الحج منافع وثمرات 2-3
يوم يجمع الله عز وجل الأولين والآخرين في صعيد واحد يستوعبهم البصر ويُسمعهم الداعي كلهم يخشى ذنوبه وغدراته ويدور فى نفوسهم جميعا شئ واحد هو أن ينظر الله إليهم بعين الرحمة والقبول والرضا..
ومنذ ذلك الحين والبيت الحرام لا ينقطع عنه الزوار ولا العمار ولا الحجاج
على مدار الساعة ترى الطائفين والعاكفين والقائمين والركع السجود يأتون البيت الحرام على أمل ان يرجعوا إلى بلادهم وقد أصابوا من المنافع التى وعدهم الله بها يوم قال ( {ليشهدوا منافع لهم} )
منافع الحج كثيرة وعظيمة يراها المسلم ويشعر بها في كل منسك من مناسك الحج ..
من اللحظة الأولى :
التي يغادر فيها الحاج بيته يودع أهله وعشيرته وماله وحاله معتمداً على الله عز وجل قد ولى وجهه شطر بيت الله الحرام وقد انقطع من كل شيء سوى الله سبحانه وتعالى تجرد من كل ما يملك يفارق كل ما عنده من نعيم الدنيا حتى ثيابه المعتادة ليرتدي ثياباً خشنة تشبه الأكفان وكأنه يريد أن يتذكر ساعة الموت والفراق يوم يلف بهذه اللفائف لا يخرج من الدنيا الا بها مع عمله الذى كان يعمله فى دنياه وهذه من اعظم فوائد الحج ومنافعه ان تذكر الموت وتذكر لقاء الله عز وجل .. من خرج من حجه بهذه الفائدة فقد فاز .
فذكر الموت دواء يداوى قسوة القلب ذكر الموت يدفع الى الخيرات ويصرف عن المنكرات وهذا ما قاله النبى صَلى الله عَلَيه وسَلَّم ( «أكثروا من ذكر هادم اللذات قيل وما هادم اللذات يا رسول الله قال الموت» )
تجرد الحاج من كل ألوان النعيم الدنيوى ثم وقف عند البيت معه وحوله الملايين فى مشهد مهيب يصور لنا ويرسم صورة مصغرة للموقف العظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين
يوم يجمع الله عز وجل الأولين والآخرين في صعيد واحد يستوعبهم البصر ويُسمعهم الداعي كلهم يخشى ذنوبه وغدراته ويدور فى نفوسهم جميعا شئ واحد هو أن ينظر الله إليهم بعين الرحمة والقبول والرضا..
وهذه من أعظم فوائد الحج (ذكر الآخرة)
فذكر الآخرة حصن أمان يحميك من أن تجهل أو تظلم أو تفتري على عباد الله فأمامك يوم القصاص يقتص الله تعالى فيه للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ثم يقال لهما كونا ترابا ..
يقول جابر بن عبد الله :
بلغني حديث عن رجل سمعه من النبي صَلى الله عَلَيه وسَلَّم فاشتريت بعيًرا ثم شددت عليه رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس رضي الله عنه فقلت لمن بالباب قل لعبد الله بن أنيس جابر على الباب فدخل فبلغه فقال جابر ابن عبد الله ؟ قال نعم ..
فخرج عبد الله بن أنيس إلي الباب يطأ ثوبه فاعتنق جابر واعتنقه جابر فقال بلغني عنك أنك سمعته حديثًا من رسول الله صَلى الله عَلَيه وسَلَّم في القصاص فخشيت أن أموت أنا أو تموت أنت قبل أن أسمعه منك , فقال سمعت رسول الله صَلى الله عَلَيه وسَلَّم يقول «يحشر العباد أو قال الناس عراة غرلا بهما , فقلت : وما بهم ؟ قال ليس معهم شيء فيناديهم أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة و لأحد من أهل النار عليه مظلمة حتى أقصه منه و لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار و لأحد من أهل الجنة عنده مظلمة حتى أقصه منه حتى اللطمة قال : قلنا كيف و إنما نأتي الله عز و جل عراة حفاة غرلا بهما ؟ قال بالحسنات و السيئات» ..
ثم ان من فوائد الحج أن يتذكر الإنسان الغاية التى من اجلها خلق وهى أن يعيش الحياة على أساس انه عبد لله وحده ( {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} )
هو عند البيت يقبل الحجر وهو يعلم انه حجر أصم لا يضر ولا ينفع هو يطوف بالبيت سبعا ويسعى بين الصفا والمروة سبعا ويقف هنا ويبيت هناك ويرمى الجمار وياتى المناسك كلها ليعلن بلسان حاله ومقاله انه عبد لله نودى فلبى وأمر فسمع وأطاع بحب ورضا وإخلاص ..
( {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} )
يتبع : الحج منافع وثمرات 3/3
محمد سيد حسين عبد الواحد
إمام وخطيب ومدرس أول.
- التصنيف: