللاجئين، بسبب فتاوى ضالة ابتدعها الغلاة والمتطرفون من أمثال داعش وغيرها لأجل منافع شخصية وأهواء ذاتية وغباء مستفحل، فَاسْتَخَفُّوا بالدين والشريعة وَأَحَلُّوا ما حرم الله، سفكوا دماء الأبرياء وهدَّموا روابط القربى، وقطَّعوا وشائج الأرحام، وانتهكوا حقوق الجوار والتعايش.

إنَّ أمتنا اليوم أمام مسؤولية عظيمة ومهمة جسيمة، تتمثل في مواجهة العنف بكل أشكاله وأنواعه، وأخطره عنف الفتاوى وتطرف الأحكام والتصورات.

اللهم اهدنا إلى أرشد أمورنا.

 

   أعده وكتبه
القاضي الدكتور/ أحمد عطية
وزير الأوقاف والإرشاد اليمني