القناعة مفهومها منافعها الطريق إليها - (5) تربيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أهله على القناعة

منذ 2019-07-28

«عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب؛ ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا. فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك؛ وإذا شبعت شكرتك وحمدتك».

تربيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أهله على القناعة: لقد ربى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أهله على القناعة بعد أن اختار أزواجه البقاء معه، والصبر على القلة، والزهد في الدنيا حينما خيرهن بين الإمساك على ذلك أو الفراق والتمتع بالدنيا كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29]
فاخترن- رضي الله عنهن- الآخرة، وصبرن على لأواء الدنيا، وضعف الحال، وقلة المال طمعًا في الأجر الجزيل من الله- تعالى - ومن صور تلك القلة الزهد إضافة لما سبق:

 

 

أ- ما روت عائشة - رضي الله عنها- قالت: «ما أكل آل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر».
ب- وعنها- رضي الله عنها- قالت: «ما شبع آل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم من خبز وشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم».


ولم يقتصر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في تربيته تلك على نسائه بل حتى أولاده رباهم على القناعة «فقد أتاه سبي مرة، فشكت إليه فاطمة - رضي الله عنها- ما تلقى من خدمة البيت، وطلبت منه خادمًا يكفيها مؤنة بيتها، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها، وقال: " «لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع».
ولم يكن هذا المسلك من القناعة إلا اختيارا منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وزهدًا، في الدنيا، وإيثارًا للآخرة.


نعم! إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رفض الدنيا بعد أن عرضت عليه، وأباها بعد أن منحها. وما أعطاه الله من المال سلطه على هلكته في الحق، وعصب على بطنه الحجارة من الجوع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال عليه الصلاة والسلام: «عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب؛ ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا. فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك؛ وإذا شبعت شكرتك وحمدتك».

المقال السابق
(4) قناعته صلَّى اللهُ عليه وسلّم في فراشه
المقال التالي
(6) أسباب تحول دون القناعة