عالم السوء
لكنه - وبئس ما فعل - أعرض عن ذلك كله ، وآثر الدنيا ومتاعها الزائل القليل على الآخرة ونعيمها الباقي المقيم ، فحرف الدين ، وتلاعب بالشريعة ، وضلل الناس ، ولبس الحق بالباطل
ليس أسوأ مثلا ، ولا أخس حالا ، ولا أخسر صفقة من عالم السوء .
ذاك الذي رزقه الله شيئا من المعرفة بدينه ، وطرفا من الفهم لكتابه ، وقبسة من حلاوة الاشتغال بعلوم الملة وفنون الشريعة ، لكنه - وبئس ما فعل - أعرض عن ذلك كله ، وآثر الدنيا ومتاعها الزائل القليل على الآخرة ونعيمها الباقي المقيم ، فحرف الدين ، وتلاعب بالشريعة ، وضلل الناس ، ولبس الحق بالباطل ، وباع دينه بدنيا غيره .
فلا دينه حفظ وأبقى ، ولا الدنيا دامت له .
وقد ضرب الله لعالم السوء هذا في القرآن مثلا لا أشد منه في كتاب الله ، حيث شبهه بالكلب اللاهث في كل أحواله ، فقال سبحانه ( {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون } )
وفي قوله تعالى ( {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ } ) دليل على " أن الرفعة عند الله ليست بمجرد العلم فإن هذا كان من العلماء، وإنما هي باتباع الحق وإيثاره، وقصد مرضاة الله. فإن هذا كان من أعلم أهل زمانه. ولم يرفعه الله بعلمه، ولم ينفعه به. نعوذ بالله من علم لا ينفع" التفسير القيم لابن القيم
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: