أنوثتك - ما أهجُرُ إلا اسمك (1)
على مر الزمان ومع مرور السنوات، تغيرت الكثير من المفاهيم في حياتنا، واندثرت الكثير من المعاني الجميلة ومن أهمها المعنى الحقيقي للأنوثة وكل ما يتعلق بها من أقوال وأفعال.
"ما أهجُرُ إلا اسمك" جملة لامست قلبي في أعماقه، وكلما سمعتها أشعر بنبضات قلبي تدق، ولي مع تلك الجملة حكاية، فدعيني أسردها عليكِ.
على مر الزمان ومع مرور السنوات، تغيرت الكثير من المفاهيم في حياتنا، واندثرت الكثير من المعاني الجميلة ومن أهمها المعنى الحقيقي للأنوثة وكل ما يتعلق بها من أقوال وأفعال.
فتلك الأنوثة كانت جزءا لا يتجزأ من كيان النساء في الضراء قبل السراء، وفي قصة أمنا عائشة رضي الله عنها وقت غيرتها..
خير مثال:
فقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنِّي لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضيةً، وإذا كنتِ عليَّ غَضبى، قالت: فقلتُ: مِن أين تعرِفُ ذلك؟ فقال: أمَّا إذا كنتِ عنِّي راضيةً، فإنَّكِ تقولين: لا وربِّ محمَّدٍ، وإذا كنتِ غَضبى، قلتِ: لا وربِّ إبراهيمَ، قالت: قلتُ: أجَل واللهِ يا رسولَ اللهِ، ما أهجُرُ إلَّا اسمَك» [صحيح البخاري].
مثل غيري من النساء، كنت كلما مررت على هذا الحديث، يتوجه تفكيري مباشرة لفطنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفته بغضب زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ثم مؤخرا وحينما بدأت أهتم بكل ما يخص الأنثى والأنوثة، بدأت أتنبه لأمر آخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف بغضبها إلا من هجرها لاسمه، ولم يكن يظهر هجرها هذا إلا وقت القسم فقط، لأنها بالأوقات الأخرى كانت تناديه قائلة: يا رسول الله.
وهنا استوقفني الأمر وبشدة، وبدأت أتساءل:
كيف لم ينتبه لأعراض الغضب الأخرى؟
ألم تتغير نبرة صوتها؟
ألم يتغير أسلوبها بالكلام؟
ألم تتغير نظراتها؟
ألم يتغير وجهها؟
وغيرها الكثير من الأمور التي تحدث لنا جميعا إذا غضبنا وفيما يخص عائشة رضي الله عنها..
كيف كانت تكتم مشاعرها؟
كيف استطاعت السيطرة على غضبها وهي في أشد غيرتها؟
كيف استطاعت التحكم في نبرة صوتها؟
كيف استطاعت السيطرة على تعابير وجهها؟
وسبحان الله وقفت عاجزة لا أدري ما الجواب.. وكلما مر علي هذا الحديث، كلما عادت تساؤلاتي ووقفت حائرة لا أدري لها جوابا.
حتى حضرت دورة عن الشخصية الأنثوية الجذابة وأهمية أن تكوني أنتِ المتحكمة في مشاعرك وسلوكياتك وردود أفعالك.
وذكرت المدربة قصة فتاة تعمل كممرضة في مكان مختلط ويتم تكليف تلك الفتاة بمهام غير لطيفة لكنها مع ذلك محافظة على أنوثتها، تتعامل برقي واحترام، تختار ألفاظها بعناية، تنتبه للألفاظ التي يكثر الشباب من استخدامها وتتجنبها تماما، تمتنع عن عمل أي شيء لا يتناسب مع أنوثتها وتنادي على الأطباء والممرضين الرجال ليقوموا بها، فإذا أتى مريض (رجل) ترفض التعامل معه وتنادي طبيب أو ممرض (رجل) ليتعامل معه لا تتعصب أبدا مهما حدث، ولا يرتفع صوتها نهائيا، وحتى نبرة صوتها لا تتغير مهما كانت الأسباب..
لذلك.. وبسبب رقتها وأنوثتها (التي تظهر في بساطة وعفوية سلوكياتها ورقيها واحترامها) أصبح الجميع يحترمها ويسرع لتلبية طلباتها ومساعدتها.
هذه القصة تحديدا تركت أثرا وفهما عميقا في نفسي خاصة جملتها (حتى نبرة صوتها لا تتغير) فهي لم تكن تسمح بمشاعرها السلبية أن تتزايد بداخلها لدرجة أن تظهر في نبرة صوتها، بل كانت تتحكم فيها وتعالجها فورا، مذكرة نفسها بأنوثتها وجمالها الداخلي.
وهنا أدركت أن الأمر كله يتعلق بنظرتنا لأنفسنا وإحساس كل واحدة فينا بجمالها الداخلي وأنوثتها.
تلك الأنوثة التي تتمثل في الرقة والبساطة والعفوية وجمال الروح.
فحينما تستشعرين دوما أنك أنثى، وتتعاملين مع من حولك وأنتِ مستشعرة جمالك الداخلي، وقتها فقط ستستطيعين التحكم في مشاعرك وأحساسيسك وردود أفعالك.
يتبع بعون الله.
سوزان بنت مصطفى بخيت
كاتبة مصرية
- التصنيف: