شبهة أن موسى عليه السلام فقأ عين ملك الموت والرد عليها
فلما أراد الله أن يبتلي موسى نزل ملك الموت هذه المرة بغير صورته التي يعرفها موسى فلذلك فقأ عينه، فعندما رد الله -عزوجل- عليه عينه ونزل بصورته التي يعرفها موسى لم يفقأ عينه وعلم أن الأولى كانت اختبارًا وامتحانًا لذلك لم يفقأ عينه.
شبهة والرد عليها:
قال-صلى الله عليه وسلم- : «جاء ملك الموت إلى موسى رضى الله -عنه-فقال: أجب ربك، ففقأ موسى عينه، فصعد ملك الموت إلى الله وقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فرد الله عليه بصره وقال: اذهب لعبدي فقل له: ضع يدك على متن ثورٍ فلك بكل شعرةٍ مستها يداك سنة، فلما نزل ملك الموت إلى موسى رضى الله -عنه وأخبره بذلك، قال: أي ربي ثم ماذا بعد هذا العمر الطويل؟ قال: الموت، قال: فالآن» رواها الشيخان عن أبي هريرة -رضى الله عنه- بإسناد في الصحيحين من أصح الأسانيد:
الاعتراض.
فيقولون: هذا حديث مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والدليل على كذبه أمور، اسمع لتعلم حجم الهجمة الشرسة، وكيف يلعبون بكلام النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
قالوا:
أولًا: يستبعد هذا من نبيٍ من أولي العزم أن يفقأ عيني ملك الموت.
ثانياً: كيف يتمكن موسى رضى الله عنه من فقأ عين ملك الموت ومعروف خلق الملائكة وعظم خلق الملائكة.
ثالثًا: هل موسى رضى الله -عنه يكره الموت؟ ومعلوم أن الصالحين لا يكرهون الموت.
رابعًا: أنه صعد إلى الله -عزوجل- وقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فكأن الله لا يعلم ذلك.
الرد على الاعتراض:
انظر إلى طريقة الاعتراض بهذه الطريقة يعترض على كلام الله في الوحي المنزل قال تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164]، وقال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِم} [العنكبوت: 13] يعترض بنفس الطريقة كيف يحملون أثقالًا مع أثقالهم؟، والله يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}؟ كلام الله المنزل يعترض عليه بنفس الطريقة أيضًا، فهلا قرءوا كلام أهل العلم في توجيه هذه الأحاديث، وأنه ليس فيها أي معنى منكر؟. موسى رضى الله -عنه كان جالسًا في بيته فإذا به يرى رجلًا داخل البيت، من أين دخل؟ لا طرق بابًا، والنوافذ مغلقة، ودخل هذا الرجل يقول له: أجب ربك، أجب ربك: أي سلم روحك، هذا معنى الكلام، أي يقتله يريد أن يقتله يريد أن ينتزع روحه، فدفع الصائل مشروع، أي رجل يدخل عليك ليقتلك فقاومه حتى لو أدى ذلك إلى قتله
الجواب الأول: فعندما يقول له: أجب ربك، ففعل موسى ما ذكره نبينا من فقأ عين الناظر في بيت غير بيته بغير إذن فقأ عينيه، وهذا حد شرعي له، صعد إلى الله قال: «إنك أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت»، رد عينيه ونزل فقال له: أجب ربك، لماذا لم يفقأ عينيه في هذه المرة؟ فقأ عينه في المرة الأولى المرأة الثانية لم يفقأ عينيه، لماذا؟ لأن ملك الموت كان يأتي الأنبياء عيانًا كما رواه الإمام أحمد في مسنده بسندٍ صحيح في هذه القصة أيضًا، فلما أراد الله أن يبتلي موسى نزل ملك الموت هذه المرة بغير صورته التي يعرفها موسى فلذلك فقأ عينه، فعندما رد الله -عزوجل- عليه عينه ونزل بصورته التي يعرفها موسى لم يفقأ عينه وعلم أن الأولى كانت اختبارًا وامتحانًا لذلك لم يفقأ عينه، هذا جواب.
الجواب الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لم يقبض نبي حتى يخير» يخيره الله -عزوجل -بين الدنيا وبين الآخرة، كما رواه أبو سعيد الخدري في الصحيحين قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم-صعد المنبر يومًا فقال: «إن عبدًا خيره الله بين زهرة الحياة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده» فبكى أبو بكر، وقال: نفديك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، قال: فتعجبنا لهذا الشيخ لِمَ يبكي؟، وكان أبو بكر أعلمنا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخير خيره الله بين ما عنده وبين زهرة الحياة الدنيا، فاختار ما عنده.
فكل نبيٍ يخير ما بين أن يلقى الله وما بين أن يعيش يختار أن يلقى الله، ولذلك في آخر الحديث عندما قال: «أي ربي، ثم ماذا؟ قال: الموت، قال: فالآن » حينئذٍ خُير أنه يعيش بعدد سنوات شعر العجل أو أنه يلقى الله، فلما خُير وعلم أن ذلك من عند الله اختار ما عند الله، فعندما نزل عليه ملك الموت بغير صورته المعهودة وقال: أجب ربك أي سلم روحك، ولم يسبق أن نزلت علامة، أو علم موسى إن في علامة فظن أن هذا مفتري فعاقبه بفقأ عينه، ولذلك لم يفقأ عينه في المرة الثانية.
أبو إسحاق الحويني
أحد الدعاة المتميزين ومن علماء الحديث وقد طلب العلم على الشيخ الألباني رحمه الله
- التصنيف:
- المصدر: