الشيطان الديمغرافي يطفو على السطح
على الرغم من تلك الإحصاءات إلا أن زعماء اليمين الصهيوني يحاولون التشكيك بها، ويتجهون إلى الادعاء بأن الديمغرافيا تعمل لصالح الكيان الصهيوني وليس الفلسطينيين في الضفة الغربية.
هأرتس:
أشعلت إحصاءات أصدرها مركز الإحصاء الصهيوني جدلاً واسعاً في لجنة شؤون الخارجية و الأمن في الكنيست الأيام القليلة الماضية، كانت تلك الإحصاءات تؤكد ما قاله مركز الإحصاء الفلسطيني حول تقارب أعداد الفلسطينيين واليهود ما بين البحر والنهر.
بحسب ما كشفه نائب رئيس الإدارة المدنية التابعة للجيش الصهيوني العقيد أوري مندس أمام لجنة شؤون الخارجية والأمن في الكنيست، يتبين أن عدد العرب أكثر من اليهود بين نهر الأردن والبحر. ووفقاً لمندس، يعيش خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولا يشمل هذا الرقم الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس المحتلة والمواطنين العرب في الكيان الصهيوني – الذين يصل عددهم، وفقا لمكتب الإحصاء المركزي الصهيوني، إلى 1.8 مليون شخص. ووفقا لمكتب الإحصاء المركزي، بلغ عدد اليهود في الكيان 6.5 ملايين نسمة، عشية رأس السنة العبرية في سبتمبر 2017.
وتستند البيانات التي عرضها مندس إلى بيانات المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء، الذي تم في الماضي، التشكيك بمصداقية معلوماته، وتمتنع الجهات الأمنية الصهيونية بشكل عام عن الاعتماد عليها بثقة مطلقة. وقال نواب من اليمين، الذين شاركوا في النقاش، إنها أكاذيب، وأشاروا إلى أن مندس لم يقدم وثيقة تدعم كلامه. ونتيجة لذلك، طلبت اللجنة من الإدارة المدنية الصهيونية تقديم وثيقة كهذه.
وادعى عضو الكنيست، موطي يوغيف، الذي يرأس اللجنة الفرعية لشؤون "يهودا والسامرة" الضفة الغربية في لجنة الخارجية والأمن، أن مندس يضخم الأرقام لأنه، وفقًا له، في عام 2016، تم التبليغ عن 80 ألف حالة ولادة، و8000 حالة وفاة – وهذا يعكس متوسط عمر غير قائم في أي مكان في العالم".
وتطرق رئيس القائمة المشتركة، عضو الكنيست أيمن عودة، إلى هذه المعطيات، وكتب على حسابه في تويتر: "بين نهر الأردن والبحر، يعيش عدد متساوي من الفلسطينيين واليهود، وهذه ليست معلومات جديدة، لذلك فإن المفترق الذي نتواجد فيه الآن واضح: إما دولتان على أساس 67، أو دولة واحدة، هي دولة أبرتهايد، أو دولة ديمقراطية واحدة يملك فيها الجميع الحق في التصويت. ليس هناك خيار آخر، ويجب على الأقل قول هذه الحقيقة البسيطة".
وتضيف "يديعوت أحرونوت" إلى هذه التعقيبات ما قاله رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست آفي ديختر، الذي أبدى تحفظه من الأرقام وسخر منها. ووفقا للصحيفة فقد قال ديختر إنه يشكك في هذه المعطيات، وطالب وزارة الجيش بتقديم المعطيات بوثيقة رسمية. وقال ديختر الذي كان رئيسا للشاباك: "لا اذكر أن الفلسطينيين عرضوا رقما كهذا. وحسب هذه المعطيات فإن الفلسطينيين ضاعفوا عددهم ثلاث مرات خلال 25 سنة. لا يمكن لأي استطلاع ديموغرافي عرض زيادة سكانية كهذه خلال 25 سنة، من مليون إلى ثلاثة ملايين". وقال ساخرا: "هذا النمو يمكن أن يثير اهتمام الأرقام القياسية في غينس".
ولكن رئيس المعسكر الصهيوني، آفي غباي، ضحك بشكل أقل، وقال: "المقصود خمسة ملايين فلسطيني لن يذهبوا إلى أي مكان. والمسؤولية عن الانفصال عنهم هي مسؤوليتنا نحن فقط". وقالت رئيسة حزب الحركة، النائب تسيفي ليفني (من تحالف المعسكر الصهيوني): "إذا لم نستيقظ من وهم الضم، فسنفقد الغالبية اليهودية. لا يوجد خيار آخر إلا السعي للانفصال على أساس فكرة الدولتين وإزالة فكرة الدولة الواحدة عن الجدول".
أما النائب في الكنيست أحمد الطيبي من القائمة المشتركةـ فقد بدا متشجعا، وقال: "رؤية وجود رئيس حكومة عربي، التي تظهر الآن كفكرة مهووسة، تقترب، وعندها ستكون دولة متساوية وديموقراطية وليس يهودية وديموقراطية".
وتكتب "هآرتس" أنه إذا كانت الأرقام الدرامية، التي قدمها مندس صحيحة، فقد حدثت في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في عدد الفلسطينيين بين نهر الأردن والبحر. فوفقاً لوثيقة رسمية صدرت في مايو 2012 من قبل الإدارة المدنية، كان هناك 2.7 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية. ووفقاً للبيانات، التي كشفت في ذلك الوقت في صحيفة هآرتس، كانت هناك زيادة بنسبة 29٪ في عدد الفلسطينيين مقارنة بعام 2000. وتشير الأرقام المقدمة، إلى زيادة ملحوظة أخرى.
ويعكس الاختلاف في الرأي صراع الغرائز العنيف حول كل ما يتعلق بعدد الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق. وحاولت مجموعة من الباحثين تسمى "الطاقم الأمريكي – الإسرائيلي للديموغرافية"، في الماضي، الإثبات بأن الفلسطينيين تمكنوا، بذكاء، من إضافة مليون آخر بحلول عام 2012. ووفقا لروايتهم، فقد عاش في الضفة الغربية، في تلك السنة، مليون ونصف المليون فلسطيني، وهو رقم أصغر بكثير من ذلك الذي قدمته الإدارة المدنية.
وعلى الرغم من تلك الإحصاءات إلا أن زعماء اليمين الصهيوني يحاولون التشكيك بها، ويتجهون إلى الادعاء بأن الديمغرافيا تعمل لصالح الكيان الصهيوني وليس الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولا وجود للشيطان الديموغرافي، وهذا الأمر يجعل القيادة الصهيونية التفكير بإلغاء المفاوضات حول السلام و التوجه نحو ضم الضفة وسكانها.
- التصنيف:
- المصدر: