أبو بكر الصديق - (32) مصدر التشريع في دولة الصديق
فمصدر التشريع عند الصديق: القرآن الكريم،قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}. فهو المصدر الأول الذي يشتمل على جميع الأحكام الشرعية التي تتعلق بشئون الحياة، كما يتضمن مبادئ أساسية وأحكاما قاطعة لإصلاح كل شعبة من شعب الحياة
قال أبو بكر: أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم،
فمصدر التشريع عند الصديق:
أ- القرآن الكريم:
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105].
فهو المصدر الأول الذي يشتمل على جميع الأحكام الشرعية التي تتعلق بشئون الحياة، كما يتضمن مبادئ أساسية وأحكاما قاطعة لإصلاح كل شعبة من شعب الحياة، كما بين القرآن الكريم للمسلمين كل ما يحتاجون إليه من أسس تقوم عليها دولتهم.
ب- السنة المطهرة:
هي المصدر الثاني الذي يستمد منه الدستور الإسلامي أصوله، ومن خلالها يمكن معرفة الصيغ التنفيذية والتطبيقية لأحكام القرآن .
إن دولة الصديق خضعت للشريعة، وأصبحت سيادة الشريعة الإسلامية فيها فوق كل تشريع وفوق كل قانون، وأعطيت لنا صورة مضيئة مشرقة على أن الدولة الإسلامية دولة شريعة، خاضعة بكل أجهزتها لأحكام هذه الشريعة، والحاكم فيها مقيد بأحكامها لا يتقدم ولا يتأخر عنها.
ففي دولة الصديق وفي مجتمع الصحابة، الشريعة فوق الجميع يخضع لها الحاكم والمحكوم، ولهذا قيد الصديق طاعته التي طلبها من الأمة بطاعة الله ورسوله؛
لأن رسول الله قال: «لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف».
3- حق الأمة في مراقبة الحاكم ومحاسبته:
قال أبو بكر: فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني.
فهذا الصديق يقر بحق الأمة وأفرادها في الرقابة على أعماله ومحاسبته عليها؛ بل وفي مقاومته لمنع كل منكر يرتكبه، وإلزامه بما يعتبرونه الطريق الصحيح والسلوك الشرعي، وقد أقر الصديق في بداية خطابه للأمة أن كل حاكم معرض للخطأ والمحاسبة، وأنه لا يستمد سلطته من أي امتياز شخصي يجعل له أفضلية على غيره؛ لأن عهد الرسالات والرسل المعصومين قد انتهى، وأن آخر رسول كان يتلقى الوحي انتقل إلى جوار ربه، وقد كانت له سلطة دينية مستمدة من عصمته كنبي ومن صفته كرسول يتلقى التوجيه من السماء، ولكن هذه العصمة قد انتهت بوفاته، وبعد وفاته أصبح الحكم والسلطة مستمدة من عقد البيعة وتفويض الأمة له.
إن الأمة في فقه أبي بكر لها إدارة حية واعية لها القدرة على المناصرة والمناصحة والمتابعة والتقويم، فالواجب على الرعية نُصرة الإمام الحاكم بما أنزل الله ومعاضدته ومناصرته في أمور الدين والجهاد، ومن نصرة الإمام ألا يهان، ومن معاضدته أن يُحترم وأن يُكرم، فقوامته على الأمة وقيادته لها لإعلاء كلمة الله تستوجب إجلاله وإكرامه وتبجيله، إجلالاً وإكرامًا لشرع الله الذي ينافح عند ويدافع عنه، قال رسول الله: «إن من إجلال الله تعالى: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير المغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط». والأمة واجب عليها أن تناصح ولاة أمورها، قال: «الدين النصيحة» -ثلاثا- قال الصحابة: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله -عز وجل- ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
ولقد استقر في مفهوم الصحابة أن بقاء الأمة على الاستقامة رهن باستقامة ولاتها، ولذلك كان من واجبات الرعية تجاه حكامهم نصحهم وتقويمهم.
ولقد أخذت الدولة الحديثة تلك السياسة الرائدة للصديق، وترجمت ذلك إلى لجان متخصصة ومجالس شورية، تمد الحاكم بالخطط، وتزوده بالمعلومات، وتشير عليه بما يحسن أن يقرره.
والشيء المحزن أن كثيرًا من الدول الإسلامية تعرض عن هذا النظام الحكيم، فعظم مصيبتها في تسلط الحكام وجبروتهم، والتخلف الذي يعم معظم ديار المسلمين ما هو إلا نتيجة لتسلط بغيض، «ودكتاتورية» لعينة أماتت في الأمة روح التناصح والشجاعة، وبذرت فيها وزرعت بها الجبن والفزع إلا من رحم ربي، وأما الأمة التي تقوم بدورها في مراقبة الحاكم ومناصحته وتأخذ بأسباب القوة والتمكين في الأرض، فتنطلق إلى آفاق الدنيا تبلغ دعوة الله.
- التصنيف:
- المصدر: