لبنانية.. والإسلام يجري في دمي !

منذ 2011-05-10

أرسلت إليّ تسألني: "يزعمون أن المرأة اللبنانية سطحية وتهتم برشاقتها أكثر من المضمون.. وهي دلوعة وتغوي!.. هذه هي الصورة النمطية للمرأة اللبنانية في الأذهان.. أهكذا أنتنّ فعلاً؟!"



أرسلت إليّ تسألني: "يزعمون أن المرأة اللبنانية سطحية وتهتم برشاقتها أكثر من المضمون.. وهي دلوعة وتغوي!.. هذه هي الصورة النمطية للمرأة اللبنانية في الأذهان.. أهكذا أنتنّ فعلاً؟!"

ابتسمت.. وأنا مدركة أنها فعلاً الصورة التي رُسِمت للمرأة اللبنانية عن سابق إصرار وترصّد!

فصورة لبنان تُصدَّر إلى خارجه من خلال الفضائيات والفنانات والراقصات وملكات الجمال وستار أكاديمي وبرامج أُخرى نخجل من متابعتها!.. وهو بلد السياحة -بمفهومها الفاسق- الذي يحوي خراباً أخلاقياً وانحلالاً وفسقاً في بؤر الفساد التي يقصدها "من أراد" الترويح عن النفس! وهذه البؤر معروف أماكنها ومَن يروّج لها ويستفيد منها! وهي فئة تغرّبت وتعلمنت ثم زُرِعَت في وسط أرض الرباط لتعربد!


لطالما سُمِّي لبنان بسويسرا الشرق.. وأنه همزة الوصل بين القارات.. وتميّز بانفتاحه على الغرب بدرجة كبيرة.. هذا إضافة إلى احتوائه طوائف عدّة ومذاهب شتّى.. وكان ولا يزال مهداً للثقافة وقبلة الأنظار لطبيعة مناخه وحرية التعبير فيه وذوق شعبه.. ولا شك أن الحضارة اللبنانية اقتبست من الانتداب الفرنسي والحملات التغريبية التي اجتاحته في التعليم والإعلام والغزو الفكري إثر اغتراب أبنائه للدراسة والعمل.. وأثّرت البعثات الإرسالية والفرنكوفونية على عقلية وتفكير شريحة كبيرة من شعبه حتى فترة ليست بالبعيدة حيث انتشرت الصحوة الإسلامية وامتدت فأزالت الران عن قلوب المسلمين وابتدأت الموجة الغربية بالانكماش..


ولا يزال مواطنو لبنان يتأثرون بالحضارات المختلفة على أرضه وبانفتاحهم على كل الأديان.. وبلد بهذا الاختلاف لا بد أن تظهر صورته في الوسائل الإعلامية التي تصل إلى العالم.. وللأسف فإن الفضائيات والمحطات التي تبث من لبنان أغلبها علمانية بما فيها تلك المحسوبة على الإسلام! ونتيجة لذلك تظهر المرأة اللبنانية كما يرغبون أن تظهر حتى أن البعض لا يستوعب وجود محجبات في لبنان وحين كنت ألتقي الناس في العمرة كانوا يستغربون أنني لبنانية ومَن يقتنع منهم يعتقد أنني أنتمي لحزب الله!


والأغرب من ذلك محاولة إظهار المرأة اللبنانية في الأعمال الدرامية أو في الفضائيات غالباً أنها المرأة الجميلة اللعوب التي "تسرق" أزواج الأُخريات..

وتسيء هذه الصورة إلى المرأة اللبنانية عامة.. وقد قالت لي صديقة خليجية يوماً: "أنتنّ اللبنانيات تخِفننا.. رجالنا يذوبون في طريقة كلامكنّ وتعابيركن"..

قلت لها ولِم لا تقولون ما نقول؟ قالت لي: "منكنّ غير"! وما زلت أتلمس معاني هذه الغيرية!


سقتُ كل ما سبق لأفسِّر تلك النظرة السطحية للمرأة اللبنانية بأنها لا تهتم إلا بالمظهر والقشور على حساب العقل والفكر.. وأنها ملكة الإغراء والدلع.. وأنها مثل "هيفا" أو "نانسي"!.. هذا التعميم ليس صحيحاً بالمطلق.. فالمرأة في لبنان هي كما في أي بلد آخر تختلف طبائعها واهتماماتها من بيئة لأُخرى ومن مدينة لأُخرى وكذلك من طائفة لأُخرى!.. وكما نجد المرأة العاقلة التي تهتم بعائلتها وتربية أبنائها ونصرة قضاياها نجد المرأة العابثة التي تنجذب لإسعاد نفسها ولا يهمها إلا الرشاقة والسهرات والزيارات! وكما يوجد المرأة اللبنانية الجريئة والمتحرّرة فهناك المرأة اللبنانية المحتشمة الملتزمة بقِيَمها الأخلاقية والمطبِّقة للشرائع السماوية..


أما المرأة التي تُظهِرها الفضائيات أو "الفنانات" فليست هي الموديل للمرأة اللبنانية بل تمثِّل النسبة القليلة منهنّ فقط!.. فاللبنانية ليست للغواية ولا للعرض! وإنما هي محترمة بالرغم من انفتاحها وجرأتها وقوة شخصيتها نتيجة عيشها في مجتمع منفتح! وما هذه الورود المفتّحة التي تنشر عبيرها في المجتمع اللبناني من شابات التزمن شرع الله جل وعلا وانطلقن على طريق الدعوة إليه جل وعلا إلا نماذج مشرِّفة تثلج الصدر وتُنعش القلب! فهنّ كالقابضات على الجمر لا يرتضين للشرع بديلا مهما كلّفهنّ ثباتهنّ من ثمن! فالهدف واضح لهنّ..


وفي حقيقة الأمر فإن هناك نسبة لا بأس بها من نساء لبنان يرِدن أن يعشن حياة الغرب بكل مساوئها وأضرارها بل وفرض نموذج الحياة الغربية على مجتمعنا اللبناني ويسعين لذلك سعيه.. ويعتبرنه ضرباً من التمدن والتحضّر! ونحن وإن كنا نرغب أن ترتقي المرأة اللبنانية في مدراج العلم والتعلّم وكذلك الحصول على المزيد من حقوقها السياسية والاجتماعية.. إلا أننا نرفض أن تُدار من الغرب لتطبيق مواثيق الأمم المتحدة التي لا تتلاءم مع مجتمعاتنا الشرقية ولا ثقافتنا ولا ديننا.. ولعل هذه من أكثر الأمور التي تفرِّق بين امرأة وأُخرى في لبنان.. تلك الرؤى التي تنبع من مواريث دينية وثقافية.. بالتضاد مع كل ما هو غربي لا ديني!


وكلمة أخيرة.. تتضافر كل الجهود الدولية والعلمانية عبر أبواق لبنانية لهدم الأسرة من الداخل وذلك عبر زعزعة الثقة عند المرأة بنظام الحياة في مجتمعنا اللبناني عامة والإسلامي خاصة.. وما الطلب برفع التحفظ عن المادة 16 في اتفاقية سيداو عنا ببعيد.. واعتمدوا لتحقيق ذلك عناوين برّاقة مُلفِتة ظاهرها فيها الرحمة وباطنها من قِبَلها العذاب العظيم!


أدعو الله تعالى أن يحفظ لبنان وأهله من مكائد الحاقدين.. وأن تبقى المرأة اللبنانية منارة للفِكر والنبض وعلى نهجٍ قويم..

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام