إضاءات في طريق الدعاة

منذ 2019-12-14

♦️ نحن في زمن الحظوظ و غلبة الرغبات الشخصية، فما أعظم أن يبذل الداعية دون أن ينتظر من أحد عوضا، أو يرجو من مخلوق مغنما....، لأن من مقتضيات الإيمان أن المقابل لن يأتيه إلا من الله وحده..


♦ ️تجارب الدعاة الأوائل، و مشاريع المتقدمين للتبشير بالإسلام تبقى جديرة بالإشادة و التقدير، فسائقهم الذي لم يتخلف، - في طريق الدعوة - هو حبهم لله والوجل منه، أما مراكبهم فكانت مطايا من الصبر و التجشم....، راجين من وراء ذلك كله النظر إلى وجه الله الكريم، و مجاورة ساكن الفردوس الأعلى النبي الأمين عليه الصلاة والسلام.
♦ اليوم ️هناك ضغط رهيب على الأخلاق الفاضلة أكثر مما مضى، لإفراغها من المشاعر الإيمانية والقيم الفطرية....، إنه عمل متواصل لمحو كل أثر إيماني و إنساني بثته فيها مواكب الرسل و الأنبياء والمصلحين.
♦️ نحن في زمن الحظوظ و غلبة الرغبات الشخصية، فما أعظم أن يبذل الداعية دون أن ينتظر من أحد عوضا، أو يرجو من مخلوق مغنما....، لأن من مقتضيات الإيمان أن المقابل لن يأتيه إلا من الله وحده..
♦️ إن المدى الذي يدعو فيه الدعاة إلى الحق يطول و يطول...، لكن بقدر اللحظات التي يتمثلون فيها أخلاق الإسلام و قيم الإنسانية. فإن هم انسلخوا منها، فإن الدعوة تنسلخ عنهم بالمقابل، و تلك سنة الله في الذين خلوا من قبل.
♦ و يبقى مصير انتشار الدعوة رهين بما عليه أحوال حملتها أولا وقبل أي شىء آخر، و مقيد بمدى الإيمان الذي يعمر أفئدتهم، والأخلاق التي تنشأ عنهم...
♦ ️الدعوة إلى الله تفتقر قبل كل شيء إلى حرارة الإيمان الذي يلهب نشاطها، و إلى التبتل بين يدي الله ليوقد حيويتها، ثم إلى الأخلاق التي تضع لها بين الناس الرضى و القبول، أما و أن يكون المرء دون ذلك، فدعوته ستبقى مجرد صيحات في الفلوات...
♦ ️ما قيمة دعوة لا تقوم على إيمان، ولا تسيجها قيم و أخلاق. ؟؟؟
بل ما الفائدة منها أصلا !!.
نعم ما قيمة الدعوة إلى الله، إذا كانت بلا إخلاص و دون تقوى، و بلا مجاهدة نفسية...، حسبها أن تكون دعوى لا دعوة.
♦ مما يذكر أن من فرائض الدعوة إلى الله اليوم أن يتقن الرساليون لغات الغير، و يتفننوا في عرضها بأفصح الكلمات و أنسب العبارات...، و دون جدال فاكتساب لغة عالمية أمر مطلوب، و الحاجة اليها ملحة، و لكن ماجدوى هذه اللغة حين تفرغ حركة الداعية من مكارم الأخلاق و فضائل الأعمال..
بيئة الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة هي أخصب بيئة بلا منازع لانتشار الدعوة إلى الله و ازدهارها.
♦ ️خصوم الإنسانية اليوم جادون في طمس الأخلاق وإماتة الضمير و تشويه الغريزة...، فمن هم الأقدر بين الناس على إبراز شأن القيم من جديد، و إعادة الحياة إلى ضمير الإنسانية، و توجيه الغريزة باتجاه مصارفها الفطرية...؟؟،
أليس هم الدعاة الربانيون.
♦ الأخلاق المادية - لا الروحية - هي أظهر سمة للزمن الحالي، فالأكثرية منتشية بالقيم العدمية للمادة، غير مبالية بالخسائر الروحية التي تئن الإنسانية جراءها...، لكن المستغرب هو هذا الإنبهار الذي أسر قلوب البعض ممن يحمل لواء البلاغ وراية الدين، ويرجَّى فيه فك آصار المادة عن قلوب وعقول الناس...!!! للأسف
♦ ️إن رسالة البلاغ منذ شرعت هي التي تحدد لحاملها طريقته في الحياة، وتضع هدفا لدنياه، أما و أن يستسلم للأنانية و يختار الأثرة، فذاك سبيل الفردانية لا سبيل الدعوة إلى الله.
♦️ الفرق بين الدعوة الصورية و الدعوة الأصيلة، أن حملة الأخيرة رقيقة قلوبهم، مخبثة أفئدئتهم، مشاعرهم تفيض إشفاقا على من سواهم، وفكرهم مهموم بهداية غيرهم....، أما الصوريون لا يملكون من هذه الأحوال قطميرا..
♦️ من سنن الحياة، أن تنزل الإبتلاءات بالدعاة بين الفينة و الأخرى، ليظهر جوهرهم و ينجلي معدنهم، و مهما عظمت، لا يلبث أثرها أن يتلاشى بمرور اللحظات.

فلم الريبة في موعود الله، و اهتزاز الثقة في نصر الله، لم خبت جذوة إيمانهم بقضاء الله وقدره ؟!، والله يقول{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا  إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }[الشرح/5-6] .
♦ من الواجب ألا تفتر حناجر الدعاة - ماداموا أحياء - عن الصدح في الناس أنهم لن يجدوا أحنى عليهم، و لا أبرّ بهم من خالقهم و سيدهم عز وجل.
♦️ خطوط الدعوة إلى الله تسير متقاربة غير متباعدة، متوازية غير متقاطعة...، فلا تغفل عن أهلك و جيرانك..، و عن إخوانك و أصدقاءك.....، و أبدأ بالأقرب فالأقرب، لأنهم الأولى..
♦️ إن الشغف بالدنيا من أقوى سهام الفتك بكيان الدعوة إلى الله، و هو الأمر الذي يشجعه خصوم الدين و أعداء الإنسانية، هَمُّهم أن يصير الجميع دون استثناء مغفلا ذو شهوات نزقة و طائشة...، لا غير.
♦️ لا يستقيم أمر التوحيد إلى بحب الواحد الأحد سبحانه، ولا يكمل إيمان العبد الإ بمحبة محمد صلى الله عليه وسلم

والدعوة أساسها الحب...، ولن تصل الرسالة المحمدية إلى القلوب الإ عن طريق الحب.

بنداود رضواني

حاصل على شهادة الدكتوراة في الفكر الإسلامي ومقارنة الأديان