القبطُ .. بين الجَاني والمَجنىّ عليه
الوضع القائم في مصر أصبح بغاية من الخطورة والحساسية. أصبح اللاعبون في مضمار الرقعة السياسية كالأشباح التي تظهر ثم تختفى، لا تعرف هويتها، ولا دورها، ولا من وراءها، فالعتمة في هذه الساحة شديدةٌ...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الوضع القائم في مصر أصبح بغاية من الخطورة والحساسية. أصبح اللاعبون
في مضمار الرقعة السياسية كالأشباح التي تظهر ثم تختفى، لا تعرف
هويتها، ولا دورها، ولا من وراءها، فالعتمة في هذه الساحة شديدةٌ،
والرؤية معدومة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وعلى رأس أولئك اللاعبين
الكنيسة، وفلول النظام السابق. لكن الطرَف الضاغط اليوم، والأكثر ظُ
هوراً على السَاحة، والأمْكر خُطة والأبعدَ أثراً هو الطرفُ
القبطيّ.
والأسباب وراء ذلك عديدة، منها انّ فلول النظام، مهما فعلوا، فهم إلى
زوال مَحتوم بزوال مموّليهم، كما في حالة مُرتزقة السّفاح الليبيّ،
أما القبط فدعمُهم لا ينضب، وداعموهم لا يملوا، سواءاً داخلياً من
المتعصبين من أهل التثليث، أو من الخَارج المَعروف بقبَط المَهجر، أو
من الحكومات الصليبية التى تضرب عصفورين بحجر واحد، الدين والسياسية.
كذلك فإن الهدفَ القبطيّ هَدفٌ أيديولوجيّ دينيّ مُتعصّب، بينما فلول
النظام ليس لها ولاءٌ إلا لليد المَمدودة بالمال، فمتى قُطعت أو نَضبَ
مَعِينها، سقط الولاء لها.
إذن، الأولى بالحذر منه والتصدى له اليوم، هم هؤلاء الغاغة المتعصبون
المعتصمون في ماسبيرو، ومن رأس الفتنة نظير روفائيل جيد، القابع داخل
جدران قلعته التي يسميها كنيسة، ليس فقط من قبَلِ المسلمين، بل من
المجلس العسكرىّ والحكومة، إن بقيت فيهم ثمالة من عقل أو بقية من
منطقِ رُشدٍ.
الأمر اليوم لم يعد أمر وحدة وطنية، أو مَطالب قبطية. الأمر اليوم لم
يعد مفهوماً ولا مقبولاً، كما عبّر اللواء حسن الرويني على الهواء منذ
أيام متسائلاً "ماذا يريد هؤلاء؟". نعم، هذا هو السؤال، ماذا يريد قبط
مصر؟ أيريدون الإفراج عن الذين شاركوا في أحداث القتل والفتنة من
القبط؟ أيريدون أن يُستثنوا من القوانين، وهم بالفعل مُستثنون منها
بدليل هذا التجَمهُر المَحظور، الذي لو كان مسلماً لضُرب بالطائرات؟
أيريدون أن يكون نظير جيد رئيساً للدولة، ويتحول الجيش إلى ميليشياتٍ
قبطيةن ويسرّح الجيش النظاميّ؟ أيريد القبط أن يشعلوها فتنة حاى
يُستفزّ المسلمون، فيقوموا عليهم قومة واحدة، فيستنجد هؤلاء بحلفائهم
الصليبيين، ويعيثوا في الأرض الفساد، ويهيئوا لتدخلٍ يهودي صليبيّ؟
ماذا يريد قبط مصر؟
الشارعُ خالٍ من المسلمين، لا أحد يتظاهر، رغم أنهم سمعوا سبّ دينهم
وصحابة رسولهم بآذانهم. المسلمون عندهم من الوعي ما يجعلهم يفوتون هذه
الفرصة على كنيسة القبط، إذ يعلم المسلمون أن الديموقراطية التي
طالبوا بها، هم وحثالة اللادينيين العلمانيين، لن تأتي إلا بالإسلام.
فهؤلاء يستبقون الأحداث التي باتت واضحة بعد الإستفتاء، ويرغبون في
إنتزاع حقوقٍ ليست بحقوق، وترسية قوانين ليست على وفاق الشرع الذي
تتحاكم اليه الغالبية.
القبط يرسِمون لأنفسهم صُورة الحَمَل الوَديع الذي يصرخ إستنجاداً من
قاتله، وأنهم الأقلية المُستضْعَفة المَغلوبة على أمرها من الفئة
المُسْلمَة الغالبة! بينما في الواقع، وعلى الأرض، هم الذئب الشرس
الذي لا تأخذه بفريسته رحمة. وهم في حقيقة الأمر من يتمتعون بحقوق
الأغلبية بلا منازعة، سواءاً في التغاضى عن تظاهراتهم، أو إطلاق سراح
سجنائهم، أو الترحم على موتاهم، أو الرضى بخطفهم النساء، أو الإستجابة
لكل طلباتهم، أو سَيطرتهم التامّة على الإعلام الصحفيّ والمرئيّ، أو
سبّهم العلنيّ لدين الغالبية ... والقائمة تطول.
الأمر إذن أمر إعتداء أقلية القبط على الأغلبية المُسلمة، وهو عكس
للحال وإنقلاب في الميزان، لا يقبله دينٌ و لا يستقر به عرفٌ، ولا
تدار على أسُسِه سياسة، ولا يقوم على مفهومه مجتمع! هى دعوة لتخريب
المجتمع المصريّ بعامة، والقضاء، لا على هوية المصريين فحسب، بل على
بقائهم كدولة ذات سيادة وكيان. ذلك أن النظم الإجتماعية، هي من السنن
الكونية التي لا تتبدّل ولا تتحوّل "وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ
تَبْدِيلًۭا" الأحزاب 62. والقمعُ لا يكون فقط من الطبقة الحَاكمة، بل
يكون كذلك من الأقلية إن غَلبت على الأغلبية، كما لو غلبت الأقلية
الغنية على الأكثرية الفقيرة المُعدمة، وانقلب التوازنَ الإجتماعيّ.
حينئذٍ، تتوتر العلاقات، وتتفاقم الأزمات، ثم تحدُث الثورات، وتقوم
الإنقلابات،. ثم يتسائل الناسَ، متعجّبين، عمّا يَحدُث ولِمَا يَحدُث!
وما هو بعجيب، إنما العَجَب ممن ترك هذا الفوضى "تلقح كِشَافاً ثم
تتنج فتتئمِ"، كما قال زُهير.
يجب على الجيش، القائم على الأمر، ومالِك ذِمامَ الحُكم اليوم في
مصر، أن يكون أبعد نظراً من تناول هذا الأمر، أمرَ القبط، بعفوية
وإرتجالٍ، وحلول وسطٍ، وحُبوب مخدرةٍ و مَراهمَ مُسَكنة. هذه الأمور
تتفاقم وتنذر ببشائر سوء، لو تركت بلا حلّ جذرىّ، يردعُ الأقلية
الطاغية، ويعدّل الموازين المائلة. ولو ترك هذا الخلل حتى لا يجد
الشعب مناصاً من أخذ الأمر بيده، والتعامل معها بقوته، فحينئذ تأزِفُ
آزفة البلاد، ويعمّ الخَرابَ والقتلَ والهَرَج، ولا يبقى ما يقال
للجيش إلا "ولاتَ حين مَنَاص".
وحين يتخذ الجيش الموقف السَديد، ويرى بعين الحكمة البعيدة، لا
المصلحة القريبة، فستصطف ساعتها الجموع المُسلمة وراءه، ليأتيها
بالأمان، بأي شكلٍ كان، ويُحَجّم المؤامرة القبطِية، ويضع الأمور في
نصابها، ويريح البلاد والعباد، المسلم والقبطيّ. ذلك إن أراد الجيش أن
يسير على المنهجِ السديدِ لعلاجِ هذا الإنفلات القبْطيّ، دون مُحاباة
ولا ضَعف.
- التصنيف: