في حجة الوداع
فبأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، كم تعب وعانى في حضره وسفره ، وحله وترحاله ، وجهاده ودعوته ، وهو الكريم على ربه ، ولو شاء لكان ملكا رسولا ، ولتحولت له بطحاء مكة ذهبا
في حجة الوداع :
مكث النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أيام في الطريق من المدينة النبوية إلى مكة المكرمة ، حيث خرج من المدينة في الخامس والعشرين من ذي القعدة ، ووصل مكة في الرابع من ذي الحجة .
وهو صلى الله عليه وسلم في كل تلك الأيام على ظهر بعير في طريق صحراوي ، شحيح الماء ، قليل الزرع ، شديد الحر، يصيبه نصب الطريق ، ووعثاء السفر ، وليس على راحلته سوى رحل رث ، وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم ، وزاده وزاد أبي بكر تحمله زاملة واحدة .
وقد مرض صلى الله عليه وسلم في مسيره هذا ،واشتد به صداع الشقيقة ، فاحتجم وسط رأسه ، كما أصابه وجع في رجله فاحتجم على ظهر قدمه .
فبأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، كم تعب وعانى في حضره وسفره ، وحله وترحاله ، وجهاده ودعوته ، وهو الكريم على ربه ، ولو شاء لكان ملكا رسولا ، ولتحولت له بطحاء مكة ذهبا ، لكنه اختار أن يكون عبدا رسولا ، وأن يكون عيشه قوتا ، يجوع يوما فيصبر ، ويشبع يوما فيشكر ، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته ، ونشهد أنه بلغ ودعا ، وعلم وهدى ، وسدد وأرشد ، صلوات الله عليه وسلامه ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: